التاريخ والآثارمقالات

علوم المصريين القدماء “أسرار الحضور والإختفاء”

بقلم المرشدة السياحية : رنا إسماعيل الصيرفى

 

اجتهد العلماء كثيراً ولا يزالون فى محاولتهم تقديم أسباب ومبررات، وقد كان آخر تلك الأصوات مجموعة من العلماء الروس الذين ذهبوا إلى أن سبب إنتهاء الحضارة المصرية القديمة كان ثوراناً بركانياً أدى إلى تغيير المناخ العالمى، ما تسبب فى إنخفاض منسوب المياه فى النيل ..

ووفقاً للعلماء فإن الإنفجارات الشمسية نتجت عنها جزئيات متناثرة فى الهواء أدت إلى عكس أشعة الشمس على الغلاف الجوى للأرض مما أثّر فى تغيير توزيع الحرارة والأمطار فى جميع أنحاء الأرض، وبالرجوع إلى دفاتر التاريخ ، نجد أنه بالفعل حدثت تلك الإنفجارات عام 44 قبل الميلاد، أى فى عهد الملكة كليوباترا ، لكن هل هذا هو بالفعل السبب الحقيقى لإندثار الحضارة الفرعونية أم أن هناك دوراً آخر خفياً موصولاً بغياب علوم الفراعنة التى كانت السبب الرئيس فى نشوء وارتقاء تلك الحضارة ؟؟

الحضارة المصرية القديمة
علوم المصريين القدماء “أسرار الحضور والإختفاء”

عن العلوم فى مصر الفرعونية 

  • يحتاج الحديث عن العلوم فى مصر القديمة إلى مجلدات وليس بضعة أسطر، ولعل مطالعة سريعة لبعض الموسوعات العالمية وفى المقدمة منها الموسوعة البريطانية، تعطينا فكرة ولو مختصرة عن إبداعات المصرى القديم ومكتشفاته، بدءاً من الورق والحبر ومستحضرات التجميل وفرشاة الأسنان والمعجون، وصولاً إلى الإبداع فى البناء الهندسى والطب وعالم الفلك والفن والأدب ..
  • ولعل نظرة سريعة على الهرم الأكبر، الذى عجز علماء البشرية حتى الساعة عن فك شفرته تبين لنا كيف استطاع المصريون القدماء العمل على الضد من قوانين الفيزياء، ما يفيد بأنه كان لديهم نظرياتهم الخاصة فى البناء، والتى بقيت سراً من أسرار حضارتهم غير المكتشفة بعد ..
  • عن المصريين القدماء أخذ الفيلسوف “طاليس المالطى” (585 ق.م)، تقنيات الري والزراعة، وغالب الأمر أنه أعاد هذه الإبتكارات إلى اليونان، واعتبرت مصر حتى بدايات عصر الإضمحلال فى زمن البطالمة، سلة الخبز للإمبراطورية الرومانية ..
  • أما عن الفلك فقد كان للمصرى القديم قصة مثيرة وعجيبة مع النجوم، حتى أن هناك بعض الآراء العلمية التى تقول بأن الهرم الأكبر ليس إلا مرصد الفراعنة لمتابعة ما هو خارج الكرة الأرضية، وأن تصميمه قد تم بزوايا يمكن من خلالها مواكبة حركة النجوم . كان علم الفلك على المستوى الروحى مهم للغاية عند الفراعنة، فقد رسّخ لديهم توجه بأن أرض مصر ليست سوى إنعكاس مثالى لأرض الآلهة والحياة الأخرى . وقد برع المصري القديم في الربط بين حركة النجوم ومواقيت الزراعة، ومواسم الأمطار، ومواعيد الغرس، وصولاً إلى أوان الحصاد ..
  • وعلى صعيد الطب تبقى الحقيقة الواضحة أن أبقراط الملقب بأبو الطب قد أخذ من طب البرديات المصرية القديمة، كما أن هوميروس الشاعر الملحمى الإغريقى الأسطورى، أشار في كتابه الشهير “الأوديسا”، إلى أن الناس فى مصر موهوبون فى الطب أكثر من غيرهم، وأن الطب لديهم كان متفوقاً على العلوم الأخرى . أما هيرودوت أبو التاريخ، فيقول في كتاباته عن المصريين: “إنهم يعطون الطب بتعقل، فلم يكن مسموحاً لأحد أن يتدخل فى غير ما تخصص له”. ويبقى سر التحنيط من الأسرار الخفية عن ناظرى العالم بشرقه وغربه، وقد عجزت العلوم والمخترعات الحديثة عن تفسير قدرة هؤلاء على الإحتفاظ بأجساد موتاهم، الأمر الموصول بفكرة الخلود فى الحياة الأخرى، ما يعنى أن العلوم كانت مرتبطة إرتباطاً جذرياً بالمنظومة الدينية فى حياة المصرى القديم وأعماله على الأرض، ورؤاه للحياة فى العالم الآخر ..
الحضارة المصرية القديمة
علوم المصريين القدماء “أسرار الحضور والإختفاء”

عن الحياة الدينية فى مصر القديمة

من بين كتابات هيرودوت كذلك نجد إقراراً بأن المصريين كانوا أشد الناس تديناً، واعتقدوا دوماً بأن كل شيء فى العالم ملك للآلهة وأنهم منبع كل خير، وأن الآلهة على علم برغبات البشر الدنيوية، وفى إستطاعتهم التدخل فى أى وقت يشاؤون . والثابت من الرجوع إلى معظم إن لم يكن كل الكتب التى خلفها الفراعنة، وبخاصة كتاب “الخروج إلى النور”، والمعروف بالاسم الخطأ “متن الموتى”، أن الدين لعب دوراً مهماً فى حياة الإنسان المصرى القديم، فلم تكن هناك قوة تسيطر على حياته كما يسيطر الدين ..

كان الدين مساعد المصرى القديم على فهم الظواهر المحيطة به، بل أكثر من ذلك فقد كان الأفق الدينى مساراً للرغبة فى المنفعة أو رهبة من المجهول والأخطار . ولعل أبو الطب النفسى “سيجموند فرويد” ، قد أثار جدلاً كبيراً حين قال إن المصريين: “هم من اخترعوا الألوهية”، وقد رد عليه السندباد المصرى والمفكر الكبير الدكتور “حسين فوزى” بالقول، إن المصريين أعادوا إكتشاف أهمية الدين للنفس البشرية بعد بضعة آلاف من السنين من الحياة البعيدة عن التحضر والأقرب إلى الهمجية منها إلى نسق التعايش الإنسانى، الذى قاد إلى بناء حضارة خلاقة على نحو الحضارة المصرية القديمة ..

على أن فكرة الدين عند المصريون القدماء لم تكن ذات صبغة موحدة، ولم يتفق المصريون على إله واحد أو معبود قائم بذاته، ولهذا نرى تعددية فى الآلهة، فهناك آمون وهناك آتون، وبينهما العشرات وربما المئات من المعبودات .

المصادر :- كتاب : تاريخ مصر القديمة عبدالعزيز صالح المؤلف : كاتب غير محدد قسم : الحضارة المصرية القديمة والمصريون القدماء اللغة : العربية الصفحات : 536 تاريخ الإنشاء : 12 مايو 2008

 

إقرأ أيضًا :-

الفراعنة لصوص حضارة !!

النار الإغريقية “أفتك سلاح قبل البارود”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا