التاريخ والآثار

بيت السناري

بقلم الأثرية/ أسماء أحمد أبو قرن

 

بيت السنارى يعتبر أحد أروع أمثلة العمائر السكنية من دور وقصور الأمراء ورجال الدولة الكبار في العصر العثماني . وقد أوقف صاحب البيت ومنشئه هذا البيت بموجب حجة شرعية مسجلة بالمحكمة الشرعية ومحفوظة إلي الآن بأرشيف وزارة الأوقاف المصرية. وهذه الحجة كنز معلوماتي يفيد في علوم شتي منها علوم التاريخ ، والآثار، والوثائق، واللغة ، والفقة ، وفقه البنيان ، والشريعة والوقف ، ومن المدهش الوصف المعماري الدقيق للمنزل الذي اوردته الوثيقة والذي يكاد يتطابق مع الوضع الحالي للمنزل .
واتسم البيت – فضلا عن قيمته المعمارية والفنية الكبيرة – بأهمية تاريخية خاصة حيث ارتبط تاريخ بيت السناري بالحملة الفرنسية علي مصر (1798-1801) م حيث اقام فيه عدد من أعضاء لجنة العلوم والفنون ضمن الحملة ، وكان اغلبهم من الرسامين والمهندسين .
وهو البيت الوحيد الباقى من بيوت صاحبه، ويضم المجمع العلمى المصرى، بعد تعرضه لحريق إبان أحداث ثورة 25 يناير، ويعتبر البيت الآن مركزًا فنيًا حيث يشهد تنظيم العديد من الفعاليات والندوات الفنية والثقافية.

والسطور التالية ترصد أهم المعلومات عن بيت السنارى.

من هو صاحب بيت السنارى؟

أنشأه إبراهيم كتخدا السنارى، وهو من أثرياء القاهرة أثناء حكم الدولة العثمانية، وهو من أهالى دنقلة بالسودان، وتوفى سنة 1216 هـ – 1801م.

– متى تم بناء بيت السنارى؟

يرجع تاريخ إنشاء بيت السنارى إلى عام 1209 هـ – 1794م.

 

-أين يقع بيت السنارى؟

يقع هذا المنزل فى حى الناصرية بالسيدة زينب فى نهاية حارة غير نافذة تعرف حاليًا بحارة منج ويوصل إليها الآن مباشرة من عطفة فى أول شارع الكومى يمينًا تتصل مع حارة حسن الكاشف الموصلة لحارة منج أو من حارة ملاصقة لسبيل السلطان مصطفى توصل أيضًا لحارة حسن الكاشف، وتسمى حارة “منج” نسبة إلى أحد علماء الحملة الفرنسية الذين أقاموا بهذا المنزل عند احتلالهم مصر.

بيت السناري

– ماذا حدث للبيت بعد دخول الحملة الفرنسية إلى مصر؟

تمت مصادرتهم من قبل الفرنسيين عام 1798 وذلك لإسكان أعضاء لجنة العلوم والفنون، التى جاءت ببعثة نابليون العسكرية لعمل دراسة منهجية للبلاد أما البيتان الآخران فقد حطما، وقد خصصته الحملة الفرنسية لإقامة مصوريها وبعض علمائها منهم “ريجو” الرسام المشهور وبه عملت الأبحاث والرسوم القيمة التى نشرت فى كتاب “وصف مصر”.

– ما هى مكونات بيت السنارى؟

يتكون بيت السنارى “من جزأين، الجزء الغربى ويشمل المقاعد وقاعات الاستقبال والجزء الشرقى ويشمل الغرف الثانوية، للمنزل مدخل كبير يطل على حارة “منج” وهو مدخل حجرى تعلوه مشربية بارزة عن الجار يؤدى المدخل على ممر مرتفع يفضى على الفناء الداخلى الذى يتوسطه نافورة وتطل الواجهات الداخلية على الصحن وقد ازدانت الواجهات الحجرية بالنقوش المنحوتة وبها مكانين للاستقبال وتختبوش، المنزل له مقعد له باب غنى بالزخارف ويؤدى سلمه إلى بابين الأيمن يوصل إلى غرف البيت ثم القاعة الكبرى والحمام والأيسر يؤدى إلى المقعد والجناح الشرقى.

وصف المكان

يتضح لنا من خلال قراءة مجمل وثيقة ابراهيم كتخدا السناري (الوثيقه هي ما يعرف الآن بعقد ملكية المنزل وفيها تكتب المساحة والتصميم) أن هذا المنزل قد تمت عمليه انشائه وتطويره علي فترة طويلة استمرت حوالي 10 سنوات حيث تتكون أرض هذا المنزل من عده قطع انتقلت لملك ابراهيم كتخدا بتواريخ زمنية مختلفة وقد قام هو بتجديد بعض العمائر التي كانت موجودة علي بعض هذه القطع كما أزال البعض وأعاد تعمير البعض الآخر بشكل كامل وأتم عملية دمجها مع العمائر الأقدم.
انتهي ابراهيم السناري من بناء منزله قبل وصول الحملة الفرنسية بخمس سنوات، وبلغت تكاليف المنزل 17.559 ريال.
ليس لهذا المنزل سوي واجهة واحدة تطل علي حارة منج وهي الشمالية حيث فتح بطرفها الغربي المدخل الرئيسي للمنزل الذي يعلوه مشربية كبيرة من خشب الخرط ويفضي هذا الباب المربع ذو الضرفة الواحدة إلي هذا المنزل عبر مدخل منكسر يفتح عليه باب علي اليمين يفتح علي قاعة أرضية مخصصة للاستقبال وهي ذات سقف من عقود متقاطعة. ويرجع السبب في بناء المداخل المنكسرة هو عزل داخل المنزل عن خارجه، وذلك للحفاظ علي الخصوصية داخل المنزل، وفي الأصل المداخل المنكسرة كانت تستخدم في المساجد والمدارس لتهيئة المصلين قبل دخول المسجد لاقامة شعائرهم مثل مدرسة السلطان حسن.
وتتوزع باقي عناصر المنزل حول فناء مستطيل طوله 9 متر وعرضه 7.90 تتوسطه فسقية ويشغل ضلعه الشرقي فوارة وحاصل وباب يفتح علي ممر يوصل الداخل منه لعده غرف وملحقات يتوصل منها للحديقة الواقعة في الزاوية الشمالية الشرقية للمنزل. وفتح في الضلع الغربي بابين معقودين يوصل كل منهما إلي حاصل مستطيل.
ظل الضلع الشمالي مصمتاً سوي فتحة المدخل المنكسر الواقعة بها، أما الضلع الجنوبي فيشغل الطابق الأرضي منه تختبوش (عبارة عن مساحة مستطيلة مغطاة بسقف خشبي به زخارف ملونة يرتكز علي عمود رخامي). وبالضلع الجنوبي الغربي خزانتان حائطيتان والتختبوش عبارة عن مكان مخصص لاستقبال العامة من الزوار.

بيت السناري

– المقعد الصيفي

يعد هذا الجزء من اضافة ابراهيم السناري في عمارته الثانية لمنزله وتتألف واجهه هذا المقعد من عقدين نصف دائريين ويظهر علي الطرف الخارجي لكل منهما صف واحد من المقرنصات ذات العقود المنكسرة ويستند العمودان في الوسط علي عمود رخامي مستدير يعلوه تاج عليه طبلية خشبية يمتد منها روابط خشبيه تتصل بالجدارين الجانبيين كما يتقدم هذه الواجهة من الأسفل درابزين خشبي وتم تزيين هذه الواجهه بجفت لاعب ذو ميمات سداسية.
وإلي اليسار من هذه الواجهة، أي في الزاوية الجنوبية الغربية للفناء تقوم كتله مدخل المقعد التي هي عبارة عن باب مربع يتقدمه 6 درجات دائرية توصل إليه ويعلوه عتب مستقيم عليه 3 دوائر في الوسطي منها زخارف نجمية وعلي جانبيها حفر في الدائرتين الاخرتين علي هيئه أشكال أوراق نباتية بارزة.
وتشير الرسوم القديمة لهذا المدخل انه كان يعلو ذلك فتحه شباك ثانية ويؤدي باب مدخل المقعد إلي دهليز عرضه 1.35 متر به 10 درجات سلم صاعد يوصل الي بسطه يفتح عليها بابان:

الأول علي يمين الصاعد يفضي إلي طرقه توصل إلي قاعدة مرحاض ثم لبئر سلم يؤدي للطابق الثاني للمنزل ومن ثم إلي غرفة مستطيلة فتح في جدارها الجنوبي الشرقي شباك مستطيل مغطي بمصبعات خشبية يطل علي الفناء بينما فتح في جدارها الشمالي الشرقي باب يوصل إلي القاعة المجاورة.

الباب الثاني علي يسار الصاعد ارتفاعه 1.92م وعرضه 1.12 فيدخل منه مباشره إلي المقعد. والمقعد من الداخل مستطيل المسقط طوله 8.40م وعرضه 4.70م يتألف ضلعه الشمالي من واجهه طولها 6.90م مكونة مـن عقدين نصف دائريين ويستندان في الوسط علي عمود رخامي مستدير يعلوه تاج عليه طبلية خشبية يمتد منها روابط خشبية تتصل بالجدارين الجانبيين كما كان يتقدم هذه الواجهة من الأسفل درابزين خشبي حديث. وعلي الحائط الشرقي لغرفة المقعد (اليمين) توجد دخله لمكتبة خشبية، وفي الحائط المقابل دخلة مماثلة وتعمل كمكان لوضع التحف للتزيين. أما السقف فارتفاعه حوالي 6 متر وهو مصنوع من الخشب ولا يحتوي علي أية زخارف. والمميز هو وجود مصباحان كبيران يضاءان بالشموع وفي كل واحد باب صغير ُيفتح لتغيير الشموع. فوق المقعد نفسه توجد مظلة خشبية.

تعمل علي منع المطر من الدخول للمقعد علاوه علي إضافه بعد زخرفي رائع. ويفتح في الطرف الشرقي لهذا الضلع فتحه باب ارتفاعه 1.85 وعرضه 90 سم يؤدي عبر ممر قصير الي قاعه انتقاليه وفتح في الضلع الجنوبي المقابل دخله جداريه ارتفاعها 2.06 و عرضها 2.30م و عمقها 35 سم وترتفع عن ارض المقعد بمقدار 42 سم بينما فتح في الضلع الشرقي دخله مشابهه ارتفاعها 1.85 م وعرضها 1.92 ترتفع عن الارض المقعد بمقدار 45 سم وعمقها 20 سم.
وجدير بالذكر أن هذه الدخلاات كانت تستخدم ككتيبات جداريه يغلق عليها ضرف خشبية لحفظ مستلزمات المقعد وقد كانت أرض هذا المقعد مفروشة بالبلاط الكدان ويغطيه اليوم سقف خشبي مكون من براطيم مستعرضة خالية تماما من الزخارف.
في الحجره بابان ويوجد بسقف الغرفه ملقف هواء للإضاءة ولتجديد هواء الغرفة ولقد لوحظ أن ارتفاعات الأبواب قصيرة جداً. يوجد علي اليسار باب يؤدي إلي غـرفه يوجد في حائطها الأمامي فتحة سفلية صغيرة تسمي السـرداب أو المخبئ ويعتقد أنها قد صممت للإستخدام أوقات الخطر ويوجد أيضا مكان للتخزين في نفس الحجرة بالاضافة الي شرفة تطل علي الحديقة.

المراجع
آمين، أحمد
بيت السناري / تأليف أحمد أمين – الإسكندرية، مصر :
مكتبة الإسكندرية 2013

 

إقرأ أيضًا:_

الحياة بعد الموت 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا