التاريخ والآثار

الملك أوسركون الثاني ” الملك اللص “

بقلم الباحث : محمد حمدي محمود 

 

يُعتبر الملك ” أوسركون الثاني ” من أشهر ملوك الأسرة الثانية والعشرين ، وتظهر أهمية هذا الملك بفضل الاكتشافات الأثرية التي تمت في منطقة ” تانيس ” .

 

والملك أوسركون الثاني هو ابن الملك ” تاكيلوت الأول ” وابن الملكة ” كابس ” ، وكان يلقب في الكثير من الأحيان بلقب ” ابن الإلهة باست ” وبالأخص في معبد تل بسطة أحد أهم مراكز عبادة الإلهة باست في مصر ، ولأن هناك عدد كبير من الملوك الذين حكموا مصر من بعدة تسموا باسم أوسركون فإن لقب ابن الإلهة باست يجعل من الملك أوسركون مميزاً بين باقي الملوك الذين حكموا البلاد من بعدة .

 

وقد أتخذ الملك أوسركون الثاني من الملك ” رمسيس الثاني ” نموذجاً له ، وقدوة يقتدي بها في كل شيئ وهذا ما يظهر في الأثار التي تم العثور عليها التي تخص الملك أوسركون ، ومن الواضح أن الملك أوسركون لم يكن يريد ان يقلد سلفة الملك العظيم ” رمسيس الثاني ” فحسب بل كان يريد أن يتفوق عليه في كل شيئ حتي وصل الأمر به أنه قام باغتصاب بعض أثار الملك رمسيس الثاني ونسبها لنفسة والذي دفعة لذلك هو الانتقام للملوك الذين أغتصب الملك رمسيس الثاني أثارهم ونسبها لنفسة .

 

لذلك نجد أن بعض أثار الملك رمسيس الثاني قد نقش عليها اسم الملك أوسركون وبالتحديد أثار مدينة ” برر عمسيس ” عاصمة مصر في عهد الملك رمسيس الثاني ، ومن أجل أن يكون تقليد الملك أوسركون لسلفة رمسيس الثاني محبوك الأطراف أتخذ اسم شارته المقدسة ” الثور القوي صديق ماعت ” ، حتي أن اللقب الذي أتخذه الملك رمسيس الثاني لنفسه وهو ” وسر ماعت رع ستبن رع ” هو نفس اللقب الذي أتخذه الملك اوسركون لنفسة مع تغير اسم الإله رع بالإله آمون ، وهذا قد سهل علي الملك أوسركون اغتصاب بعض أثار الملك رمسيس الثاني ، وهذا الأغتصاب يظهر جلياً في معبد ” تل بسطة ” بشكل خاص .

 

وقد أرتفع شأن معبد تل بسطة كثيراً في عهد الملك أوسركون الثاني ؛ حيث أصبح مقراً لعبادة الإلهة باست وإظهارها علي انها هي المعبودة السائدة عبادتها في تلك المنطقة والدليل علي ذلك ان اسم المعبودة باست وجد منقوشاً بالحروف الكبيرة علي جداران المعبد ، وعلي التماثيل ، واللوحات ، بل وعلي عقود القاعات ، وأعمدة المعبد وقد أراد الملك أوسركون الثاني  من هذا التعظيم للمعبودة باست هو محو اسم الإله ست ومنع طقوس عبادته في كل أرجاء مصر ولكن هذا العمل لم يُنجز بالدقة الكاملة .

 

ونظراً للقدسية الكبيرة التي منحها الملك أوسركون الثاني للمعبودة باست أنه قام ببناء مبني في منطقة تل بسطة وبالقرب من هذه البقعة تم العثور علي قطعة أساس مصنوعة بدقة شديدة نقش عليها بالحجم الطبيعي وفيها يظهر الملك أوسركون الثاني وهو يقوم بتقديم العين المقدسة قربان للإلهة باست من أجل أن تمنحه القوة وحكم الأرض بما عليها علي اعتبار أن الإلهة باست هي التي أنجبت الملك أوسركون الثاني .

 

ولقد ترك لنا الملك أوسركون الثاني الكثير من الأثار سواء في منطقة تل بسطة أو في الوجه البحري بشكل عام ؛ فمن اهم هذه الأثار ما يلي :

 

  • مدينة بوبسطة ” مدينة الإلهة باست العظيمة ” :

تُعتبر مدينة بوبسطة المعروفة بمدينة الإلهة باست العظيمة من أهم الأثار التي تركها الملك أوسركون الثاني ، وكان موقع هذه المدينة مميز جداً في ذلك الوقت ؛ حيث كانت تقع علي فرع النيل البيلوزي  أحد فروع نهر النيل المندثرة  ، وقد شهدت هذه المدينة العتيقة الكثير من الأحداث مثلها مثل باقي المدن التي بناها ملوك مصر القديمة كمدينة ” تانيس ” التي تُعد مقراً للكثير من الأثار التي خلفها كل من الملك ” خوفو ” ، والملك ” بيبي ” ، وغيرهم الكثير من ملوك الدولة القديمة والوسطي .

 

وقد ضمت مدينة بوبسطة الكثير من الأبنية الضخمة التي يعود تاريخها لعصر الملك أوسركون الثاني ومن جاء بعدة من الملوك ولكن هذه المباني تم تدميرها بسبب الحروب الداخلية التي شهدتها مصر في تلك الفترة تلك الحروب التي أدت لتدمير المدينة بأكملها ، ولكن هذه المدينة لم يُعاد تشيدها مرة أخري مثل مدينة تانيس التي تم إعادة بناؤها علي يد ملوك السرة الواحدة وعشرين .

 

ولما جاء عصر حكم الأسرة الثانية والعشرين قام الملك أوسركون الثاني بإعادة بناء المعبد الكبير كما شيد معبد أخر صغير علي أنقاض بعض المباني القديمة في المدينة ‘لي جانب تشيد الكثير من المباني التي يعود الفضل في إنشاؤها لهذا الملك علي الرغم من أن معظم هذه الأعمال من مباني ، وتماثيل تم إغتصابها من الملك رمسيس الثاني ، وغيرة من ملوك الدولة الوسطي ، والدليل علي ذلك انه تم العثور علي تمثال جالس الملك ” أمنمحات الثالث ” منقوش عليه اسم الملك أوسركون الثاني ، كما عُثر علي تمثال مصنوع من الجرانيت الرمادي من المحتمل أن يكون ايضاً للملك أمنمحات الثالث وهو جالس علي العرش وهذا التمثال أيضاً منقوش عليه اسم الملك أوسركون الثاني .

 

وإذا نظرنا للبوابة العظيمة للمدينة فسنجد أنها منقوشة بالكثير من النقوش الغاية في الروعة والجمال وهذه النقوش كانت تمثل الاحتفال بالعيد الثلاثيني الذي كان الملك يحضره شخصياً  مع زوجته الملكية وأطفاله وبحضور كبار رجال الدولة ، وقادة الجيش ، والمندوبين الأجانب ، وحكام المدن والأقاليم المصرية ، إلي جانب ذلك بعض النقوش التي كانت تمثل الألهة المحلية وهي في حضرة الإله العظيم .

 

  • السربيوم :

وفي السربيوم مدفن العجول العظيم وجدت لوحة للعجل أبيس نقش عليها بأن هذا العجل قد تم دفنه في السنة الثالثة والعشرين من حكم الملك أوسركون الثاني .

 

  • أثار تل المقدام :

وفي منطقة تل المقدام تم العثور علي تمثال للملك رمسيس الثاني منقوش علية اسم الملك أوسركون الثاني وهذا التمثال من الدلائل التي تدل علي أغتصب هذا الملك لأثار من سبقوه من ملوك مصر ، ولم ينتهي الأمر فقط عند الملك بل أن أحد ضباطه قام بنقس اسمه علي قاعدة نفس التمثال .

 

  • أثار بلدة ميت يعيش مركز ميت غمر :

وفي بلدة ميت يعيش مركز ميت غمر تم العثور علي لوحة حجرية منقوش عليها من الوجهين اسم الملك أوسركون ، ويظهر عليها الملك وهو يقوم بتقديم القرابين من ثالوث طبية المقدس إلي ثالوث أخر يشمل كل من الإلهة ” إيزيس ” ، والإله ” حور ” ، والإله  ” شدن ” .

 

  • أثار مدينة بيثوم ” تل المسخوطة ” :

أما عن معظم الأثار ، والنقوش التي تم العثور عليها في هذه المدينة هي تعود لعصر الدولة الوسطي ، وعصر الملك رمسيس الثاني وهي كالعادة مُغتصبة من قبل الملك أوسركون ، ولكن تم العثور علي بعض الأثار التي تخص الملك أوسركون الثاني مثل قطعة من الحجر الجيري الأبيض كُتب عليها بالحبر الأحمر تمهيداً للنقش عليها .

 

وفي المتحف البريطاني يوجد تمثال لموظف يدعي ” عنخ شرينفر ” وهو يقدم القرابين لثالوث طيبة المقدس إلي جانب ثالوث أخر تكون من الإلهة ” حور أختي ” ، والإله ” شو ” ، والإلهة ” تفنوت ” وكان هذا الموظف يعمل نائب حاكم مدينة بيثوم في عهد الملك أوسركون الثاني .

 

وإلي جانب تلك الأثار السابق ذكرها تعم العثور علي قطعة من الحجر الجيري الأبيض نقش عليها اسم الملك أوسركون الثاني في معبد بتاح ، وكذلك في حلوان عُثر علي لوحة ذُكر عليها اسم هذا الملك وهو يستشير الإله بتاح من أجل منح هبه لحفيد الملك أوسركون الثاني المدعو ” زد بتا حفعنخ ” ، وفي منطقة العرابة تم العثور علي آنيتين من المرمر نقش عليهم اسم هذا الملك .

 

وأيضاً تم العثور علي تمثال من الجرانيت يمثل الملك أوسركون الثاني وهو راكع وفي يده لوحة ، ولكن العالم الأثري ” دارسي ” أثبت بأن هذا التمثال ليس للملك أوسركون الثاني بل هو من ضمن الأعمال التي أغتصبها أوسركون من سلفة الملك رمسيس الثاني .

 

  • مقبرة الملك أوسركون الثاني :

في مدينة تل بسطة تم العثور علي باب كبير مصنوع من حجر الجرانيت هذا الباب يخلد إحتفال الملك باليوبيل الملكي ، وفي مدينة تانيس تم العثور علي عدد من الأعمدة ذات الشكل النخيلي التي أقتلعت من مدينة ” بررعمسيس ” ؛ حيث كانت تلك الأعمدة تحمل اسم الملك رمسيس الثاني ولكن تم محو اسمه وحل محلة اسم الملك أوسركون الثاني .

 

وتم العثور في تانيس علي مقبرة خاصة بالملك جهزها لنفسه ، كما تم العثور علي مقبرة في مدينة منف تخص ابنه الذي كان يعمل في منصب كبير كهنة الإله ” بتاح ” .

 

اقرا ايضا:-

الملك شيشنق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا