التاريخ والآثار

مساند الرأس في مصر القديمة

بقلم / بسنت محمد بكر

هناك جملة شعبية مشهورة دائمًا ما يُقال عند الترحم علي الميت ” الله يرحمه ويبشبش الطوبة اللي تحت راسه” بغض النظر عن الوسائد التي نستخدمها تحت الرأس أثناء النوم وهي ما تعادل الطوبة في هذه الجملة للميت، ولكن هذا الموضوع له أصل يعود لأجدادنا المصريون القدماء أول من توصلوا لفكرة مساند الرأس وأنها انسب وضع للراحة عند الأحياء ولحماية الرأس من التلف نتيجة خبطها أو حدوث أي تدمير لها عند المتوفي، ومن هُنا جاءت ” يبشبش الطوبة” أي تمني بعدم تلف القطعة التي تسند رأسه.

تعتبر مساند الرأس في مصر القديمة جزء من الأثاث سواء الأثاث الدنيوي أو الجنزي، فقد لاحظ المصري القديم أن أنسب وضع لراحة الإنسان أثناء النوم هو الوضع الذي تكون فيه الرأس مرتفعة بعض الشيء عن الجسد مما جعله يضع تحت رأسه حزمة من القش أو لفائف الجلد أو قطعة من الخشب أو قالب من الطوب اللبن. هناك دلائل تؤكد استخدامه منذ الأسرة الثالثة واستمر استخدامه حتى العصر المتأخر، غير أن أشكالًا بدائية منه كانت معروفة قبل ذلك.
يتكون الشكل التقليدي لمسند الرأس من ثلاث قطع قاعدة مستطيلة الغرض منها تحقيق نوع من الثبات للمسند، يعلوها عمود رأسي قد يكون فردياً أو مزدوجاً، ثم المسند وهو يأخذ شكل الهلال، وبما أنه صنع بعضه من مواد صلبة ُكسى بطبقة من القماش بدلا من الوسادة.

عرف مسند الرأس باسم واحد وهو wrs منذ الدولة القديمةوحتى الدولة الحديثة.

وهو اسم مشتق من الفعل rs بمعنى يسهر على أو يحمي أو يحرس، وربما اشتق من هذا الفعل كي يوفر للنائم الأمان حيث يقوم بحراسته وحتي لا تتعرض رأسه للأذي، ولتوفير الحماية ،وسجل علي بعض توابيت الدولة الوسطى مسند الرأس مصحوبا باسم المادة المصنوع منها.

مواد صناعة مساند الرأس.

تنوعت المواد التي صنعت منها مساند الرأس كالخشب بأنواعه مثل الأرز والأثل، والحجر بانواعه مثل الحجر الرملي والمرمر والديوريت.

وصنعت في بعض الحالات من:_

العاج، ومن الفخار والفاينس. ويبدو أن المادة التي صُنع منها تؤثر على بقائه، فمثلا المساند في الدولة القديمة كانت أكثر؛ حيث صنعت من الفخار والحجر الجيري والألباستر والقليل من الخشب لذلك وصلتنا منها أعداد كبيرة أما في الدولتين الوسطى والحديثة فكانت المادة الأساسية لصناعة مساند الرأس هي الخشب، مادة سريعة التلف لذا وصلنا منها أعداد قليلة .

 

استخدامات مساند الرأس:

• ١ -الاستخدام اليومي: استخدمت مساند الرأس في النوم بحيث تكون الرأس مرتفعة بعض الشيء ومايؤكد استخدامها في النوم (التمثال) لسيدة ترقد على سرير وأسفل رأسها مسند وتعود للدولة الحديثة.

• ٢ -الاستخدام الديني والجنزي: يشبه مسند الرأس بأشكاله المختلفة الأفق أو الأخت. ويتشابه وضع الرأس فوق المسند مع قرص الشمس بين الأفق، كما يشبه وضع الرأس على المسند قرص الشمس بين أجنحة النسر الذي يفرد جناحيه على التابوت، ويشبه قرص الشمس بين قرني البقرة حتحور، وقرص القمر الذي يعلو الهلال في الربع الأول من الشهر القمري، ومسند الرأس يضمن ولادة جديدة مثل الشمس ؛ إذن الرأس بهذا الشكل يرمز إلى جميع القوى التي يمثلها إله الشمس، ومن يضع رأسه على المسند يضمن ولادة جديدة مثل الشمس، وهذا ارتباط بالبعث في العالم الآخر لديهم.

مساند الرأس في مصر القديمة

بالإضافة إلي أنه ذكرت التعويذة ٣٠٠ في متون التوابيت من الدولة الوسطى أن الغرض من مسند الرأس هو دفع رأس المتوفي وإعادته للحياة فتذكر “يا ليت رأسك ترفع..”، وكذلك
التعويذة ١٦٦ من كتاب الموتى تذكر أن الغرض من مسند
الرأس هو رفع رأس المتوفي ليبعث من جديد مثل الشمس التي تشرق كل يوم.

وصور المصريون الإله بس على مساند الرأس بسكاكين وأقواس كي يحمي النائم من الشياطين والأضرار المحيطة به، بالإضافة إلى حماية الحوامل عند الولادة وبذلك يضمن لصاحب المسند حياً أو ميتًا الولادة الجديدة.
• كما كانت مساند الرأس ضمن الأثاث الجنائزي في المقابر
وجد في أغلب الحالات أسفل رأي المتوفي أو بالقرب منها
بجوار أقدام المتوفي، وإلى جانب ذلك قاموا بتصويره علي جوانب التوابيت خاصة في الدولة الوسطي.
دائمًا كل قول وكل فكرة ولها أصل قائم علي مغزي وهدف، ودائمًا ما كان المصري القديم يُفكر خارج الصندوق.

إقرأ أيضًا:_

ملحمة إيرا الهلاك المنسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا