“طفلة الأرجوحة”
آية ماجد
أسير بخطوات هادئة نحو تلك الحديقة المجاورة لمنزلي لأنال بعض الراحة فضجيج الحياة قد نال مني وأنهكني جلست أتأمل الأطفال وهم يلعبون كم هو جميل هذا الشعور أن تكون صغيراً لاتدري ماذا يحدث من حولك بدأت أتجول بعينيَّ في المكان لأجد تلك الطفلة الصغيرة تجلس علي الأرجوحة ساكنة لا تتحرك لا أدري لماذا جذبتني هكذا رأيتها تحرك رأسها لتنظر إلي تلك الأرجوحة الفارغة بجوارها ثم رأيت تلك الدمعة التي سقطت من عينيها لا أعلم لماذا لكنني بدأت أراقبها كما لو كانت هي ابنتي التي أخشى عليها من الخطر جلست أراقبها فترة من الزمن حتي أتت تلك المرأة وابتسمت بحنان لها ثم أمسكت كفها وسحبتها لتخرج من الحديقة عدت إلي منزلي لأعود للعمل من جديد ترتيب المنزل وتحضير الطعام لزوجي وأطفالي الذين كانوا منهمكين في اللعب وكالعادة قلب المنزل رأسا علي عقب فبدأت أرتبه من جديد وأنا أفكر في طفلة الأرجوحة كما سميتها مضي أسبوع وعدت إلي نفس الحديقة والحقيقة أنني كنت أبحث عن تلك الطفلة ولكنني لم أجدها فجلست لأستنشق بعض الهواء النقي وماهي إلا لحظات حتي أتت تلك الطفلة وذهبت إلي الأرجوحة لتجلس ساكنة بلا حراك وتسقط دموعها كلما نظرت للأرجوحة الفارغة بجوارها وهكذا حتي تأتي تلك المرأة وتأخذها ثم أعود إلي منزلي وأنا أفكر في طفلة الأرجوحة تكرر الأمر كثيراً حتي قررت في يوم ما أن أسألها لماذا تبكين هكذا كلما نظرتي إلي الأرجوحة بجوارك؟ الفضول سيقتلني حتما إن لم أعلم الإجابة ذهبت إلي الحديقة متأخرة تلك المرة بسبب انشغالي بأطفالي ولكنني وجدتها تجلس علي الأرجوحة فسرت نحوها ببطء لأجلس بجوارها علي الأرجوحة الأخرى نظرت إلي بحزن ثم عادت تنظر إلي الفراغ فقلت لها “ما اسمك أيتها الجميلة؟”
صمتت للحظات فاعتقدت أنها لن تجواب ولكنها قالت “اسمي نور”
قلت لها “وأنا أيضا اسمي نور يالها من صدفة جميلة كم عمرك يانور؟”
ردت علي”عمري سبع سنوات”
فقلت لها “أنتي بعمر ابنتي ريم”
ابتسمت الفتاة ليسود الصمت من جديد
فقلت لها لأنهي هذا الفضول “حسنا يانور أود أن أعرف مايبكيكي؟ لاحظت أنكي كلما نظرتي لهذه الأرجوحة التي أجلس عليها تبكين لماذا؟”
تساقطت دموع نور فنهضت من مكاني وجلست علي ركبتيَّ أمامها لأمسح دموعها وقلت لها”أنا آسفة ياصغيرتي لأنني سألتك لابد أنني أزعجتك كثيراً أنا آسفة ”
سمعت ذلك الصوت خلفي يقول “لا داعي للأسف ياعزيزتي وشكراً لكي لأنكي تحاولين التخفيف عنها”
نهضت من مكاني والتفت لأجد نفس المرأة التي ابتسمت لي ثم قالت”أنا والدتها وادعي حنان
ثم أشارت لنور وقالت: والدك بإنتظارك في السيارة اذهبي إليه وأخبريه أنني سآتي بعد قليل ”
ابتعدت نور عنا
لتقول والدتها”ابنتي نور كانت فتاة مرحة جداً وكانت الابتسامة لا تفارق شفتيها لكن بعد تلك الحادثة التي حدثت معها تغيرت كثيراً وها أنا أحاول مساعدتها لتعود لما كانت عليه ”
سألتها بفضول”وما الذي حدث معها؟ ”
أجابتني بحزن”لقد خسرت صديقتها المفضلة همسة في حادث سيارة كانت تعبر الطريق معها في إحدي المرات لكن همسة سقطت علي الأرض وهي تركض وفور نهوضها صدمتها السيارة أمام عينيّ نور وهذا ما جعلها تفقد ابتسامتها الجميلة لقد باتت تخاف عبور الطريق وباتت تكره السيارات مرت سنة كاملة علي تلك الحادثة ولا زالت تعاني منها ربما تخطت خوفها من السيارات وعبور الطريق لكن حزنها لفقدان صديقتها لا يزال يسيطر عليها فتأتي إلي هذه الحديقة التي كانت تزورها دائما برفقة همسة وتلعبان علي الأرجوحة والآن هي تأتي لتجلس بمفردها علي الأرجوحة وتنظر للجهة الأخرى لتتذكر صديقتها التي كانت تشاركها اللعب حاولت منعها من القدوم إلي هنا وتذكر الماضي ولكنها عنيدة جداً لذلك تركتها علي أمل أن تنسي هذه الحادثة في يوم من الأيام ”
أشعر الآن بالحزن لأجل تلك الطفلة وأود مساعدتها ولكن كيف؟ رحلت والدتها فسرت خلفها لأجد نور تجلس في السيارة مسندة رأسها للزجاج فآلمني قلبي علي هذه الطفلة ولكنني قررت أن أساعدها
في اليوم التالي اصطحبت ابنتي ريم معي إلي الحديقة وانتظرت قدوم نور وما إن أتت ذهبت إليها وعلي وجهي ابتسامة أمل كبيرة وقلت لها”كيف حالك يانور؟ هذه ابنتي ريم التي أخبرتك عنها هيا ياريم سلمي علي نور”
مدت ابنتي ريم يدها نحو نور لتقول لها”مرحباً اسمي ريم ”
أمسكت نور يدها بعد تردد دام للحظات ثم قالت”وأنا نور”
جلست ابنتي ريم علي الأرجوحة الأخرى بجوار نور وبدأت أنا أحركهما حتي أتت والدتها لتشكرني علي تلك المساعدة ثم أخذت نور وذهبت
مرت الأيام وأنا أتي بريم إلي الحديقة لتلعب مع نور وهكذا عادت نور للضحك من جديد وبدأت تشارك الأطفال الأخرين اللعب لن أنسي تلك الابتسامة التي اعتلت شفتيها لأول مرة منذ رؤيتي لها كم هي جميلة براءة الأطفال ينسون بسرعة وهذا أجمل ما في الأمر.
