رؤية وابداع

أنا وجدي

بقلم: ساره محمود رمضان

فنجان من القهوة يكفي ليذكرني بهذه الليالي ورائحة المسك تعم بداخل خزانة جدي، جدير بأن يجعلني أعتزل هذا المجتمع الذي كان وما زال مثل ما قال دوستويفسكي: “قاتل للعفوية والتلقائية والسلاسة والبساطة وعاشق للعقد والنفاق والتصنع بامتياز”

 

“كهلًا بقلب شاب لم يبلغ العشرين بعد”

 

كان جدي يتحدث عن قوة الرأسمالية وتأثيرها عليه لدرجة خشونة يديه من تأثيرها ولكنه لم يحدثني عن كيفية العيش في هذا المجتمع، لم أصدقه حينها لم يكن بيدي سوى بعض الحلوى، حتى أصبحت بهذا العُمر بهذا الجيل جيل هش جيل لم يلحق بالرفاهية ولم يلحق بالعبث بعد في منتصف كل شئ، جيل يؤمن بالعادات والتقاليد وينهمك بين الأحلام، حينها فقط صدقتهُ.

 

صدقتُ قوة يديه ورقة قلبه، والفرق بين تأثير الرأسمالية وتأثير جدتي، فالرأسمالية جعلته يدرك قوة يديه وخشونتها أما جدتي جعلته يدرك رقة قلبه وكيفية إصلاح قلبها، وأيضًا كيفية مواجهة الرأسمالية.

 

أدرك جدي بكائي المتكرر داخل غرفتي وتمسكي التام أمام أمي، ونظر لعيني وقال: “بداخل هذا الإنسان قوة متحركة لتحمل كل هذا والقدرة على مواكبته” ، فأطمأن قلبي وأدركتُ أن يومًا ما سوف أكون مثله -مثل قلب هذا الرجل-.

 

فنجان من القهوة مع جدي جدير بأن يجعلني أعتزل هذا العالم وهذا المجتمع، وكيفية مواجهته في اليوم التالي.

 

وفي اليوم التالي نواكب العالم من جديد بنصائح جدي المليئة بثقته التامة بنا وكيفية قدرة يدي الصغيرة على صنع عالم جديد عالم يشبهنا ومليئ بالمساواة والبساطة ويعم به السلام، وفي نهاية المطاف سوف ندرك الإدراك التام لخشونة يديه.

 

(وكان حقًا كهلًا بقلب شاب لم يبلغ العشرين بعد).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا