رسالة من امرأة مهزومة
أسيل السعدني
تقفين بين كل ما كان لك وتهجرينه ، يإرادتك الحرة ، متى تعملتي التخلي بهذه السهولة ؟ لم يكن الهروب أسلوبك أبداً ، تغيرت كثيراً غفران ، لم تحملي أهم صفات اسمك حتى ، متى تعلمت الهجر ؟
ربما كان بعيداً كل البعد عن ذلك ، تحديداً يوم تخلى طفلك عن آخر أنفاسه في هذه الدنيا ، وتخليتِ أنت بدورك عن كل ما يعنيلك ، خرجت تنهيداته الأخيرة هادئة كما خرجت كلماتك لزوجك : وليد ، أريد الطلاق .
فقط !!
هل توقفتِ لمرة واحدة لتفكرِ ما هي أصعب لحظة في حياتك ؟ تلك التي توقعتِ أنها لن تمر أبداً ، ولكنها لسخرية القدر مرت !
على عكس توقعاتك وافقك زوجك – أو الذي كان – ؛ تمت إجراءات الطلاق سريعاً ، تنازلت بدورك عن كل شيء يخصه ، لم تكن صُحبته يوماً رقيقة ، والآن ماذا؟
أين وجهتك ؟ فقط لا تدري .
تجوبين الشوارع بشالك الطويل على رأسك وحذائك الرياضي ، هواء خفيف في الطرقات وقلة من البشر في ذلك الوقت المتأخر من اليوم .. لم تكوني بهذا التشتت يوماً ، لست ضعيفة ، ومن أجدر منك حتى تتحدث عن القوة !
مراهقة في عمر الخمسة عشر خريفاً لاقت من قسوة القدر ما يكفيها عمراً ، ضياع نفسها بين تشتت لعائلتها الكبيرة و صديقتها التي فقدتها إثر حادث سير ، حبيبها الخائن الذي فطر قلبها في العشرين ، وأخيراً تلاشت آخر صلة بأسرتها الصغيرة .
في كل مرة كانت تشعر بخواء قلبها ، ذلك القلب الذي حمل الكثير على مدار فصوله الأربعة ، ربيع البدايات ، عنفوان صيف الشغف ، وذلك الخريف في يعصف بها الآن ، لا تدر متى يأتي دور سقاية قلبها المطر !
” اكتب لك ..
يا من تخليت بكل جوارحك عني ،
انا كما انا ، لم تغيرني الاماكن ، انما القلوب ، لم أشعر يوماً انني بهذا التشتت ، أراني تارة أقف عند نهاية فراشي وأبكي ، أبكي نفسي ، أبكي حالي ، أبكيني ، لطالما بكيت ، اختلفت الأسباب ولكنه قلبي نفسه ..
وتارة أجدني في مفترق الطرق كأنني لم أتلق سوى خيبات في حياتي ، أراني ناضجة حد سماء الأرض ، أحياناً أنهار كما لو انني لم أشهد قوةً قط ، اشتاق لرفقة كنت مرحة معهم .. تهدأ جعبة رأسي وأفكاره ولكنني لازلت مشتته ، ربما أريد النوم ، سينتهي كل هذا في الغد أو لاحقاً ، لم أكترث ، مشاعري مشوشة ، أعي ذلك ، لا أعلم أين النجاة صدقني . ”