التاريخ والآثارمقالات

الفراعنة لصوص حضارة !!

بقلم الباحثة والكاتبة الأثرية :

ندى محمود غريب .

 

نعم ما قرأتوه صحيح !! وأنا مثلى مثلكم تمامًا ، عندما كنت أبحث فى المكتبة وصادفنى عنوان هذا الكتاب استوقفتنى الدهشة وبدأت أتساءل هل ما رأيته صحيح !! الفراعنة لصوص حضارة !! إذًا ماذا كنت أدرس طوال تلك الأعوام !! وما لبثت أن فتحت الكتاب وبدأت أتجول فى صفحاته لأفهم مامعنى هذا العنوان وما الغرض منه !! لذلك لم أقم بوضع عنوان لمقالى هذا كعادتى وأردت أن أضع العنوان نفسه لنرى معًا ماذا حوى هذا الكتاب الغامض بين صفحاته !!

عرض المؤلف فى كتابه هذا عِدة نظريات ونواقضها بجانب رأيه الشخصى ، تدور حول لُغز الحضارة المصرية ، ولُغز بناء الأهرامات على وجه الخصوص يقول فيها :

” أن الأهرام المصرية تنفرد بشهرة منقطعة النظير فى أرجاء المعمورة كلها ، فهى ليست إحدى عجائب الدنيا السبع فحسب ، بل تزخر بالعديد من الألغاز التى يستعصى على العقل البشرى أن يفك طلاسمها ، ….، فأرض مصر تزخر بمائة هرم مكتشف حتى الآن ، والهرم الأكبر مثلاً يحتوى على 2300000 قطعة حجرية متوسط وزن الواحدة منها 2.5 طن ، تم تقطيع الأحجار من مناطق تبعد مئات الكيلومترات لتشييد مبنى وصل إرتفاعه 146 متر ، أى أنه كان أعلى بناء إنسانى حتى القرن العشرين وبالتحديد حتى عام 1931م، بل وحتى يومنا هذا يُعد أضخم بناء إنسانى على الإطلاق ، فبأحجار الهرم الأكبر وحده يمكننا إقامة سور حول الكرة الأرضية بأكملها عند خط الإستواء بارتفاع 30سم ، فهو عمل غريب يُحيطه الغموض من كل جانب وباستحالة أن يُشيّد من قِبل بشر طبيعيين مستخدمين أدوات خشبية “!!.

الفراعنة لصوص حضارة !!

الرأى الأول : الفراعنة هم بُناة الأهرام المصرية

حيث يعتقد جمهور كبير من العلماء أن بناء الأهرام يرجع إلى الفراعنة مستندين فى ذلك إلى إدعائهم بأنها مقابر لملوكهم ، كذلك وأن أرض مصر زخرت بالحضارة المصرية قبل الوجود الرومانى والبيزنطى وكذا قبل النصرانية والفتح الإسلامى ، كما أن جميع النقوش الهيروغليفية المُدونة على الآثار المصرية تروى لنا أن تلك المبانى تؤول ملكيتها للفراعنة بجانب العثور على مقابر فرعونية حول تلك الأهرام .

ولكنه عارض تلك النظرية بأنه من حيث المنطق فيستحيل بأي حال من الأحوال أن يبنى الفراعنة الأهرامات مستخدمين فى ذلك الأخشاب لتقطيع الحجارة الكبيرة ونقلها مئات الكيلومترات ورفعها لإرتفاعات شاهقة ، فحجم أجسادهم لايزيد عن أجسادنا الحالية بأكثر من 10%. ومن حيث المصداقية والتى تنعدم نهائيًا فى تاريخهم الذى دوّنوه بأنفسهم ، فهم ادّعوا ألوهية الحاكم واشتهروا بسرقة أعمال الآخرين فتبين أن كثير من الحكام عند تنصيبهم ملوكًا كانوا يأمرون بإزالة النقوش من على الجدران لتدوين نقوش جديدة تلحق تلك الأبنية لهم لذلك يستخدم العلماء الحاليون الكربون المشع 14 لتحديد عمر المومياوات لعدم ثقتهم فى التاريخ الفرعونى بأكمله !. كذلك فلا يعنى وجود مقابر فرعونية حول الأهرام أنها بالضرورة لبنّائيها حيث لا يعنى وجود مقابر حول برج إيفل أنها بالضرورة لبُناة ذلك البرج مثلاً !. كما ادّعاؤهم بأن الأهرام مقابر لملوكهم كى يُبعثوا للحياة مرة أخرى فهو أمر أنكره العلماء بشدة بحيث لم يٌعثر على أي مومياء داخل أي هرم نهائيًا وإن حدث وتم العثور فهو أسلوب وضع اليد !!. ومن حيث التاريخ فربما كانت هناك حضارات على أرض مصر قبل الحضارة المصرية ولكن لم نكتشفها حتى الآن لأنه لولا أن فكّ العالِم الفرنسى شامبليون حجر رشيد عام 1822م لكنا نجهل تاريخ الفراعنة حتى يومنا هذا ولكن هذا لا يلغى وجودهم !.

الفراعنة لصوص حضارة
الفراعنة لصوص حضارة !!

الرأى الثانى : اليهود هم بُناة الأهرام المصرية

حيث روّج اليهود أنهم بُناة تلك الأهرامات المعجزة مستنتدين إلى تعذيبهم المرير الذى لاقوه على أيدى الفراعنة كما ذكر فى الكتب السماوية ، وكان تكليفهم بذلك كنوع من أنواع السُخرة لقهرهم والإستعلاء  والتسلط الفرعونى عليهم .

وعارض تلك النظرية بأنه لايوجد دليل واحد مع اليهود يوضح صدق مايزعمون بل تفوح من نظريتهم رائحة محاولاتهم لإيجاد أرضية تاريخية لأطماع سياسية ، كما أنه لايمكن لأحد سواء بالسُخرة أو بالرضا بناء تلك الأبنية بواسطة بشر فى أحجامنا .

الفراعنة لصوص حضارة !!

الرأى الثالث : الجن المُسخّر لسيدنا سليمان هم بُناة الأهرام

وهذا إعتقاد جاء من بعض المسلمين مستندين لما ورد ذكره فى القرآن الكريم بأن الله –سبحانه وتعالى- سخّر الجن يعملون بين يدي سيدنا سُليمان أعمالاً خارقة تفوق قدرة الإنسان .

وعارض المؤلف تلك النظرية بأن رسول الله سُليمان عليه السلام لايُهدر الوقت والجهد فيما لايفيد ، وأن الأهرامات تتواجد على الأراضى مصرية فقط ولا توجد فى مقره بفلسطين ، كذلك فلا يوجد دليل يؤكد أن تلك الأهرام من ضمن الأبنية التى شيّدها الجن لسيدنا سُليمان .

الفراعنة لصوص حضارة
الفراعنة لصوص حضارة !!

الرأى الرابع : غُزاة من الكواكب الأخرى هم بُناة الأهرام

كذلك قام بعضٍ من علماء الهندسة والتاريخ والآثار والباراسيكولوجى (علم ماوراء الطبيعة) الترويج بأن تشييد تلك المبانى لم يتم إلا على أيدى مخلوقات فضائية غزت الأرض فى الماضى وبنت تلك الأبنية كمحطات أو قواعد لها أو لأسباب أخرى مازالت غامضة ، مستندين إلى إستحالة بنائها بأيدٍ بشرية بأدوات يسيرة ، كذلك إتجاه الهرم الأكبر نحو الشمال الجغرافى بدقة مذهلة وتولد مجال مغناطيسى حول قِمته بسبب ذلك التصميم الفريد . ولكنه عارضها قائلاً بأن لا يوكد دليل واحد يؤكد صحة هذا بل هو مجرد عجز عن التفسير الصحيح .

الفراعنة لصوص حضارة !!

الرأى الخامس : الله هو الذى بنى الأهرام

وهذا رأى طائفة الأوجاركيس (هم طائفة من الناس مركزهم فى الولايات المتحدة الأمريكية يلبسون ثيابًا خاصة ويحجون للأهرام بصفة دورية) إعتقدوا بأن الله أقام تلك الأهرامات لتقام حولها طقوس العبادة لأن روحه تنزل . وعارض هذا الرأى بأنه ليس إلا بعضٍ من الخرافات والأساطير لتبرير عبادة صنمهم الجديد .

الفراعنة لصوص حضارة !!

الرأى السادس : قوم عاد هم بُناة الأهرام المصرية (وجهة نظر المؤلف الشخصية)

بعد الرجوع إلى كتاب الله عز وجل عثُر المؤلف على إشارات واضحة لأهرام مصر ووصف دقيق جدًا لا ينطبق إلا عليها عقد لها الأبسنة وأسقط بها كل النظريات السابقة وكشف التاريخ المُزيف – حيث أن تزوير التاريخ وصراع الحضارات والديانات والأطماع السياسية والتعصب للقبيلة أمر لا يخفى على أحد -.

فالآية التى هداه الله إليها نسبت أهرام مصر والمسلات والمعابد إلى قوم آخرين غير الفراعنة هم “قوم عاد”!! موضحًا أن الفراعنة ماهم إلا حضارة تعاقبت بعد حضارة أخرى سابقة لهم هى حضارة عاد ، وأن مايتم تدريسه الآن فى المدارس والجامعات ماهو إلا خلط بين حضارتين بسبب قصور فى المعلومات على الرغم من إعتراف الجميع برفض العقل لفكرة أن الفراعنة هم من بنوا الأهرامات !!، وأن الفراعنة ليسوا إلا أن أضافوا بعض الآثار على أرض مصر بل وأدخلوا تلك الإضافات على أبنية قوم عاد لتتفق مع متطلباتهم فى حدود مقدرتهم !!، تمامًا كما تعاقبت على أرض مصر بعد ذلك النصرانية القبطية وقيام النصارى الأوائل بشطب النقوش الفرعونية على جدران بعض المعابد عندما كانوا يختبأون بها من الإضطهاد الرومانى وذلك لتعارضها مع ديانتهم وتدوين نقوش ومناظر قبطية بدلاًمنها، كذلك قيام السكان بنزع الطبقة المصقولة الملساء التى كانت تكسوا الأهرام لاستخدامها فى أبنيتهم ، فهذا التتابع أمر منطقى ، ولا يعنى جهلنا بحِقب ماقبل الفراعنة أي إنعدام غيرهم وإغلاق باب البحث والإيحاء بإحاطتهم بكل شيء ..

الفراعنة لصوص حضارة !!

فقوم عاد كما أخبرنا الله عز وجل “كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ ..” كانوا ضخام الحجم طول الواحد منهم كطول النخلة يرتفع حوالى 15 متر مما يعنى أن ذلك الحجر المُعجز بالنسبة لنا الذى يزن 2.5 طن بالنسبة لهم مجرد طوب قاموا بعملية ترصيص له دون أن نهضم حقهم فى براعتهم الهندسية ودقة التصميم . وقد ورد فى الحديث الشريف عن أبى هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :”خلق الله آدم على صورته ، وطوله ستون ذراعًا …. فلم يزل الخلق ينقص من بعد حتى الآن”، وبذلك حدد رسول الله أن سيدنا آدم كان ارتفاعه أكثر من 20 متر وأن كل شيء أخد فى الإضمحلال سواء أكان العمر أو الحجم وقوم عاد بالأخص قد تفوقوا فى القوة أكثر ممن حولهم وكانوا هم مركز الحضارة ولكن بدلاً من عبادة الله تكبروا وتجبروا ، ولكن لا مانع من أن يتخذ الفراعنة نفس زيهم مُعدلين بعض اللمحات لتتناسب مع متطلباتهم ومُزيدين بعض الحوائط داخل مساكن قوم عاد مُدونين نقوشًا تلحق ملكية كل شيء لهم . ويكفى مايرشدنا من حدس فورى عندما يرى أي إنسان المبانى المصرية العملاقة من أهرام وأبنية وتماثيل يقر فى نفسه فورًا ومن الوهلة الأولى أن الفراعنة كانوا عمالقة ثم سرعان مايتعجب حينما يرى أن أحجامهم لاتزيد كثيرًا على أحجامنا بعد رؤية مومياواتهم !! وفى الحقيقة فإن أصحاب تلك الأبنية بالفعل هم قوم من العماليق ليسوا الفراعنة بل قوم عاد . مُنوهًا بأن حضارة قوم عاد هى أكثر الحضارات غموضًا فى التاريخ الإسلامى فلم يُعثر حتى الآن على آثارهم رغم روعتها وضخامتها كما ذُكر فى القرآن والسنة “الَّتِى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى الْبِلادِ”..

الفراعنة لصوص حضارة !!

كما ذكر الآية الكريمة : “أتَبْنُونَ بُِكلِ رِيعٍ آيةً تَعْبَثُونَ” فالريع هى المكان المرتفع من الأرض ، والآية هى البناء الضخم المُحكم العالى كأنه جبل ، وتعبثون أي تعملون مالا فائدة فيه سوى التفاخر بين الأمم . وفى سبب نزول هذه الآية قيل أن نبي الله هود احتج على قومه بتركهم الإيمان بالله وطاعته وانشغالهم ببناء أبنية ضخمة كالجبال على المرتفعات لمجرد التفاخر وأن أبنيتهم العجيبة تلك كانت أشبه بأبراج الحمام شديدة الضخامة وأن هذه الأوصاف تنطبق على أهرام مصر . كذلك فقد ذكر المؤلف ملاحظة إرتفاع الممرات فى الهرم فهى تتناسب مع طول قوم عاد أما الممرات الضيقة فلا تعدو عن كونها فتحات تصريف مياه وهواء ، وأما الحجرات أيضًا فلا تعدو عن كونها خزنًا اعتُقد بأنها حجرات ..

كذلك قام بذكر الآية: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى الْبِلادِ” وهنا كلمة “إرم” غير معروف المقصود بها على وجه التحديد وقيل ربما أنها كانت المدينة الرئيسية لقوم عاد ، أما “العماد” فهى الأبنية المرتفعة ذات الرأس المدببة ؛ متسائلاً أليست هى المسلات المصرية الشهيرة !! بل أنه رأى أن كلمة إرم المختلف فى تفسيرها إنما تعنى هرم وبناءًا عليه فكلمة هَرم بفتح الهاء فى اللغة العربية العامية هى كلمة هِرم بكسر الهاء فى اللغة العربية الفصحى تعنى الشيء كبير العمر أو الحجم ، أي أن الكلمة تحورت من إرم إلى هرم ، وبناءًا عليه فإن التفسير السليم يكون كالآتى :

  • ألم تر كيف فعل ربك بعاد : إشارة إخبار
  • إرم ذات العماد : بناة الأهرام ذات القمم المدببة
  • التى لم يخلق مثلها فى البلاد : التى لا يوجد لها مثيل فى العالم كله

وسواء أكان المقصود من الآية الأهرام أم المسلات فكلاهما ذو رأس مدببة لا مثيل لبنائه فى العالم أجمع ..

الفراعنة لصوص حضارة
الفراعنة لصوص حضارة !!

أما الآية: “وَأَمَّا عَادٍ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ” فتعنى أنهم اندثروا بسبب ريح قوية أهلكتهم ولذلك لم نعثر على جثثهم ، ونوّه المؤلف بأن نلاحظ الآتى :

  • أن أبا الهول كان مغطى بالرمال عند إكتشافه ولا يمكن لعوامل التعرية أن ترفع الرمال إلى هذا الإرتفاع العالى دون بقية الأماكن مما يؤكد أن رياحًا عارمة هبّت على تلك المنطقة وهو نفس أسلوب عقاب قوم عاد .
  • أن أبا الهول غير مدون عليه أية كتابات تثبت إنتمائه لأى من الفراعنة مما أذهل العلماء من أن أكبر وأشهر تمثال فى العالم قد غفل الفراعنة من التدوين والنقش عليه فألحقوه بالملك خفرع لمجرد أنه يقع أمام هرمه .
  • لغز الأهرام المدفونة بالرمال وغير مكتلمة البناء التى حيرت جميع العلماء فى الحقيقة جاءت نتيجة إندثار البناة من قوم عاد بريح مفاجأة صرصر عاتية عقابً لهم من الله .

والآية: “فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنَهُمْ” توضح أن الله عز وجل أبقى مساكنهم عبرة لمن بعدهم للإتعاظ على عكس مانعتقد نحن أنها معابد فرعونية ، بل هى مبانٍ لهم كانوا يسكنوها ‍!! ولا مانع فى أن يسكن الفراعنة مساكن قوم عاد بعد أن قاموا ببناء حوائط داخلية وزخرفتها بنقوش لتتناسب معهم ، وهذا ليس بالشيء المستغرب على كفرة ادعوا ألوهية الحاكم !!

الفراعنة لصوص حضارة
الفراعنة لصوص حضارة !!

وبعد أن انتهيت من عرض الكتاب بشكل ملخص دعونى أطرح وجهة نظرى الشخصية وهى أن الأهرام بناء مصرى قديم خالص تُنسب لملوك مصريين ليس إنحيازًا لدراستى أو إنتمائى أو ميولى الشخصية .. إلخ ؛ وإنما بناءًا على أن الأهرامات لم يتم بنائها بطريقة عشوائية بل حدّد المصرى القديم عدة شروط راعى فيها العديد من الأمور المتعلقة بسلامة ومتانة المبنى فضلاً عن الأمور الرمزية والدينية منها :

  • أن يكون موقع الهرم بناء الهرم قريبًا من المقابر الملكية الخاصة بأسلاف صاحب الهرم الجديد حتى يكون بجوارهم فى العالم الآخر كما كان فى الدنيا .
  • موقع بناء الهرم لابد وأن يكون كتلة صماء من الصخر حتى تتحمل ذلك الثقل الهائل المُقام فوقها كذلك وأن تكون الهضبة مسطحة .
  • الموقع بصفة عامة لابد أن يكون خالِ تمامًا من أي عيوب قد تؤثر على سلامة المبنى فيما بعد .
  • كذلك كان من شروط إختيار موقع بناء الهرم أن يكون على الضفة الغربية للنيل ومطلاً على الوادى أو قريبًا منه ، وذلك لإعتقاد المصريين القدماء بأن عالم الموتى يوجد فى الجانب الغربى حيث موضع غروب الشمس ، أيضًا وليكون الموقع قريب من الوادى المزروع حتى يمكن لروح المتوفى الخروج والتجول والحصول على كل مايلزمها بسهولة .
  • كما اهتموا بأن يكون موقع البناء متوافر حوله مساحات فضاء كبيرة حتى يمكن إضافة هُريمات أو مقابر لأفراد أسرة المتوفى أو المقربين من رجال الدولة فضلاً عن التخطيط لبناء معبد الوادى والمعبد الجنائزى والطريق الصاعد الرابط بينهما وبذلك تكتمل المجموعة الهرمية “Pyramid Complex” .
  • أيضًا راع المصرى القديم أن يكون موقع بناء الهرم قريبًا من منطقة المحاجر حتى يسهل إستخراج الأحجار المستخدمة فى البناء ، وإن كان موقع  المحجر بعيدًا كان يتم قطع الأحجار ونقلها عبر نهرالنيل أو بواسطة الزحافات . وفى حالة أهرامات الجيزة فتم بنائها من أحجار الهضبة نفسها وكسائها بأحجار من الحجر الجيرى الجيد والمصقول ، تلك الكسوة التى استخدمت فى العصر الإسلامى فى تشييد مبانٍ أخرى .
  • بعد الإنتهاء من إختيار موقع بناء الهرم تبدأ عملية البناء مباشرة من قِبل عدد كبير من العمال واللذين قد يصل عددهم أحيانًا إلى الآلاف مثلما حدث فى بناء هرم الملك خوفو .
  • كما ترك المصرى القديم النصوص والمناظر التى تصور طرق قطع الأحجار وجلبها وبنائها بجانب إسم الملك خوفو (خنوم – خوف – وى) وإسم إحدى الفِرق التى كانت تعمل فى الهرم .
  • كلمة هرم تعنى شكل هندسى ذو أربعة أضلاع تلتقى فى نقطة واحدة عند القمة وقد أطلق اليونانيون على هذا الشكل إسم Pyramid وتعنى قطعة خبز مثلثة الشكل ومن ثم صار هذا المصطلح شائع فى كل اللغات الأجنبية .
  • وعن مدخل الأصلى للهرم فهو يقع فى منتصف الضلع الشمالى وتحديدًا فى الصف الثالث عشر إذ يرتفع عن الأرض حوالى 20م ويؤدى المدخل لممر طويل منحدر وهذا المدخل ليس هو المستخدم حاليًا ، فالمستخدم حاليًا ما يُعرف باسم “مدخل المأمون أو ثقب المأمون” نظرًا لأن عمّال الخليفة العباسى المأمون والذى كان يحكم فى بداية القرن التاسع عشر الميلادى قد قاموا بعمل هذا الممر كي يتمكنوا من الدخول للهرم ، ويقع هذا المدخل فى المدماك السادس ومن خلاله يبدأ ممر بطول 36م ينتهى عند الممر الأصلى ويؤدى لحجرة ربما كانت حجرة الدفن الأصلية ولكن مع تغيير تخطيط الهرم تُركت على حالها هكذا .
  • وهنا نذكر أجمل وأفخم مافى الهرم وهو مايسمى بالحجرة السفلى ولكنها عبارة عن خمس حجرات مشيدة فوق بعضها البعض من الحجر الجيرى والسقف من الجرانيت وحوت على كتابات تذكر العام ال17 من حكم الملك مشيرةً إلى أن العمل فى بناء الهرم تم حتى هذه اللحظة قد وصل إلى عامه ال17 عشر من إجمالى عشرين عامًا هى مدة بناء الهرم بالكامل ، كذلك وبعد الإنتهاء من حجر الدفن قام مهندسوا الملك خوفو بتغيير تصميم الهرم فزادوا من حجمه وأضافوا إليه حجرة دفن ثالثة أعلى الهرم من الداخل .
  • أما حجرة دفن الملك خوفو فنجد أرضيتها وجدرانها وسقفها من حجر الجرانيت الأحمر وفى الجزء الغربى منها يوجد تابوت أيضًا من الجرانيت ولكنه بدون غطاء وفارغ من مومياؤه !! أوقد يصنع المصرى القديم تابوتًا فارغًا بدون غرض !! وأين الغطاء !! إلا والمرجح بأنه تمت سرقة محتوى التابوت وكذلك الغطاء ولكن نظرًا لأن حوض التابوت يكون الجزء الأكثر ثقلاً فظل مكانه .
  • وبالنسبة لأبى الهول فيقع بجوار معبد الوادى الخاص بمجموعة الملك خفرع وشُيد فى عهده وحقًا لم يقم بالنقش عليه وذلك لأنه لم يكن مخططًا لنحته فجاءت الفكرة عندما تم الإنتهاء من أعمال المجموعة لوحظ وجود كتلة حجرية ضخمة باقية كجزء من منطقة المحاجر ففكر مهندسوا وفنانوا الملك من إستغلالها بدلاً من تركها بطريقة تشوه بانوراما المكان ومن ثم قاموا بنحتها فى صورة أسد رابض ورأس آدمى تصور الملك خفرع نفسه كرمز للحماية والقوة والحكمة . أما بالنسبة لعدم وجود أى نقش يثبت ملكيته للفراعنة !! فيوجد بين قدميه لوحة ترجع لعهد الملك تحتمس الرابع تعرف باسم “لوحة الحُلم” تروى لنا قصة هذا الملك .
  • وفى النهاية يجب ذكر أنه لايوجد مايثبت أن قوم عاد وصلوا إلى أرض مصر حتى وأن مكانهم فى شبه الجزيرة العربية لم يكن محدد .
الفراعنة لصوص حضارة !!

وفى ختامى قد حاول البعض إتهام الحضارة المصرية وملوكها باستخدام هؤلاء العمال للعمل فى بناء الأهرامات بالسخرة ، وهو أمر مغلوط ، حيث أن الأمر بكل بساطة أن الملك فى مصر القديمة كان مُؤله (أي أنهم يقدسونه كالإله ، فالملك كان إبن الآلهة الوريث الشرعى للمعبود حور على العرش) وبالتالى فالعمل فى بناء هرمه كان بمثابة عبادة أو تقرب لنيل رضاه ؛ وعلى أية حال فكان يُشرف على البناء موظفى القصر الملكى كما كان يُشرف الملك بنفسه من حين لآخر . فانبهر الناس على مر الزمان بتلك الأهرامات حتى عدّها الإغريق من عجائب الدنيا السبع  . كما أشار هيرودوت إلى أن عظم شأن الأهرامات لايرجع إلى ضخامتها وإنما يعود إلى الدقة فى بنائها ، فكل تلك الآراء وماقيل وما سيُقال توضح عدم قدرة عقول أصحاب تلك الآراء على إستيعاب ذلك الإبداع الهندسى والمعمارى لتلك المبانى ، فالحضارة المصرية لا تحتاج لقوة الجسد بقدر ماتحتاج إلى قوة العقل والتمييز الفكرى .

الفراعنة لصوص حضارة !!

المصادر :-

  • محمد سمير عطا ، الفراعنة لصوص حضارة ، القاهرة 1996 .
  • القرآن الكريم ، السور: الفجر ، القمر ، فصلت ، الأحقاف .
  • تفسير السيوطى ، دمشق ، ص372 .
  • تفسير القرطبى ، المجلد السابع ، ص5001 .
  • تفسير ابن كثير ، ص341 .
  • ابن كثير ، قصص الأنبياء ، ص94 .
  • د/محمد البيومى ، د/حمدى السروجى ، الآثار الفرعونية ، جامعة طنطا .
  • أحمد فخرى ، الأهرامات المصرية ، (القاهرة – نيويورك) 1963 .
  • ميروسلاف فيرنر ، سر الأهرامات ، المشروع القومى للترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة 2005 .

إقرأ أيضًا :-

معدن السماء “Pi3 m Pt”

نظم ومعايير فصل الشتاء عند المصريين القدماء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا