التاريخ والآثارمقالات

قصة أغنى رجل فى العالم والذى لم تسمع عنه أبدًا

بقلم : آية الشلقانى

 

دخل رجل إلى نيويورك فى عام ١٨٣٤ على ظهر باخرة وكان رجل سويسرى فى مطلع الثلاثينات وكان يُدعى يوهان أوغست سوتر ببطاقة مزورة وقد استولى على مبلغ مالى ليبدأ حياته من جديد وكان معه زوجته وأبنائه الخمسة والعديد من القضايا فى بلاده ، ولكن بعد مرور عامين لم يحقق إنجازاً يُذكر فقام بالسفر إلى ميسورى وعندما وصل إلى ميسورى قام بشراء قطعة أرض صغيرة وبدأ حياته كمزارع ولكن قد استهوته رحلات المغامرين الذين يمرون على أرضه إلى الغرب الأمريكى ، والذى يتميز بالثراء فباع كل ما يمتلك و رحل مع مجموعة صغيرة لم يستمر منها معه أحد حتى وصل إلى قرية صغيرة للصيادين تسمى الفرنسيسكان ومنها الى ولاية كاليفورنيا البائسة وقتها حيث قابل حاكمها و أعلنه برغبته فى إنشاء مستوطنة فى هذه الأراضى غير المأهولة ووافق الحاكم على الفور وأعطاه الإمتياز والتصريحات الازمة باستصلاح وتملك كافة الاراضى التى يستطيع إعمارها ..

وشكّل قوة مكونة من 150 رجل من سكان المحيط الهادى الأصليين قاموا بإحراق الغابات ليمتلك سوتر فى غضون سنوات قليلة 48827 فدان من الأراضى الزراعية الخصبة الواقعة على نهر ساكرمانتوا وقامت إمبراطورية ضخمة باسم هيلفاتا الجديدة فى زمن قياسى فأنشأ المطاحن والمصانع والمعامل وشق القنوات و بدأ زراعة فواكة كاليفورنيا الشهيرة واستورد البذور من أوروبا واجتذب الصناع والعمال وكذلك الجنود المرتزقة الذين ساعدوه على استعباد مئات الهنود الذين رفضوا العمل لديه ، وتذكر سوتر أخيرًا زوجته وأبنائه فأرسل واستقدمهم ليتمتعوا معه بحياته الجديدة الرغدة ..

وفى 1846م قامت الحرب الأمريكية المكسيكية ورغم أن سوتر كان مؤيداً لقيام جمهورية كاليفورنيا المستقلة إلا أن إجتياح الجيش الأميركى لم يترك له فرصة للمقاومة فسمح للجنود الإتحاديين برفع علم أميركا على حصن قلعة سوتر فى ساكرمانتوا بدون مقاومة وأعلن طاعته للإتحاد الأميركى لتستمر إمبراطوريته تحت علم جديد . ولكن ذات يوم أتاه أحد مساعديه حاملاً قطعة من القماش بها حبات صفراء ، إكتُشف الذهب فى مستعمرة سوتر بكميات مهولة ورغم محاولته تكتم الأمر إلا أنة انتشر وفى غضون أيام بدأ المغامرون يتوافدون على كاليفورنيا لينقبوا عن الذهب الذى يلمع فى الأنهار وتحت الحجارة ، فيصيب الرجال بالجنون فيتركون المصانع والمزراع وينصرفون للبحث عن الثروة . وتدمرت ثروة سوتر وخربت مصانعه و مزارعه واستولى عليها المغامرون الذين توافدوا عليه من كل مكان من أمريكا وحتى أوربا إنطلقت من أراضيها مئات الرحلات البحرية محملة بالمغامرين الذين لم يتورعوا عن سرقة وتخريب ممتلكات ملك كاليفورنيا الذى اضطر للإبتعاد مع أبنائه الثلاث إلى إحدى مزارعه البعيدة لينجوا بنفسه عن شرورهم ..

لكن ليست هذة النهاية وفى عام 1858 طعن فى ملكية سوتر لكل هذه الأراضى فى كاليفورنيا و انحازت المحكمة العليا ضده فأسقطت ملكيته و توزعت الأراضى على مرزاعين جُدد ومنح سوتر معاش شهرى قدره 250 دولار فقط كتعويض على ثروته كلها ! ولكن سوتر لم يستسلم و خاض معركة قانونية وسياسية فقام بإقامة أغرب دعوى قضائية فى التاريخ حيث رفع دعواه على 17200 مزراع استولوا على أرضه مطالباً باخلائها وإعادتها إلى حيازته وكذالك طالب بتعويض من ولاية كاليفورنيا يُقدر ب 25 مليون دولار لإستيلائها على القنوات و الطرق والجسور التى انشأها و تعويض 25 مليون دولار أخرى من الإتحاد الفيدرالى عن التخريب الذى تعرضت له أملاكه وربح سوتر دعواه . وقضى له القاضى الفيدرالى بأحقيته فى الأراضى (مدينة سان فرانسيسكو وما حولها وأجزاء كبيرة من ولاية كاليفورنيا) و التعويض ..

وأصبح يوهان سوتر أغنى رجل فى العالم قاطبة ، ولكن ليست هذه النهاية ، فثار المزارعين الغاضبين ومن استولوا على أراضى سوتر و أملاكه وهاجموا المحكمة واحرقوها ثم تحولوا إلى سوتر نفسه وأبنائه فهاجموا مزرعته وأحرقوها و قتلوا أحد أبنائة وغرق الآخر أثناء محاولتة الهروب منهم ، وذهب سوتر إلى واشنطن محاولاً الحصول على حقه و مساعدته بقوات عسكرية تمكنه من تنفيذ الحكم القضائى الذى حصل عليه أو التعويض الملائم إلى أن توفى على سلم الكونجرس 1880 بعد يومين من تأجيل نظر مشروع قانون أُعد لتعويض ملك كاليفورنيا عن مملكته الضائعة .

 

إقرأ أيضًا :-

الفراعنة لصوص حضارة !!

النار الإغريقية “أفتك سلاح قبل البارود”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا