مقالاتالتاريخ والآثار

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثانى)

بقلم الكاتبة والباحثة الأثرية: ندى محمود غريب .

 

نستكمل سطورنا بعد إنتهاء الدهور الحجرية وبداية معرفة المصرى القديم الكتابة ومن ثم نقش وتدوين كل مايصادفه ، ومن هنا أمكننا التعرف على ملامح حضارتنا ..

ممالك فجر التاريخ
لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثانى)

فخلال ممالك فجر التاريخ :-

حاول كل من كورت زيته وألكسندر موريه وإدوارد ماير وجيمس هنرى بريستد إكمال المراحل المحتملة لتطور الحياة الإجتماعية والسياسية فى فجر التاريخ بإفتراض نحو تسع مراحل أفضت فى نهاية أمرها إلى توحيد مصر فى مملكة مستقرة واحدة ، واستعانوا فى تصوير هذه المراحل بما دلّت عليه نقوش الصلايات ومقامع القتال ، وما دلّت عليه رموز الأقاليم المصرية وشعاراتها ، وما تضمنته القصص والأساطير الدينية والأدبية فى عصورها التاريخية ، وما تضمنته نصوص الأهرام من تلميحات بعيدة وعقائد عتيقة وأسماء زالت مسمياتها قبل تدوين أخبارها بآماد طويلة ، ثم ماجاءت به قوائم الملوك التى حاول كتبة العصور التاريخية أن يسجلوا فيها تاريخ حكامهم القدماء بأسلوبهم الخاص ، وما دلّت عليه الألقاب التقليدية التى توارثها الملوك المصريون منذ بداية عصورهم التاريخية .

ممالك فجر التاريخ
لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثانى)

وبدأت أقاليم الوجه البحرى نضجها السياسى منذ تجمع أغلبها فى مملكتين محليتين خلال مرحلة قديمة من مراحل ما قبل الأسرات ، مملكة فى شرق الدلتا قامت فى إقليم عِنجة واتخذت عاصمتها فى مدينة سميت بإسم إقليمها نفسه قرب سمنود الحالية وجعلت لوائها على هيئة الحربة وقدّست معبودها الأكبر “عنجتى” ، ومملكة أخرى فى غرب الدلتا إتخذت عاصمتها فى مدينة قامت على أطلالها مدينة دمنهور الحالية وقدّست ربها الأكبر “حور” ورمزت إليه بهيئة الصقر .. وتمت الخطوة السياسية الثانية فيما يرجح حتى الآن باتحاد مملكتى الدلتا فى مملكة واحدة إتخذ حكامها عاصمتهم فى مدينة ساو والتى كتبت فى القبطية سايس ثم قامت على أطلالها قرية صاالحجر الحالية فى غرب الدلتا واعتبر أولئك الحكام المعبودة “نيت” حامية لهم باعتبارها من رعاة الحرب والبأس .. وقامت الخطوة الثالثة فى الصعيد معاصرة للخطوة الثانية فى الدلتا ، فاجتمع شمل أكبر أقاليم الصعيد تحت زعامة مدينة نبت وهى طوخ الحالية التابعة لقنا ، واعترف الصعيد بزعامة ربهم “ست” واعتبروه من أرباب السماء والأمطار فيهز الأرض ويرسل العواصف .. واتصلت أسباب التبادل التجارى بين المملكتين ودلّ عليها وجود أدوات تجمع بين خصائص حضارتيهما .

ممالك فجر التاريخ
لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثانى)

وهنا دعونا نبدأ بتاريخ أسرات مصر الفرعونية 

العصر العتيق

وضم الأسرتين الأولى والثانية ، وهنا إختلف العلماء حول تسمية هذا العصر ، فالبعض أطلق عليه “العصر الثينى” نسبة إلى “ثني” مسقط رأس الأسرة الأولى .. وهو عصر بشّر ببدايته إصرار زعمائه الأوائل على تحقيق المركزية السياسية الكاملة فى وطنهم ، ونجاح أعوانهم فى إبتداع علامات كتابية كان لابد منها لإقامة حكومة نظامية مستقرة ، كما تم وضع أسس الحكم وتقاليد الملكية والإدارات الحكومية ، مما ترتب على ذلك تحقيق وحدة البلاد فى كيان واحد والذى أدى إلى الإستقرار السياسى فى الداخل والخارج ، لذلك مثّل هذا العصر فترة مهمة جدًا فى تاريخ مصر القديمة .

 

الأسرة الأولى :-

وامتدت مابين (3150 – 2925 ق.م ) وملوكها ( حور عحاجروادجىدنعدج إيبسمرختقاعا )، ونسبت معظم أعمال هذه الأسرة إلى الملك “حور عحا” والذى إختلفت الآراء حوله ، هل هو نفسه “مينا نعرمر” ؟، أم هو “مِني” ؟، وإن كانا شخصًا واحدًا ، إذًاً هو مؤسس مدينة “منف” التى أقام بها عاصمته ، وبالتالى فإن عحا هو نعرمر هو مِني ..
ولقد بذل ملوك الأسرة الأوائل جهودًا جبارة من أجل توحيد البلاد ، لعل أهمها تلك التى قام بها الملك “عقرب” والملك “نعرمر” ، وشهدت آثارهم على ذلك ، حيث نرى علي مقمعة الملك عقرب والتى عثر عليها فى هيراكونبوليس ، مناظره والتى تصوره منتصرًا على سكان الدلتا وهذا يعنى أنه جاء من الصعيد ، أما الملك “نعرمر” فجميعنا نعرف صلايته الشهيرة والتى صور عليها مرتديًا تاج الشمال الأحمر على وجه ، وعلى الوجه الآخر يرتدي تاج الجنوب الأبيض وهو يستعرض القتلى مقطوعى الرأس ومكتوفى الأيدى ، وقد دُوّن إسمه داخل إطار القصر الملكى (سرخ) محاطًا بالمعبودة حتحور ، وتعد هذه الصلاية أول وثيقة مكتوبة فى مصر تبرز قصة التوحيد والإتحاد بين المملكتين وتمجيد القمى الإلهية الكامنة فى الملك سواء على هيئته الإنسانية أو على هيئة الثور القوى أو الصقر حورس .

ممالك فجر التاريخ
لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثانى)
الأسرة الثانية :-

وامتدت فى الفترة ( 2925 – 2700 ق.م ) وملوكها ( حوتب سخموىنب رعنى نثرونجسندجبرايب سنسخم إيبخع سخم )، وقامت هذه الأسرة أيضًا فى منف ..

فبعد وفاة “سمرخت” خلفه إبنه “قاعا” ولم تحدث أى مصادمات تدعو لقيام أسرة جديدة ، وكان ملوك هذه الأسرة من أنصار الإله رع (معبودالشمس) ، ودُفن ملوكها الثلاث الأوائل فى سقارة ، وبدايةً من الملك “ونج” أصبحت سلطة هؤلاء الملوك محدودة ولم تخرج عن خير منطقة منف .. ثم أصبحت العلاقات تتدهور بين الشمال والجنوب ، ومن المحتمل أن يكون الجنوب قد حصل على إستقلاله مما أدى إلى جعل المعبود “ست” هو الإله الحامى ، وأن مملكة الجنوب على أقل تقدير لم تعترف بشرعية حكم ملوك منف .. وعلى كل حال فبمجرد تولى الملك “خع سخم” العرش تغيرت الأمور حيث أعاد للبلاد وحدتها وهذا ما عكسته تماثيله والتى ظهر فيها تارةً مرتديًا تاج الجنوب وتارةً أخرى مرتديًا تاج الشمال ، ومن المحتمل أن يكون هو الذى غير إسمه إلى “خع سخموى” أى موحد القوتين ..
وبالنسبة للأحداث السياسية الخاصة بهذا العصر فتتلخص فى هجوم الليبيين على الدلتا فى عهد الملك “نى نثر” إلى أن جاء الملك “خع سخم” ونجحت جهوده فى طردهم .. كما إرتبطت بين مصر وسوريا وفلسطين علاقات ودية تجارية وهذا ما أكدته الأدوات الظرانية ، كما نشأت بين مصر وبلاد الرافدين علاقات تجارية تم الإستدلال عليها من خلال بعض الأوانى الفخارية والأختام الأسطوانية .

يُتبع..

إقرأ أيضاً:-

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الأول)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا