رؤية وابداع

نهاية الحلم

سارة محمود  

تنتهي الأحلامُ فجأةً مثلما بدأتْ فجأة، ولا تدري أين وكيف ومتى تمَّ ذلك.

تغرقُ في بحر من التساؤلاتِ ولكن بِوَهَنٍ كبيرٍ وكأنَّ أحداً ما وضع جبلاً فوقَ رأسِكَ.

وفي تلك اللحظةِ تشعرُ بأنفاسكَ المُتلاحِقة الثقيلةِ تتعالى شيئاً فشيئاً وكأنَّكَ تبدأُ مرحلةَ فقدانِ روحِكَ لِتعودَ إلى بارئها.

ولكن قيل: إنَّ لا أحدَ يموتُ وراءَ أحدٍ؟

هل تلكَ المقولةُ صحيحةٌ؟ أم أنَّها فترةُ ألمٍ وتمرُّ و نبقى أحياءً؟

ولكن ما الفارقُ في المعنى..!؟ فالموتُ واحدٌ، موتُ روحٍ وقلبٍ، مثله مثل موتِ الجسدِ، كلاهما سواءٌ.

طعنةُ خِنجَرٍ وأتت من روحك لروحك معها سَلبتْ منك كلَّ شيءٍ، وأودَتْ بكلِّ ما لك في الحياة، وخاصةً عندما تكونُ كأَطلالِ مدينةٍ خاويةٍ أُعِيدَ تَرميمُها، ثم أَتتْ عاصفةٌ قويةٌ هَدَمتْ ما كانَ، وقطعتْ تلك الشعرةَ التي كانتْ تربطُكَ بالحياةِ وما فيها.

نعم سيدي، هناك مَنْ يموتُ وراءَ أحد حتى وإِنْ كان الجسدُ موجوداً على الأرض.

فقد مِتُّ أنا من قبل سنواتٍ عدة حينما فارقَ مَنْ كان لي الحياةُ الدنيا، ومِتُّ حينَها وراءَه، وجِئتَ أنت ووجدْتَني هكذا وقرأتَ ما كان لي، وجاهدتَ لكي تُعطيَني قبلةَ الحياةِ لمحاولةِ العودةِ ولو قليلاً وإكمالِ ما كان.

كنتُ معكَ كطفلٍ يتعلَّمُ كيف يتخطَّى أُولى خطواتِه، وأنت كنتَ لي كأمٍّ تُهدهِدُ طفلَها، وتعطيه الحنانَ والأملَ.. كأب يرشد أبناءَه.. كصديقٍ يَسمعُ ولا يملُّ حتى و إن كان الحديثُ مُمِلّاً.. كحبيبٍ يحتويكَ من كلِّ شيءٍ، و يكون لك السند والأمانَ، يعرفك جيداً، و كأنه يرى أعماقَكَ، يقولُ الكلمةَ قبل أن تتفوَّهَ بها.

وبدأتَ بإعادةِ تلك الأطلالِ لِتصلَ إلى قلبك، ويُعيدَ دَقَّاتِه من جديدٍ وكأنك وُلدتَ للتوِّ.

و لكن هيهاتَ من تلك الدنيا التي تُودِي بكل ما هو جميلٌ بها ولا يكتمل.

فبين تلك الطرقاتِ التي مررنا بها، ومنها أيامٌ و ليالٍ معاً وجدتُكَ فجأةً لا تقرَؤُني، ولا تعرفُ ما بي، كسابقِ عهدِكَ، وكأنك تبدَّلتَ لشخصٍ آخرَ لا أعرفه، ولكن يحملُ ملامحك نفسَها وليس روحك، وطعنْتَني بروحي قبل قلبي بسهولةٍ.. طعنةٌ أَودَتْ بكلِّ ما كان وقبل المكان بعمر كان، وكأنه كُتبَ عليَّ الموتُ بروحي مرتين قبل فناء الجسد وموته.

و ها أنا ذا أقفُ أمامَ مَنْ كان لي الحياةُ بذلك الجدارِ الفاصلِ بينَ الحياةِ الدنيا وبين الحياة الآخرة،

أنتظرُ دوري على أَحرِّ من الجمرِ، ألومُ ذاتي وأجلِدُها لاستسلامي معك، وإحيائي بعد ما كان.

ليتني ما علمتُ وجودَك وأَصلُ إلى نفسِ تلكَ النقطةِ التي بدأتُ منها.

و انتهى حلمٌ ياليته ما كان…

سامحك الله.

المراجعة والتدقيق اللغوي

أ. بدر الحسن

اقرا أيضاً: 

قهوتي ثائرة

كمل طريقك

سجين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا