التاريخ والآثارمقالات

فلسفة الخلود في مصر القديمة

بقلم : أمل حسين

 

اعتبر المصري القديم أن هناك نوعين من الموت: الموت الأول، والموت الثاني. الموت الأول وهو مفارقة الحياة أي مفارقة الروح البدن والدخول إلى عالم غامض ولكنه لم يعتبره نهاية الحياة وإنما مرحلة انتقالية لحياة أخرى. أما الموت الثاني يعني تحلل الجسد وفساده. ولم يكن المصري القديم يخشى الموت الأول ولكن اعتبر الموت الثاني حائط وسداً يمنعه من العبور إلى الخلود والحياة الأبدية في العالم الآخر.

نوعين من الموت
فلسفة الخلود في مصر القديمة

 

وتخيل المصري القديم أن إله الخلق شكل البشر من جزأين أساسيين:-

١. المادة أي الجسم الطبيعي الذي يحوي بداخله خاصية قبول عوامل الفناء والتحلل، وسمي الجسد (غت) ويعني الجزء المادي المركب منه الإنسان، وقد أشارت له كل مذاهب الخلق في مصر القديمة إلى أن الانسان مخلوق من طين وقش والله خالقه. ومن أهم خصائص الجسد وضوح التعاقب الزمني وتعرضه للحياة والموت ..

٢. الثاني وهو جوهر الحياة أي الروح ومستقرها كان السماء بعد الموت. ولخص المصري مفهومه في أحد نصوص الأهرام “إن الروح مستقرها السماء بينما الجسد للأرض”.

والتحنيط المصري هو تطبيق هذه النظرية أي محاولة إيقاف تواصل فناء المادة ومساعدة جوهر الحياة في المستقر السماوي.

نوعين من الموت
فلسفة الخلود في مصر القديمة

 

وتخيل المصري القديم أنه بحلول الموت (مرحلة انتقالي) يفترق الجسد والروح مدة زمنية محدودة ثم تحل الروح في الجسد مرة ثانية يوم الدفن لكي ترشدها في العالم الآخر “رحلة العالم السفلي” ولكن في النهاية تبقى الروح خالدة مخلدة في السماء والجسد على الأرض.

ورأى المصري القديم أن المادة تنقسم إلى أربعة عناصر أساسية في جسم الانسان وهي: (الجسد “غت” – القلب “ايب” – الظل “شو” – الاسم “ون”) وفيما عدا الجسد والروح تصور المصري القديم أن العناصر المكونة للإنسان خمسة وهي:

١- القرين (الكا): ويخلقه الإله خنوم “الإله الخالق عند قدماء المصريين” وخلق من طين في نفس يوم خلق الإنسان، ويفضل علماء المصريات تسميه القرين ب (الجسد الروحي)، وأن كان مفهوم القرين مازال موجوداً في معتقداتنا الشعبية فعندما يتعثر الطفل على الأرض تسارع الأم بقولها (اسم الله عليك وعلي اخوك من قبلك) وهي نفس الرؤية التي كانت موجودة في مخيلة المصري القديم عن هذا القرين بأنه صورة جسدية روحية تتشابه مع نفس صوره الإنسان الاصلية (الجسد).

٢- القلب (ايب): استطاع المصري أن يفرق بين أمرين وهما القلب كعضلة وعضو، والقلب كمحتوى الرغبة والإرادة فسمي الأول “حاتي” والثاني “ايب” وسوف يحاسب المتوفي على الثانية في العالم الآخر الكلمة الإلهية هي القلب في كل جسد مبارك من يقوده على طريق السعي الصالح.

نوعين من الموت
فلسفة الخلود في مصر القديمة

 

٣- الاسم(ون): وهو هوية الإنسان التي تعطي له عند ميلاده وتعتبر من الماديات لأنه من الممكن التحكم في أي إنسان بكتابة اسمه أو شطبه.

٤- الظل(شو): ويختلف عن الروح لأن الروح لها القدرة على الصعود للسماء بينما الظل يبقي علي الأرض ولا يغادرها حتى بعد وفاة صاحبها.

٥- النورانيه (أخ): عبارة عن شكل من أشكال الروحية تأخذ أحياناً شكل طائر وأحيانا شكل مومياء ولكنها عندما تأخذ شكل طائر فإنها عن شكل الروح(البا) طائر البا بوجه آدمي وجه الإنسان المتوفى بينما طائر النورانية(اخ) وهو طائر كامل.

والروح تنفصل عن الجسد لتستقر في السماء وعندما تعود تكون قد جاءت لكي تري جسدي مرة ثانية وهذا يعني إن الروح قادرة على الإدراك والتعرف على الكيان المادي (الجسد) الذي عاشت فيه قبل الوفاة، وأن الجسد لابد أن يحافظ على شكله وملامحه لوجوب تعرف الروح عليه. وهذه هي أسباب وفلسفة التحنيط.

 

– المراجع: كتاب: فلسفة الخلود في مصر القديمة. مؤلف: أحمد صالح.

– المراجعة اللغوية: ناريمان حامد.

إقرأ أيضًا :-

اللبس الشتوى فى مصر القديمة

طريق الكباش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا