التاريخ والآثارمقالات

نهر النيل .. المكون للهوية المصرية

بقلم: ندى عماد

 

عندما ننظر إلى مصر سنجدها أول كلمة في كتاب التاريخ، وأهم موقع في كتاب الجغرافيا، ودولة عظيمة صانعة للحضارة ومبدعة التاريخ وأعظم دولة ثقافياً فى العالم قديماً وحديثاً ..
أنعم الله سبحانه وتعالي على مصر بالموقع الجغرافى المتميز الذي يتوسط قارات العالم القديم، وقد ساهم هذا الموقع الجغرافي المتميز فى تواصل مصر مع جيرانها وسهولة الإتصال والتاثير والتأثر مع حضارات العالم القديم ..
ومنحها الله نهر النيل الخالد الذي سهل الإتصال بين الشمال والجنوب ووحد الدلتا ووادي النيل حضاريا ودينيا وثقافيا منذ أقدم العصور، وقد ساهم النهر الخالد فى وحدة مصر وتماسكها عبر العصور وتوحيد جهود المصريين وتضامنهم لإقامة الجسور والحفاظ على مياة الفيضان، وهو ماجعل المصريين يعيشون كشعب واحد عبر آلاف السنين ..

أول كلمة في كتاب التاريخ
نهر النيل .. المكون للهوية المصرية

وقد نشط النهر الخالد التجارة الداخلية بين الشمال والجنوب ودعم من تواصل المصريين وتماسكهم، ونشر حضارة الفراعنة فى البلاد المجاروة لأرض مصر الخالدة، مما ساعد فى إحداث موجات حضارية من التاثير والتأثر المتبادلة بين مصر وجيرانها، وما وراء ذلك من نطاقات حضارية مغايرة ..

ولم تكن مصر هبة النيل فحسب كما قال المؤرخ الاغريقي هيرودوت، بل إن مصر هى هبة النيل والمصريين؛ لأنه لولا جهد الإنسان المصري وعطاؤه ما كانت الحضارة المصرية؛ ولأن نهر النيل يمر ببلاد عديدة قبل أن يصل إلى مصر، لم تزدهر بها حضارات عظيمة مثل الحضارة المصرية؛ إذا فمصر هي هبة النيل والمصريين معاً. وقد ساهم اعتدال المناخ فى نشاط المصريين ونشاة وازدهار الحضارة فى أرض مصر المباركة، أو “كيمت تا مري” أي “مصر الأرض المحبوبة” كما أحب المصري القديم أن يطلق على بلاده، مصر العظيمة ..

أول كلمة في كتاب التاريخ
نهر النيل .. المكون للهوية المصرية

وقد ساهم الجفاف فى حماية الآثار المصرية والحفاظ عليها في نشأة وتكوين حضارة مصر الخالدة في دلتا النيل والوادي الخصيب. فقد استطاع الإنسان المصري القديم ، بذكاء شديد وتفرد ليس له مثيل أن يوظف كل ما هيأه الله له في الطبيعة المحيطة به كي يبدع الحضارة المصرية العظيمة. ومما لا شك فيه أنه لولا عبقرية الأداء وروعة الإبداع من قبل الإنسان المصري القديم ما كانت الحضارة المصرية القديمة. وساهم عدم وجود حواجز أو موانع طبيعية في سهولة ويسر التواصل والتعايش بين المصريين بعضهم وبعض وبين جيرانهم من الشعوب والحضارات المجاورة ، وكذلك ساهمت الحدود الطبيعية الأمنة في تحقيق الأمن والإستقرار وحماية مصر من الاعداء وكانت بمثابة دفاعات طبيعية أو دروع واقية خلقها الله كي تدفع الأعداء عن أرض مصر المباركة وكي تقاوم المعتدين والطامعين في خيرات مصر ..

ومنح الله بوفرة كبيرة أرض مصر الطبيعة المتنوعة مثل الثروات المعدنية من صخور ومعادن ومن الثروات الطبيعية من النباتات والحيوانات، مما ساعد المصري القديم على بناء حضارته الخالدة التي ما تزال تسحر العالم كله بجمالها وتخلب العقول وتبهر الأبصار بغموضها وسحرها. وكان الإنسان المصري القديم في صراعه مع الطبيعة والبيئة المحيطة به موفقا جداً في كبح جماحها وترويضها وإخضاعها لتحقيق أهدافه الحضارية منها ..

أول كلمة في كتاب التاريخ
نهر النيل .. المكون للهوية المصرية

 

لقد استقر المصريون القدماء على ضفاف نهر النيل. وكانت الوحدة السياسية ضرورة استوجبتها رغبة المصريين العارمة لدخول التاريخ ، وحدثت الوحدة مع بدايات الأسرة الأولى وكانت بداية الإنطلاق نحو الكتابة والتدوين ودخول العصور التاريخية والخروج من عصور ما قبل التاريخ إلى رحابة العصور التاريخية. لقد تمت الوحدة السياسية بعد أن توحدت البلاد حضاريا ودينيا تحت لواء المعبود حورس، الرب المصري الأزلي، وحدثت الوحدة من الجنوب إلى الشمال إلى أن قام الملك حور عحا، أو الملك مينا، بتوحيد مصر في دولة حضارية وسياسية واحدة ..
ومن هنا يمكن القول ان مصر سوف تستمر موحدة أبد الأبدين في موقعها الجغرافي المتميز الذي جعل منها سيدة العالم القدم ومعلمة البشرية وملهمة الإنسانية وصانعة الحضارة ومبدعة التاريخ .

– المراجع المستخدمة:
د/حسين عبد البصير، الفراعنة المحاربون (دبلوماسيون وعسكريون).
– المراجعة اللغوية: ناريمان حامد.

 

إقرأ أيضاً :-

إنشاء السنة الشمسية

ون أمون من المخاطر حتى إنكسار البردية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا