التاريخ والآثارمقالات

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثامن والأخير)

بقلم الكاتبة والباحثة الأثرية : ندى محمود غريب .

 

الأسرة السادسة والعشرون

وامتدت فى الفترة مابين (663 – 525 ق.م) ويطلق على عصر هذه الأسرة إسم “عصر النهضة” أو “العصر الصاوى”، وقد سبق أن أشرنا إلى عفو الملك آشور بانيبال عن الأمير نكاو وعودته إلى مصر ملكًا على سايس ، وقد عيّن إبنه بسماتيك أميرًا على أتريب (بنها) والذى حاول جمع السلطات فى يده بعد موت أبيه خاصة فى مصر السفلى والوسطى . ومصادرنا عن هذه الفترة تكاد تكون متوفرة خاصة وأن حضارة بلاد اليونان بدأت تظهر بقوة على مسرح الأحداث ، وقد كتب المؤرخون اليونان فى هذه الفترة عن حضارتهم وعن بلاد الشرق وهى معظمها تتفق مع ما جاء فى الآثار المصرية إلا فى بعض التفاصيل غير المؤثرة فى الأحداث . أما عن عدد ملوك هذه الأسرة فهم 6 ملوك حكموا حوالى 139 عامًا أولهم الملك “بسماتيك الأول” لكن مانيثون زاد عليهم 3 ملوك هم فى الحقيقة أمراء من الأسرة 24 فى سايس وهم (تف نخت الثانى – نيكاو با – نيكاو الأول)..

 

الملك بسماتيك الأول :- وبالرغم من كونه من أمراء الأسرة 24 إلا أنه رأس الأسرة 26 وذلك لأنه أعاد لمصر وحدتها بعد طرد الآشوريين ، فى حين يرى العالِم “بترى” أن سبب وضع بسماتيك على رأس أسرة جديدة هى الدماء الكوشية التى تجرى فى عروقه ، ودلّل على أن إسم بسماتيك إسمًا مصريًا خالصًا وقد أيّد بترى فى ذلك العالِم “بروكش” وآخرون وإن كان هناك من دلّل على أن هذا الإسم مصرى بحت ومعناه إبن المعبود مِتك وهو الإله المحلى لمقر الأسرة .. كان بسماتيك صديقًا ل”جيجيس” ملك ليديا (دويلة يونانية فى آسيا الصغرى) فأمده بجيشٍ من الإغريق بعتادهم ليساعده على طرد الآشوريين من مصر، ولعل السبب فى تلك المساعدة ترجع إلى العداء المشترك لآشور حيث كانت مصدر قلق للإقليم السورى وآسيا الصغيرى وكذلك مصر ..

واتجه بسماتيك بعد ذلك إلى الصعيد للإستحواذ على ثروات آمون فى طيبة ، فما كان من أميرها منتومحات إلا الإعتراف بسيادة بسماتيك ، كما أن الأميرة الكوشية إبنة بيعنخى الزوجة الإلهية لأمون قد إعترفت هى الأخرى بسيادته وتبنت إبنته “نيتوكريس” لتكون بعدها زوجة إلهية لأمون ، وبذلك ضمن بسماتيك السيادة الكاملة على مصر وكذلك إمتلاك ثروات آمون الهائلة .. وقد لجأ بسماتيح إلى إستحداث وظيفى للإشراف على الجنوب لضمان ولاء كهنة طيبة وعدم الإستعانة بالبيت المالك فى نباتا خاصة وأن الزوجة الإلهية كوشية الأصل ، ومن ثم قام بتعيين “نس ناو ياو” فى منصب حاكم الجنوب وكان من أخلص رجاله ، هكذا إستطاع الحد من سلطات منتومحات وكهنتة طيبة كما جعل لابنته حاشية كالملكات ..

كان بسماتيك عازمًا على إعادة الرخاء للبلاد وأن ينتشلها من الهوان والإضطرابات فقام بعدة إصلاحات حيث أنشأ أسطولاً وجيشًا أغلبه من المرتزقة الإغريق والكاريين والآسيويين ، وأصلح ماخُرب فى المعابد والمدن ، كما جرد حكام الأقاليم من كل إمتيازاتهم ولم يبق إلا وظائفهم التى يحق لهم توريثها تحت سلطانه فقط ، فضلاً عن أنه أغرى جنوده بإقطاعهم قطعًا من الأراضى الزراعية لشراء إخلاصهم .. وعلى الرغم من مجهوداته الضخمة لتحقيق الوحدة والرخاء والتى إستطاع تحقيقها بجدارة إلا أنه أساء التصرف بالإكثار من الجنود المرتزقة والتجار الأجانب مما أضعف الروح الحربية  والقومية عند المصريين وإبعادهم عن المناصب العليا فى الجيش فضلاً عن تكدس الثروات فى أيدى الأجانب ولم يستطع التجار المصريين مجاراتهم ، أما فى الفن فقد لجأ الفنانون لمحاكاة الماضى وفى هذا دلالة على الضعف وعدم الإبتكار ومخالفة سُنة الحياة فى التطور . ومات بسماتيك بعد أن حكم أكثر من 50 عامًا وتولى من بعده نيكاو الثانى ..

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثامن والأخير)

 

الملك نيكاو الثانى :- أراد أن يستعيد أمجاد مصر فى الشرق فاستغل هذه الظروف والصراع الدائر بين بابل وآشور ومحاولة بابل السيطرة على أملاك آشور فى سوريا وتأهب اليهود لمقاومته بقيادة “يوشيا” الذى قتل أثناء الصراع وخلفه إبنه “يهويقيم” الذى هزم وقبل سيادة مصر ودفع الجزية وتعويض ضخم وأبقا نيكاو على عرش أورشليم ، ثم واصل سيره إلى الفرات ولعله إنتصر وعاد إلى مصر لكنه توقف لتخليد ذكرى إنتصاره على صخور نهر الكلب ، وأثناء ذلك لحق به الجيش البابلى بقيادة “نبوخذ نصر” ودارت بينهما معركة نجح البابليون فى إيقاف طموح المصريين هكذا لم يبقى لمصر من نفوذ إلا على جنوب سوريا فقط .. عاد نيكاو بعد هذه الهزيمة إلى مصر من نفوذ إلا مصر محاولاً بناء أسطولين كبيرين كما ذكر هيرودوت أحدهما فى البحر المتوسط والآخر فى البحر الأحمر ، ومن أعماله أيضًا محاولة ربط البحرين الأبيض بالأحمر بالنيل بحفر قناة عند فرع النيل البوباسطى عند الزقازيق عبر وادى الطميلات ، حتى تصل إلى الإسماعيلية حاليًا وقد توقف المشروع بناء على نبوءة الإله بأنه ستجر على مصر الويلات ولن يستفيد منها إلا الأجانب ، وقد مات نيكاو الثانى بعد أن حكم قرابة الخمسة عشرة عامًا حاول خلاله الحفاظ على أمجاد مصر فى الخارج كما إهتم بشئون مصر الداخلية وحافظ على ماوصلت إلى البلاد من رخاء منذ أيام بسماتيك الأول ..

 

الملك بسماتيك الثانى :- وتولى بعد أبيه عرش مصر واستمر حكمه 7 سنوات وتتحدث إحدى لوحات خبيئة الكرنك عن حفل تتويج الأميرة والزوجة الإلهية لآمون لها ، بعد ذلك ذهب بسماتيك فى زيارة لمعبد آمون فى بيبلوس (جبيل) فى لبنان ولا ندرى لماذا ذهب إلى هناك وقد إستطاع الوصول بجيشه المؤلف من مرتزقة يونانيين وسوريين ويهود وبعض الوطنيين إلى الشلال السادس ، وقد ترك بعض الجنود الإغريق نقشًا تذكاريًا على ساق أحد تماثيل الملك رعمسيس الثانى أمام معبده بأبى سمبل .. وقد خلف بسماتيك الثانى إبنه الملك واح إيب رع “أبريس” والذى حاول الإستفادة من كل الظروف الداخلية والخارجية ، فاستغل الأسطول الذى كونه أبيه ، كما استغل إنشغال بابل فى صراعها على السلطة والسيادة فى الشرق الأدنى وثورات المدن السورية والفلسطينية ضدهما ، فخرج على رأس جيشه محاولاً الإستيلاء على مدن فلسطين وسوريا ولكنها قاومت وما إن سمعت بابل بذلك إلا وعاودت هجومها على جيش مصر . وكما ساءت الأحوال فى غرب آسيا ساءت كذلك فى مصر فقد حدثت ثورة عسكرية حيث فرت وحدات من الجيش المصرى إلى النوبة ، كما قامت أخرى إثر إرسال الملك لفرقة من الجيش أفرادها من المصريين لمعاونة أهل قورينة (مدينة ليبية) لكنها هزمت ومات معظمم فاعتقد الباقى أن الملك تعمد إرسالهم للتخلص منهم . فى ذلك الوقت تذمّر كهنة آمون لمشاركة المدنيين لهم فى المناصب بأمر الملك ، فأرسل أحد قواده وعلى صلة قرابة به وهو أحمس الثانى “أمازيس” ليقوم بتهدئة الثوار ويتفاوض معهم لكنهم إستمالوه وأعلنوه ملكًا ودارت المعارك بين أحمس وأبريس ..

 

الملك أحمس الثانى “أمازيس”:- وحكم حوالى 44 سنة يؤيد ذلك نقشًا له فى وادى الحمامات مؤرخًا لهذا العام ، وما إن وصل إلى عرش مصر حتى واجهته الصعوبات أهمها كان ذلك الصراع بين الإغريق والمصريين ، هؤلاء الذين إستحوذوا على المناصب فى الجيش وعلى إقتصاد البلاد عن طريق التجارة وإقامتهم فى البلاد بل والإمتيازات التى حصلوا عليها ، فما كان عليه إلا أن يتعامل مع هذا الوضع بحكمة حيث كان حسن الخلق حسن التصرف إمتاز ببعد نظره ومُقته للرجعية ، أفاض هيروردوت فى وصف صفاته وقال:”ملك ذكى وسياسى داهية وعربيد لطيف”، ومن ثم قام أمازيس باتخاذ عدة خطوات لإرضاء المصريين كانت أولها إحلال الجنود المصريين محل اليونانيين فى حاميات الحدود وتسكين اليونانيين فى مدينة منف دون تسريحهم ، كما جمع التجار اليونانيين فى مدينة نوكراتيس غرب الدلتا وأقاموا بها معابد وأسواق على الطريقة اليونانية ومن ثم اصبحت مركزًا تجاريًا هامًا بين مصر وبلاد اليونان . كذلك حصّن حدوده الغربية وأنشأ حاميات على الشاطئ والواحات وشجع على الإقامة فيها وبنى المعابد فى الواحات ، كما احتل أسطوله جزيرة قبرص إستعدادًا لأى هجوم بابلى ، أيضًا عقد تحالف مع ملك ليديا أحد أعداء بابل ، كما تزوج من إبنة أمير قورينة وأنهى نزاعه معه ، وتزوج من أميرة كريتية .. بذلك تمكن أحمس من تحقيق الإستقرار لمصر فترة من الزمان ازدهرت فيها التجارة والحالة الإقتصادية بوجه عام وبدا ذلك واضحًا فيما تركه من آثار ..

الأسرة السادسة والعشرون
لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثامن والأخير)

 

الملك بسماتيك الثالث :- فى ذلك الوقت كان قورش (الملك الفارسى) قد استولى على نينوى وأسقط بابل ولم يتبق إلا مصر ، ثم مات أمازيس قبل أن تتعرض مصر لهذا الخطر ووقع عبء هذه الكارثة على عاتق بسماتيك الثالث ، ومن ثم استطاع قورش إعتلاء عرش فارس مؤسسًا الدولة الفارسية الأولى (الدولة الأخمينية) بعد أن أنهى حكم الماذنيين ، إلى أن مات هو الآخر ليخلفه إبنه “قمبيز” والذى أتم مابدأه أبوه فاستولى على الجزر اليونانية فى البحر المتوسط ثم توجه إلى مصر يرشده عميل من المرتزقة الإغريق وكذلك بعض اليهود إعترافًا بجميل أبيه عليهم عندما فكّ أسرهم فى بابل ، حتى وصل مصر ودارت معركة عند تل الفرما بين الفرس والمصريين هُزم فيها الجيش المصرى وفرً بسماتيك إلى منف ، واستمر الجيش الفارسى فى السير واستولى على منف فاستسلم المصريون وقد أكرم قمبيز الملك المصرى وأطلق صراحه لكن بسماتيك حاول تقليب المصريين والثورة عليه ، وعندما تمكن منه قمبيز قام بالإنتحار ..

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثامن والأخير)

 

 

الأسرات من 27 وحتى 30

(عصر الفوضى ونهاية التاريخ الفرعونى) 525 – 332ق.م

 

الأسرة السابعة والعشرون

الجدير بالذكر هنا أن أسماء الملوك فى هذه الأسرات الأخيرة من بعد الأسرة السادسة والعشرين ليست أسماء مصرية بل أسماء ليبية أو أخلاط ليبيين ومصريين

الملك قمبيز :- ويُعد مؤسس الأسرة 27 ونستسقى معلوماتنا عن غزو الفرس لمصر من خلال ماذكره هيرودوت ، أيضًا نقوش تمثال المدعو “وجا – حور – رسنت” والذى كان قائدًا للأسطول المصرى فى عهد الملك بسماتيك الثالث وهو من ساعد الفرس فى دخول مصر ، وبعد أن استقر الأمر لقمبيز شرع فى اتخاذ عدة خطوات لتوسيع ملكه وتأمين حدوده فى مصر فأعد جيشًُا كبيرًا وقسمه 3 أقسام على رأس كل قسم قائد كان هو أحد هؤلاء القادة ، فأرسل الأول على قورينه فى قرطاج ولكنه فشل إذ أنه لم يجد العون والإخلاص من جنده المرتزقة الفينيقيين ضد أبناء جنسهم وكانت هذه المدينة ذات ثراء عريض وشهرة تجارية كبيرة فى هذا الوقت . أما الجيش الثانى فقد أرسله إلى الواحات الخارجية وخاصة واحة سيوة والذى هلك بأكمله (تلك القصة المشهورة) دون أن يصل إلى هدفه فقد أراد إثبات عدم صحة ما وصله من نبوءة كهنة آمون فى سيوة من سوء مصيرقمبيز وسرعة رحيل الفرس عن مصر . أما الجيش الثالث فقد قاده بنفسه واتجه إلى كوش لضمها لأملاكه لكن جهوده باءت بالفشل أيضًا هذه المرة ولم يستطع قمبيز تحقيق ماكان يصبو إليه من الحصول على ذهب وثروات بلاد كوش . ويروى هيرودوت عن إصابة قمبيز بالجنون فى هذا الوقت إذ أنه فشل فشلاً ذريعًا فى خططه وهلك معظم جنده فضلاً عن سماعه أخبار ثورة فى فارس ومحاولة اللإستيلاء على العرش ، فعين واليًا فارسيًا على مصر يدعى “أرياندس” وبعدما مات خلفه الملك “دارا الأول”.

الأسرة السادسة والعشرون
لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثامن والأخير)

 

الملك دارا الأول :- ما إن سمع أرياندس بموت قمبيز حتى بدأ يظهر أطماعه فى الإستقلال بمصر وتوسيع نفوذه غربًا حتى برقة ، إلا أن تمكن دارا من إخضاع الثورات المصرية وقتل أرياندس ، وبعد أن إستقرت الأمور فى مصر أثبت دارا أنه ليس رجل حرب  فقط بل إداريًا فذًّا حيث رأى أن مانتهجه أبيه فى الإسراف فى القسوة والغلظة فى التعامل مع المصريين لن يجدى ، لذلك قام بإجراء بعض الإصلاحات ألا وهى :-

1- إعمال القانون المصرى وحكم مصر بشرائعها كما كانت فى عصر الأسرة 26، وجمع كل القوانين هذه وتدوينها باللغتين المصرة والمسمارية .

2- إلغاء قانون قمبيز الذى قضى بمصادرة معظم أملاك المعابد .

3- إصلاح ماتهدم من المعابد وإتمام معبد أمازيس بالواحات ، وتقديم القرابين للآلهة المصرية واحترامها مع مراعاة شعور المصريين .

4- سك عملة ذهبية لسهولة التبادلات التجارية .

5- الإهتمام بالطرق البرية والبحرية لتنشيط التجارة .

6- تقسيم مصر إداريًا وجعل على كل إدارة والى فارسى من أخلص رجاله .

وفى عام 486ق.م عمّت الثورة أرجاء الدلتا ضد الفرس مما أربك الجيش الفارسى والذى مُنيَ بهزيمة كبيرة عاد بعدها الملك دارا للإنتقام من المصريين فقد إستخدم أشد درجات العنف والقسوة وقرر القضاء على المصريين والإغريق ، لكنه مات فى العام التالى بعد أن حكم 36 عامًا ، وخلفه إبنه “إكسركسيس” وكان عنيفًا فنشر الإرهاب فى ربوع البلاد للقضاء على ثورات المصريين ، ثم خلفه إبنه “أرتاكركسيس الأول” أو كما يقال أرتاخشاشا ، ثم من بعده دارا الثانى ، ثم أرتاكركسيس الثانى ..

والجدير بالذكر أنه خلال حكم الفرس لمصر قامت عدة ثورات أثّرت وتأثرت بصراع الفرس مع اليونانيين ، كانت آخرهم بقيادة أمير يدعى “أمون حر” عام 445ق.م ، وهو إبن أحد القواد السابقين للثورات ، والذى طلب يد العون من أثينا مقابل القمح المصرى متناسيًا أن أثينا عقدت معاهدة صلح سابقة مع الفرس وقد تخلت من قبل عن أبيه ، وقد حصلت أثينا فعلاً عن القمح دون أن ترسل الأسطول لأمون  حر ، فلم يجد المصريين بُدًا من التخلى مؤقتًا عن الثورات . وانتهت هذه الأسرة بتحرير مصر من الفرس وما نعرفه هو أن ما بدأه اليهود من تقديم المساعدات للفرس فى غزوهم لمصربل وأثناء حربهم وإخمادهم للثورات المصرية المتتالية أدى إلى توجيه المصريون جُلّ غضبهم إلى يهود إليفنتين فهدموا معبدهم ونهبوا محتوياته لكن اليهود حاولوا ترميمه وطالبوا يهود المشرق القديم بتقديم المساعدة وحث الفرس على الموافقة على بناء المعبد وحمايته وعثر على هذه الرسائل فى خرائب إلفنتين ، وكما ذكرنا بالنسبة للملك أمون حر فكان قائد الثورة وقد أصبح ملكاً على مصر فى مطلع الأسرة 28 ..

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثامن والأخير)

 

 

الأسرة الثامنة والعشرون

الملك أمون حر :- ودانت له مصر بالسيادة واعتبروه منقذًا لهم ودام حكمه قرابة الست سنوات ، كما دلتنا بردية أرامية من إليفنتين بأنه هو المؤسس للأسرة 28 والملك الوحيد بها وكان مقر حكمه مدينة سايس (صاالحجر)، وفى نهاية حكمه عفى عن اليهود ثم مات وتولى فرع آخر من مدينة منديس إثر ثورة قام بها نفريتس ..

 

 

الأسرة التاسعة والعشرون

كان زعيم الثورة فى هذا الوقت هو نفريتس (نايف – عاو – رود) أمير منديس وبمجرد موت أمون حر تولى عرش مصر مؤسسًا أسرة جديدة ، دام حكمه أيضًا ست سنوات ترك آثارًا فى منف وغيرها من المدن ، وانحصرت سياسة هذا الملك الخارجية مع الفرس واليونان وحاول جاهدًا المحافظة على إستقلال مصر لذلك وضع يده مع ملك إسبرطة أثناء حربه الأخيره ضد الفرس ، وعاش مابقى من حياته بعيدًا عن هذا الصراع واكتفى بالإصلاحات الداخلية للبلاد ومات عام 393ق.م ..

الملك هكر “أكوريس”:- يرى بعض المؤرخين أنه بعد موت نفريتس تولى ملك آخر لمدة عام يسمى “باموتيس” لا يُعرف شيئًا من أخباره ، ولكن عندما تولى هكر أصلح الكثير من أمور البلاد الداخلية وشيد الآثار وأرسل البعثات لمحاجر طُرة والمعصرة ، وأضاف هياكل فى الكرنك وهابو والكاب وغيرهم . كما قام بالتحالف مع أثينا وإسبرطة ضد الفرس وقدم المساعدات التى أثقلت كاهل مصر . ثم تولى من بعد هكر الملك “بى – سا – موت” لمدة عام ثم الملك “نفريتس الثانى”  لمدة 4 لأشهر إلى أن انتقل الحكم لأسرة أخرى فى ظروف غامضة ..

الأسرة السادسة والعشرون
لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثامن والأخير)

 

 

الأسرة الثلاثون

الملك نخت – نب – إف الأول “نختنبو أو نقتانبو”:- يرجع حدوث ثورة فى مدينة سمنود إلى هذا الملك والذى تولى على أثرها عرش مصر وذلك بمساعدة كهنة صاالحجر لذلك خصص لهم عُشر الضرائب المقررة على تجار نيوكراتيس ، وهنا بدأت فارس تفكر مرة أخرى فى إستعادة ملكها الغابر فى مصر فكونت جيشًا من المرتزقة وتمكنوا من دخول الدلتا ولكن العناية الإلهية أنقذت مصر هذه المرة حيث حلّ الفيضان فهُزم الجيش الفارسى وعاد إلى بلاده . أما الملك نختنبو فترك العديد من الآثار فى صعيد مصر كما إنتهج مافعله الملك رعمسيس الثانى من كتابة إسمه على آثار سابقيه ..

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثامن والأخير)

 

الملك جد – حر “تيوس”:- وكان قد إشترك مع والده فترة فى الحكم وحاول إستعادة أمجاد مصر فى آسيا وسحق الفرس ، فحالف إسبرطة وكون جيشًا كلف مصر الكثير ، فألغى مخصصات الكهنة واستولى على ثروات المعابد ، وسار إلى آسيا تملؤه الثقة بالنصر ، وبالفعل كاد أن يسحق الفرس لولا أن تآمر أخيه عليه ليتولى العرش ..

الملك نخت – نب – إف الثانى :- وانصرف إلى تحسين الأمور الداخلية للبلاد فأعاد للكهنة إمتيازاتهم وأرضى المرتزقة بالهدايا وبدأ فى تشييد العمائر الدينية ، فكانت مصر فى بداية حكم هذا الملك تنعم بالسلام والرخاء ولكن بتولى “أرتاكسركسيس الثالث” عرش فارس سعى بغزو مصر مرة ثانية واستطاع بالفعل دخول منف ففر نختنبو الثانى إلى الصعيد واكتفى بحكمها هناك لمدة عامين إلى أن فتح الفرس مصر عام 341ق.م ..

 

الجدير بالذكر هنا أنه عندما رأى الإغريق أن كافة الأمور فى مصر تميل نحو الفرس تخلوا عن مصر ولكن إستمرت ثورات المصريين ضد الفرس بقيادة “خباشا” والذى إستطاع السيطرة على جزء من الدلتا فاعترفوا به ملكًا ، ولكن فى هذا الوقت بدأ جيش الإسكندر الأكبر فى الظهور متجههًا نحو مصر فانشغل به الفرس ، ومن ثم رحب المصريين بالإسكندر واعتبروه المنقذ من ويلات الفرس ودارت حروبه معهم إلى أن إستسلم له الوالى الفارسى . فكان الإسكندر على قدر كبير من الحكمة والدهاء مُظهرًا إحترامًا كبيرًا لعادات المصريين وديانتهم وتقاليدهم ومعبوداتهم ، فأمر بإصلاح المعابد وزاد فى أوقافها كما زار معبد آمون بسيوة وحمل لقب “ابن أمون” ثم أنشأ مدينته الشهيرة على ساحل البحر المتوسط على أطلال مدينة صغيرة تسمى راقودة (الإسكندرية)، بهذا تخلصت مصر من الفرس ودخلت فى مرحلة جديدة من الإحتلال الإغريقى ولكن مرحبين بهم إلا أن هؤلاء ليسوا كإغريق الماضى .

 

هكذا انتهت الحضارة المصرية العريقة .. وهنا تنتهى سلسلتنا المتواضعة فى وصف التاريخ المصرى القديم ..

دُمتم بخير

مصادر السلسة :-

د/ حمدى أحمد السروجى ، آثار العصر المتأخر ، جامعة طنطا .

د/ أمينة عبدالفتاح السودانى ، تاريخ مصر القديم (منذ عصر الإنتقال الثانى حتى نهاية العصر المتأخر)، جامعة طنطا .

د/ أمين عبدالفتاح عامر ، تاريخ مصر الفرعونية ، جامعة طنطا .

 

إقرأ أيضًا :-

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء السابع)

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء السادس)

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الخامس)

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الرابع)

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثالث)

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثانى)

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الأول)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا