التاريخ والآثارمقالات

مريم الإسطرلابي

بقلم : بسنت محمد بكر

 

للمرأة دور وتأثير كبير في كل المجالات ، والنجاح والنبوغ والإبداع منذ فجر التاريخ لم يقتصر علي الرجل فقط ، ويظهر هذا جليًّا في قصتنا اليوم عن العلّامة والنابغة “مريم الإسطرلابية “.

مريم الاسطرلابي

 

مريم الإسطرلابي هي إبنة العالم الفلكي والجغرافي المشهور” كوشيار الجيلي” أو كما يُدعي “كوشيار الكيلاني“، والذي من مؤلفاته “رسالة دلالات الكواكب“، “المجمل في الزيج الجامع والبالغ” والتي تعد هذه المخطوطة من أقدم المخطوطات في مكتبة الإسكندرية ؛ حيث تؤرخ بعام 566 ھ، وغيرها من الكتب الجليلة الزاخرة بالعلم ؛ أي أن مريم نشأت في وسط العلوم المختلفة من الفلك والجغرافيا والرياضيات والتي أثرت فيها تأثيراً واضحًا ونبغت فيها جميعها.

وُلدت في القرن العاشر الميلادي أثناء حكم “سيف الدولة الحمداني” في حلب شمال سوريا في فترة عرفت بـ” العصر الذهبي للعلوم الإسلامية” .
انطلقت في مجال الفلك الذي يطلق عليه الآن “علم الفضاء“، ونبغت في علم الإسطرلاب ، وهو فرع من علوم الهيئة”هيئة السماء”، وسُميت مريم الاسطرلابي أو الاسطرلابية نسبة إلي اختراعها للإسطراب المعقد وتطويرها له والذي يعد النواة لفكرة البوصلة والأقمار الصناعية وبداية إنشاء نظام تحديد المواقع العالميه (GPS) .

فجر التاريخ
مريم الإسطرلابي

معلومات عن مريم الاسطرلابي

تسمية الاسطرلاب :-

يقول حاجي خليفة في كتابه”كشف الظنون” عن معني كلمة إسطرلاب أنها كلمة يونانية تكتب بحرف ال”سين” ويمكن أن تكتب بحرف ال”الصاد”، ومعناها مرآة النجم ومقياسه .

وقيل أن الأوائل في زمن إدريس عليه السلام كان يأخذون كرة تمثل الفلك ويرسمون عليها دوائر ويقسمون الليل والنهار ، وله ابن يُدعي لاب وكان علي معرفة بعلم الهيئة ، فلما جاءوا له بهذه الكرة ، قال:-“من سطر هذا ؟”، فقيل”سطر لاب ” واسطرلاب جمع سطر لاب فوقع عليه هذا الاسم .. وقيل هو من أصل فارسي معرب وتعني “مدرك أحوال الكواكب”.

 

ومن الجدير بالذكر أن أول من صنع اسطرلاب كان”كلاوديوس البطلمي” في الإسكندرية في القرن الرابع ق.م، ولكن لم يكن كالذي صنعته مريم الإسطرلابي .

فجر التاريخ
مريم الإسطرلابي

الإسطرلاب المعقد :-

يُعد نموذج ثنائي البعد للقبة السماوية ، يُظهر كيف تبدو السماء في مكان محدد ووقت محدد .. علي واجهته خريطة لقبة السماء بعمليات حسابية معقدة، وتعد هي الفكرة لإنشاء خريطة للكرة الأرضية علي أرض مسطحة دون حدوث تغيير في الأبعاد ، وكان له أهمية فائقة في كيفية الرصد وتحديد المواقع والأماكن والمواقيت وتحديد الأشهر والتقاويم ، والأهم تحديد القبلة للمسلمين آنذاك ومواعيد ومواقيت الحج، والصلوات ، والأعياد الدينية ، والصوم ، ومعرفة كثير عن الأمور النجومية ، وارتفاع الشمس ، وعرض البلاد ، وغير ذلك ..

وكان الإسطرلاب ذو أحجام مختلفة وأشكال وأنواع مختلفة ، مثل ” الإسطرلاب الكروي ، الإسطرلابات الآفاقية ، الإسطرلاب الزورقي ،….وغيرها”.
ولكن ما لا يمكن إنكاره أن هذه العالمة قدمت للبشرية شيء عظيم في مجال علوم الفضاء والفلك ، وأسهمت إسهامًا ضخمًا فيما نحن عليه الآن من تقدم في هذا العلم ، هذا وأننا لا نعلم كثيرًا عن حياتها ، ولم تلق في الكتب العلمية تقديرًا يليق بعظمة ما قدمته ، ولكن فعلت ما يجعل ذكرها باقٍ إلي الآن وحتي فناء البشرية .

 

 

إقرأ أيضاً:-

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الأول)

لمحة حضارية فى سطورٍ تاريخية (الجزء الثانى)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا