التاريخ والآثارمقالات

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء السادس)

بقلم الكاتبة والباحثة الأثرية : ندى محمود غريب .

 

 

عصر الأسرة التاسعة عشرة 1304 – 1195 ق.م

(عصر الرعامسة)

الملك رعمسيس الأول :- بعد موت حورمحب إنتقل العرش إلى قائد آخر في الجيش المصرى وهو رعمسيس الأول والذى يُعد المؤسس الفعلى لتلك الأسرة .. إسمه “رع – مس – سو” ويعنى إبن المعبود رع ، كان رجل عسكرى خارق فلُقب بقائد الفرسان وقائد الجيش كما شغل منصب الوزير لحورمحب فى الوجه القبلى ؛ تزوج من “سات رع” وأنجب “سيتى الأول” وانحاز رمسيس لمسقط رأسه “صان الحجر” فجعلها مركزاً إدارياً هاماً ، تولى العرش باعتباره من نسل المعبود رع ولكنه كان شيخاً فلم تطل مدة حكمه عن العام وأربعة أشهر ، أدار فيهم البلاد بكل حزمٍ وقوة وقام بعمل حملات تأديبية ليوضح أنه ملك قوى ..

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء السادس)

 

الملك سيتى الأول :- إشتُق إسمه من المعبود “ست” إله الشر ولكن بالرغم من ذلك كان رجلاً قوياً ومحبوباً من الناس ومن شخصيته فنال شعبية كبيرة ولُقب بالملك الشعبى ، وعندما حكم مصر كان رجلاً إدارياً محنكاً أدار البلاد بكل كفاءة فتابَع سياسة أبيه بل فاقها فى نشاطه العسكرى لذلك يعتبره البعض هو المؤسس الفعلى للأسرة 19 وليس والده ..

حكم سيتى لمدة 13 عاماً قام فيهم بعدة حملات لإخماد الثورات فى جنوب فلسطين وتأديب بدو سيناء ، كما حفر الآبار على طول الطرق المؤدية للمناجم ، كما ترك أقدم خريطة لهذه الطرق وهى محفوظة حالياً بمتحف تورين بإيطاليا .. مات سيتى ودُفن فى مقبرته بوادى الملوك وكان قد أنجبت له زوجته بنتاً وذكرين مات أكبرهما فى حياته وخلفه الثانى (رعمسيس الثانى) على العرش ..

عصر الأسرة التاسعة عشرة
لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء السادس)

 

الملك رعمسيس الثانى :- كان واحدًا من أقوى فراعنة مصر ، تسلّم الحكم وهو فى سن 25 عاماً وقضى السنوات الثلاث الأولى من حكمه فى تدعيم وتوطيد الأحوال الداخلية لمصر .. عاش أكثر من 90 عاماً وحكم لمدة 67 عاماً ، تزوج من “نفرتارى” وحظى بعدة زوجات أخريات منهم “آست نفر” و “جلوخيبا” ونظرًا لتعدد زوجاته أنجب أكثر من 152 إبناً وإبنة .. كان رعمسيس الثانى بطلاً عسكرياً فمن أشهر حملاته “معركة قادش” كذلك قام بتقسيم الجيش فى عهده إلى أربعة أقسام (وهى الفِرق الحالية) تحت قيادته وسمّاهم بأسماء المعبودات الرئيسية وهم ( آمون – رع – بتاح – ست )، كما قام بتشييد عدة معابد مثل معبد الرامسيوم ومعبد الأقصر ومعبد الكرنك ومعبد النوبة ، كذلك أكمل بناء معابد أبيه فى أبيدوس والكرنك ، كما قام بتأسيس مدينة “بر- رعمسيس”، وحقيقةً لا يوجد مكان فى مصر يخلو من وجود أثر لرعمسيس الثانى بل كان يُكلف رجاله بإضافة إسمه على جميع آثار أسلافه ..

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء السادس)

 

الملك مرنبتاح :– تولى الحكم بعد موت أبيه وكان يقرُب الستين من عمره وكانت مصر فى ذلك الوقت تحيط بها الأخطار من جميع الجهات ويرجع السبب فى ذلك إلى عدم قيام رعمسيس الثانى فى أواخر عهده بأي أعمال أو نشاطات حربية بسبب معاهدة السلام التى أبرمها مع ملك الحيثيين فسار مرنبتاح على نهج سياسة أبيه فى الحفاظ على تلك المعاهدة بين الطرفين ، إلا أنه قام بحملة فى فلسطين ، فمات مرنبتاح بعد أن حكم حوالى 11 عاماً قضى خلالهم على خطر شعوب البحر ودُفن فى مقبرته بوادى الملوك ..

من الجدير بالذكر أن هذا الملك إرتبط إسمه ببنى إسرائيل مما دعى بعض الباحثين للربط بينه وبين موسى – عليه السلام – وأنه هو فرعون الخروج وظلّ هذا الموضوع محل نقاش إلى الآن دون دليل يحسم هذا الجدل ..

عصر الأسرة التاسعة عشرة
لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء السادس)

 

الملك سيتى الثانى :- حمل عدة ألقاب مها وليّ العهد والأمير الوراثى وكاتب الملك ، حكم حوالى 6 سنوات ترك فيهم معبدًا لآمون فى الكرنك وتمثالين أحدهما فى المتحف المصرى والآخر فى المتحف البريطانى ، كما نقش إسمه على أكثر من مكان على آثار أسلافه ..

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء السادس)

 

الملك سبتاح :- ربما كان هذا الملك ضليعًا فى مؤامرة لإيصاله للعرش فيرجح أنه حكم 6 سنوات أيضاً ولكن عمّ النزاع والإضطرابات خلالهما وزاد نفوذ حكام الأقاليم وزاد الصراع بينهم  ..

 

الملكة تاوسرت :- حكمت عامين وكانت متزوجة من سبتاح وبعد وفاته أدارت البلاد بمفردها كما فعلت الملكة حتشبسوت من قبل ولكن لم تذكر لنا الآثار كيف إنتهى عصرها ، ولكن نستدل من نقوش الملك رعمسيس الثالث أن البلاد أصابتها الفوضى وقبض على زمام الأمور رجل سورى يُدعى “إرسو” إلى أن جاء الملك “ست نخت” واستطاع إنقاذ البلاد وبدأ عصر جديد وهو عصر الأسرة العشرين ..

عصر الأسرة التاسعة عشرة
لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء السادس)

 

عصر الأسرة العشرون 1184 – 1087 ق.م

مما سبق ذكره نرى الغموض الذى أصاب أواخر عصر الأسرة التاسعة عشرة وكيف إنتقل الحكم بينهم !! وكيف وصل إرسو السورى إلى العرش !! وكيف إنتهى عصر تلك الأسرة !! ومما زاد الأمر سوء أن الأجانب إشتركوا كمُرتزقة فى الجيش مما سعوا فى الأرض فسادًا فلا يربطهم شعور بالوطنية أو الإنتماء فضلاً عن إستقرار الليبيين وحلفاؤهم من شعوب البحر داخل مصر ، هذا كله بالإضافة إلى النزاعات وحالة الضعف السياسى والإقتصادى التى إنتابت البيت المالك ، ففى مثل هذه الظروف كانت مصر بحاجة إلى ملك قوى يخلصها من معاناتها ، فجاء الملك “ست نخت” والذى قضى على العرش ثلاث سنوات خلّص فيهم مصر من المُغتصب السورى إرسو وأزال الفوضى والفساد وساعده فى ذلك إبنه “رعمسيس الثالث”، ولكن ست نخت خلَّف آثارًا قليلة لا تتناسب مع مؤسس أسرة جديدة ومُنقذ مصر من خطر عظيم ، ومن ثم توفى ودُفن فى مقبرته بوادى الملوك ونقل عرش مصر إلى وريثه رعمسيس الثالث ..

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء السادس)

الملك رعمسيس الثالث :- فى العام الخامس من حكمه خرج على رأس حملة أجهض فيها الثورة وقضى على خطر الأموريين ، وقد سجل أخبار هذا الإنتصار على جدران معبده بمدينة هابو .. حكم رعمسيس الثالث حوالى31 عاماً أجرى فيهم العديد من الإصلاحات الداخلية والخارجية لمصر وأمّن حدودها من ناحية الغرب والشمال الشرقى ، كما أنشأ العديد من المعابد مثل معبد هابو ومعبد إدفو ومعبد الثالوث الطيبى المقدس وشيّد بعش الآثار فى الكرنك ، كما أنشأ معبدين فى عسقلان وكنعان بسوريا ، كذلك أرسل بعثة لبلاد بونت لجلب البخور واللبان والمُر ، كما أرسل بعثات للداخل والخارج لاستخراج المعادن وقطع الأحجار فى الصحراوتين .. ومع ذلك ساءت أحوال مصر الإقتصادية فى أواخر سنوات حكمه حيث تولى الأجانب وظائف هامة فى الدولة وامتلأ قصر الملك بالفتيات الجميلات والذى قضى جُل وقته بينهم ، فتعرض لمؤامرة الحريم من إحدى زوجاته (الملكة تتى) ليتولى إبنها (الأمير بنتآور) العرش ويتم إستبعاد وليّ العهد ، وقد ساعدها فى ذلك بعض رجال القصر ، لكن كُشفت المؤامرة وحوكمت الملكة هى وابنها وعشرة موظفين وست نساء حيث تخبرنا بهذا بردية هاريس ..

عصر الأسرة التاسعة عشرة
لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء السادس)

 

خلفاء رعمسيس الثالث :- بعد وفاة الملك رعمسيس الثالث وما أصاب البلاد أواخر حكمه خَلَفه عددًا من الملوك حملوا إسم رعمسيس من الرابع وحتى الحادى عشر حكموا ثمانين عاماً وبانتهاء حكمهم إنتهى حكم الأسرة العشرين فى يد الكهنة ؛ ساءت حالة البلاد فى عصر هؤلاء الملوك وزادت سرقات المقابر وتوالت التحقيقات ولكن دون جدوى فلجأ الملوك لنقل المومياوات إلى أماكن سرية ، وشيئًا فشيئًا إزداد ضعف الملوك وزاد نفوذ حكام الأقاليم ونفوذ كهنة أمون ، فى هذا الوقت ظهرت فكرة جديدة ربما روّج لها الكهنة وهى تطهير الدولة من الفساد والإضطرابات وعُرفت باسم “عصر النهضة” أو “عصر تجديد الولادة” والذى إستمر تسع سنوات وبانتهائه إنتهى عصر الأسرة العشرين خاصة وانتهى عصر الدولة الحديثة عامة ، ومن ثم بدأ عصر جديد وهو عصر الأسرة 21 على يد الكاهن حريحور ..

 

 

ونستكمل سطورنا فى الأسبوع القادم إن شاء الله

دُمتم بخير

 

إقرأ أيضًا :-

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الخامس)

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الرابع)

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثالث)

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثانى)

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الأول)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا