التاريخ والآثارمقالات

سيدة مصر الأولى

بقلم الباحثة : ناهد مصطفى صلاح

 

نسـاء علـى عـرش مصـر ..”سيدة مصر الأولى” لقب له الكثير من الصلاحيات ؛ ولكن هل من حق صاحبة هذا اللقب كل هذه الصلاحيات !! وما هو الدور التى تقوم به صاحبة هذا اللقب على مدار العصور التاريخية فى مصر !؟

أول من أطلق عليها هذا اللقب هى السيدة (أم كلثوم ) وذلك لقيامها بأعمال وطنية , كما كانت سفيرة لمصر فى وقت الحرب . السيدة الأولى هو لقب من الجانب السياسى ليس له وجود وهذه المكانة ليس لها وجود داخل الدساتير والقوانين ، وعلى الرغم من هذا وجدنا إرتباط هذا اللقب بزوجات الحكام فقط , وارتباطه بالعديد من الصلاحيات السياسية والإجتماعية !؟ ..

إن زوجة الحاكم  يجب أن تكون على قدر كبير من التفتح والخلق و ذلك لتكون وجهًا مشرفًا أمام الدول الأخرى ويجب أن تكون على دراية بمعرفة الشخصية المصرية وأن تكون على دراية بالشعوب العربية والأوربية وعلى دراية بكل وسائل التكنولوجيا كما أنها يجب أن تتابع السياسة وتشارك زوجها الرأى لكن لا يحق لها أن تتدخل فى شئون البلاد ونظام الحكم كما ينبغى أن تتعلم أصول البروتكول وكيفية مقابلة الرؤساء ولكن لا يحق لها أن تبدى أى قرارات و يجب أن تكون معنية بالجانب الإجتماعىأاكثر , وفى السطور التالية نوضح الدور السياسى والثقافى والإجتماعى «لسيدة مصر الأولى» على مدار العصور التاريخية ..

 

المـرأة فـى مصر القديمة :-

شغلت المرأة فى مصر القديمة بصفة عامة مكانة لم تصل إليها المرأة فى أى مجتمع معاصر لها إن اختلفت هذة المكانة من عصر إلى آخـر ، أما بالنسبة للملكات المصريات كان لهن أهمية كبيرة منذ بداية الأسرات وكان لهن دورهن السياسى أيضًا , حيث كان لابد أن يكون حاكم مصر من الدم الملكى وكان معروف أن الدم الملكى ينتقل عن طريق المرأة حيث أن الزوجة الرئيسية للملك هى ( زوجة الإله) وكانت من نسل ملكى خالص وكانت أنقى الزوجات دمًا حيث أنها من جسد إلهى فأصبحت الملكات من الكيان المقدس وكان ذلك من الأساسيات التى ساهمت فى قوة نظام الأم الملكية والتى ظهرت فى العصر الحديث تحت لقب (الوالدة باشا) , وكان للأم الملكية أهمية كبرى ويستدل على ذلك من بعض الآثار وقوائم الملوك حيث ذكرت فيهم أسماء أمهات الملوك .. وفى عصر الدولة القديمة كانت تنسب البنوة للأم , كما سمح لهن بالتصوير داخل حجرة الدفن الملكية .. وفى عصر الدولة الحديثة كانت إسم أم الملك تسبق إسم زوجته الملكية ..

ومجمل القول أن ملكات مصر القديمة كان لهن أهمية كبيرة بسبب دورهن فى تقليد وراثة العرش مما إستلزم معه أن يحملن ألقاب عديدة تعكس سلسلة نسبهم إلى الأسرة المالكة ومشاركتهن فى الوظيفة الملكية واحتلت الزوجة الملكية العظمى التى تعتبر أنقى الزوجات دماً مكان الصدارة بالنسبة لزوجات الملك الأخريات , كذلك فإن الأم الملكية تبعًا لذلك شغلت مكانة مرموقة فى تقليد أو نظام وراثة العرش كما تمتعت بالتقدير والإحترام من الجميع ..

أما بالنسبة للدور السياسى للزوجات الملكيات فهو يتضح من خلال بعض ألقابهن فمثلاً نجد أن الملكة (تـى) تمتعت بشخصية قوية وشاركت زوجها  فى معظم آثارة وجاء اسمها بعد إسم الملك مباشرة وشاركت الملك فى الإحتفالات كما قام الملك أمنحتب الثالث ببناء معبد لها فى النوبة لعبادتها , أما بالنسبة للملكة (نفرتيتى) زوجة أخناتون ظهر دورها السياسى فى القيام ببعض الأعمال التى كانت مخصصة فقط بالملوك مثل ضرب الأعداء وقيادة العربات الملكية ومشاركتها فى كثير من الحفلات العامة وتوزيع الذهب على كبار الموظفين واستلام الجزية وارتدائها التيجان الملكية , وتعتبر أنها شاركت أخناتون الحكم  ..

وإلى جانب مشاركتهن للملوك للحكم وتميزهن عن باقى النساء إلا أنهن كيدهن عظيم فكان منهن من يطمع بالحكم ويدبر المكائد والمؤامرات للإستيلاء على الحكم ..

 

المرأة فى العصر الملكى فى مصر :-

فى عصر الخديوى إسماعيل  كان ظهور المرأة فى الحكم واضحًا من خلال الوالدة باشا أو «الأم الحاكمة» والتى نتجت قوتها من أنها مستشارة سياسية لإبنها طوال سنوات حكمه لمصر مثلما كان يحدث أيام المصريين القدماء . أما بالنسبة لزوجات الحكام بدأ يتأكد دورهن باتخاذهن دور «سيدة مصر الأولى» فى الوقت الذى بدأ يقل تأثير «الأم الحاكمة» التى كان تأثيرها يختلف حسب تعليمها وثقافتها وتأثيرها على مصير مصر ..

وكانت الوظيفة الرئيسية لزوجة الحاكم فى عهد أسرة محمد علي هى الحفاظ على الأسرة من خلال كثرة النسل حيث  أنها من واجبها إنجاب الذكور كمهمة من مهامها فى القصر الملكى وذلك للحفاظ على توريث السلطة . وتكرر ذلك الأمر فى عهد الملك فاروق الذى انفصل عن زوجته الأولى «الملكة فريدة» التى لم تتمكن من إنجاب ولي العهد ..

ونلاحظ أن أغلب زوجات حكام مصر كن يحملن جنسيات أجنبية بجوار جنسياتهن المصرية ، وعلى الرغم من أن أسرة محمد علي كانت تلتزم بعادة الزواج من فتيات من النسل الملكى لكن كانت هناك أجنبيات حصلن على لقب السيدة الأولى , ونجد أن زوجات الحكام  تعلمت داخل بيوتهن ، تعلمن المعلومات الأساسية مثل التاريخ والعلوم  … إلخ .

أمـا عن دورهن فظهر فى مشاركتهن فى المناسبات التى تخص النساء فقط مثل حفلات الزفاف الملكية وسهرات الأوبرا كما أن الصحف المصرية لم تكن تخلو من صور زوجات الحكام وهن يشاركن فى الأعمال الخيرية ، وعلى سبيل المثال الملكة فريدة تولت الرئاسة الفخرية لإتحاد المرأة ورابطة المرأة الجديدة ، وشاركت فى بناء جمعية خاصة بتوعية الفتيات وشاركت بحضورها فى المعارض الفنية وكانت مهتمة بالإشراف على إستقبال الشخصيات الهامة من الأجانب زوار مصر ..

 

المرأة فى العصر الجمهورى لمصر :-

عندما أصبحت مصر جمهورية وجدنا أن السيدة «تحية عبدالناصر» وقد كانت ذات أصول إيرانية , وكانت قليلة الظهور وكان معروف عنها أنها زوجة مطيعة لزوجها تسير خلفه فى المناسبات العامة وكانت أماً لخمسة أطفال وسيدة المنزل وخلال المرات القليلة التى ظهرت فيها فى مناسبات عامة كانت لضيافة أصحاب السمو الرفيع وكانت جمل إستقبالها متلعثمة لكنها بالإجمالى خلال فترة الرئيس جمال عبدالناصر لم تحضر أية مناسبة عامة ..

أما بالنسبة للسيدة «جيهان السادات » والسيدة «سوزان مبارك » تتشابه مستواهما الإجتماعى حيث أنهما من أسرة متعلمة والجدان من ناحية الأب ينتسبان إلى صعيد مصر ووالديهما يتمتعان بالإحترام  والتقدير وسعيهما لإستكمال دراسة الطب فى بريطانيا وتزوجهم من بريطانيات .

أما بالنسبة للجانب الثقافى والتعليمى للسيدتان (جيهان السادات , سوزان مبارك )  فقد نالوا الدرجات الجامعية وحصلت السيدة جيهان السادات على درجة جامعية كبيرة فى الأدب العربى من جامعة القاهرة . وفى نفس الوقت قيدت السيدة سوزان مبارك فى الجامعة الأميركية بالقاهرة لتحصل على بكالوريوس العلوم السياسية عام 1977 ثم حصلت ع الماجستير عام 1982.

أما بالنسبة لدورهن السياسى كزوجات لحكام مصر فنجد أن السيدة “جيهان السادات” كانت مهتمة جدًا باللقاءات الصحفية سواء المحلية أو الأجنبية حتى أنها أصبحت من مشاهير المجلات الأمريكية وكتبت مقالاص عن المرأة المصرية المتحررة فى مجلة “تايم” الأمريكية , وركزت جهودها فى فكرة تحرير المرأة المصرية وعمل مشاريع خاصة بحقوق المرأة , كما أنها كانت عونًا لزوجها فى تأييدها الدائم لارائه , كما أنها تعاونت مع زوجها للوصول لثقة الشعب المصرى .. أما بالنسبة لمشهد النهاية لجيهان السادات كسيدة مصر الأولى فكان مؤثرًا فجسد زوجها رجل الحرب والسلام راقدًا فى مستشفى القوات المسلحة بالمعادى وكل ما فعلته هو إخبار “مبارك”  بأنة أصبح رئيسًا لمصر , وتنازلها عن لقب “السيدة الأولى” للسيدة “سوزان مبارك”, وعلى الرغم من ذلك ظلت “جيهان السادات” رمزًا من رموز الوطنية فى مصر ويكِن الشعب المصرى لها الكثير من الإحترام ، واستعدت السيدة “سوزان مبارك” للقب الجديد “سيدة مصر الأولى”..

وكانت من أولى سيدات العصر الجمهورى التى تعاملت مع شعبها بشكل مباشر عن طريق التلفزيون وعملت على نشأ الكثير من المشروعات الهامة مثل “القراءة للجميع” و “المجلس القومى للمرأة” و “سيدات من أجل السلام” ويعتقد الكثير أنها كانت بمثابة المستشار للرئيس مبارك . ولكن كان مشهد النهاية مروعًا بالنسبة للسيدة “سوزان مبارك” حيث قيام ثورة 25 يناير وإنهيار أحلام سوزان بالإستمرار فى وجودهم على عرش مصر وتكملة مصيرها كالوالدة باشا فى العصور الملكية من خلال توريث الحكم لابنها جمال , وسعت سوزان بكل جهدها على الإستمرار فى الحكم . وبعد تجربة زوجتي الرئيسين السادات ومبارك، كان يخشى المصريون من تدخل زوجة الرئيس المقبل فى الحياة السياسية للبلد حيث لم يعد للمصريين أدنى رغبة فى قيام زوجة الرئيس بممارسة أى دور فى الحياة السياسية ، عدا عند الإنشغال بالعمل الخيرى والإجتماعى ..

ولكن السيدة الأولى فى مصر فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى -لم تعد هى الأولى- لم نراها فى زيارات الرئيس الخارجية ولا فى المؤتمرات الدولية ، لم نر أو نسمع أو نقرأ تصريحات لها ، ولكنها تسعى لخلق جيل جديد من الأطفال ، مبدع وقادر على تحقيق آمال مصر فى مستقبل مشرق وذلك من خلال جائزة الدولة للمبدع الصغير , وكذلك تقوم بجهود كثيرة فى عدة مجالات تستهدف تمكين المرأة المصرية , وضمان الحياة , و توفير بيئة عمل مناسبة لها يكفل حقوقها الإجتماعية والإنسانية ، مؤكدة أن المرأة المصرية هى النائبة والباحثة والعالمة والبطلة الرياضية ورائدة الأعمال .

 

إقرأ أيضًا :-

الفراعنة لصوص حضارة !!

9 حقائق غريبة جدًا عن المصريين القدماء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا