مقالاتالتاريخ والآثار

السيرة الهلالية التاريخ المزيف

بقلم : عبدالعزيز مصطفي 

 

لا تبدأ قصة تغريبة بني هلال أصحاب الترحال الأشهر في التاريخ القديم بأفريقيا و لكن بكائهم على فارس دولتهم المنشودة كانت أقرب إلى دموع التماسيح منها الي المظلومين او اصحاب القضية بحق و لكن يتجدد السؤال
كيف بدأت سيرة بني هلال ؟

السيرة الهلالية التاريخ المزيف

بالعودة إلى بداية القرن الرابع الهجري بدأت خيوط قصتنا في التشابك مكونه بعض الأحداث المتداخلة و منها .. أنه وبعد وفاة الأمير باديس بن المنصور تولى ابنه المعز بن باديس الحكم بعد حصوله على يمين الولاء من قبل وجهاء قبائل صنهاجة وقضاة القيروان رغم أنّه لم يكن يتجاوز من العمر التسع سنوات ، وقد كان المعز معروف بجماله الرجولي إضافة إلى ذكائه الشديد وقد كان شغوفا بتعلم الموسيقى والآداب والعلوم الدينية والدنيوية وقد استغل هذه الخاصيات جسدياً و فكرياً في تنمية شعبيته التي أعادت عليه بهدايا كثيرة وقيّمة ، وقد كان المعز إضافة إلى ذلك قائدا عسكريا لامعا حيث ابتدأ فترة حكمه بحملة عسكرية على الحماديون الذّين إلتجؤوا في عاصمتهم المسماة بقلعة بني حماد ، لكن الأمير المعز لم يقم بمحاصرة المدينة بل إكتفى بإستعادة السيطرة على المغرب الأوسط وبتولية خاله كرامة عليه الذّي لم يم يعمّر طويلا في المنصب حيث توصل المعز وحماد بن بلكين قائد الحمّاديين الذي أرسل ابنه القائد بن حماد إلى مدينة المنصوريّة وقد قرر المعز تعيين هذا الأخير كواليا على الجزء الشمالي من المغرب الأوسط كبادرة منه على نيّته لإجراء تحالف معهم وقد تم تجديد هذا التحالف مرار وتكرار وتدعيمه بتحالفات زيجية و في سنة 1022 م قام الأمير المعز بإعدام وزيره الأعظم محمد أبو الحسن بسبب نفوذه المتعاظم و جدير بالذكر أنّ هذا الوزير كان له دور كبير في استمالة المعز للمذهب السني الذي اتبعه الأمير فيما بعد فقرر و بعد ذلك قام أخوه عبد الله حاكم طرابلس تسليم المدينة لقبائل زناتة أعداء الزيريين التاريخيين ، إلا أنهم ، وخوفاً من هجوم المعز عليهم ، عرضوا على الأمير مقترح إستسلام إلا أنه لم يجب على المقترح ..

السيرة الهلالية التاريخ المزيف

ضاعت طرابلس نهائيا من أيادي الزيريين لتصبح تحت حماية الفاطميين ، وبعد بضع سنوات شعر الزنتانيون بأن قوتهم أصبحت قوية بما يكفي للسيطرة على إفريقية فقاموا بغزو البلاد إلا أنهم هزموا هزيمة نكراء سنة 1036. ولكن عوض الاهتمام بتدعيم إفريقية و هي التّي أصبحت معزولة من كل الجهات ، قام بإعداد أسطول بحري لإعادة الاستيلاء على صقلية لكنه فشل و لكنه أحكم قبضته القوية على إفريقية ضد الدولة الفاطمية التي كانت تمر بلحظة ضعف شديدة الخطوة و في تلك الفترة نشر الأمير العز المذهب السني و حارب الدولة الفاطمية و هنا كانت نهاية الفصل الأول من سيرة بني هلال الحقيقية ..

و بالعودة لبني هلال فهم قبائل قاتلت الفاطميين ثم سلموهم ونقلوها الفاطميين إلى صعيد مصر أول مرة ثم بدا لهم أن يتخلصوا منها نهائيا ومن أعدائهم في المغرب ك الأمير المعز فاسمحوا لها وأحلافها بعبور النيل وهكذا بدأت ملحمة دامت عدة قرون وكان ذلك عام 1149 م من القتل و سلب الأملاك و الاموال و الانفس والارواح ..

كانت القبائل الزاحفة هم هلال ، وسليم ، ودريد ، والأثبج ، ورياح، قد هاجرت من نجد من منتصف القرن الخامس الهجري، واستمرت موجات الزحف لما يقرب عن قرن . وقد استطاع عبد المؤمن بن علي قائد دولة الموحدين التصدي لها بعد أن وطن بعضها واستعان ببعضها على بعض ، و قد كان زحفهم بالاصل او تغريبتهم الشهيرة بأصل الأمر أن هذا الزحف قد تم بتدبير الوزير اليازوري وزير الخليفة الفاطمي في مصر ، والذي منح المعز بن باديس حاكم أفريقية عام 435 هـ لقب “شرف الدولة”، وبدلا من أن ينحاز “المعز” بعد هذه المنحة للخليفة الفاطمي، انحاز لعامة شعبه الذين قاموا بثورة ضد أصحاب المذهب الشيعي الإسماعيلي، وبالفعل أمام الثورة الشعبية نادى المعز بإتباع مذهب الإمام مالك وخطب في المساجد للخليفة العباسي القائم بأمر الله ، واعترف له الأخير باستقلال المغرب تحت إمرته .

جن جنون الخليفة الفاطمي في مصر، مما يحتسبه نصرا للخليفة العباسي السني في بغداد، فأشار عليه الوزير اليازوري بتحريض قبائل نجد بالزحف على تونس ، فكان ما كان .. وتصدى لهذا الزحف المعز بجيش مؤلف من قبيلتي زناتة و صنهاجة ، ويقال أن هروب زناتة بعد بطولات المعز هو ما حسم الأمر للغازين .

السيرة الهلالية التاريخ المزيف

لكن السيرة الهلالية لا تذكر شيئا عن السني و الشيعي و الخليفة الفاطمي والعباسي ، بل و خلال فصولها تقدم مبررا أخلاقياً لهذا الغزو ، وإن نوهت ولو بشكل متوار على ما حدث ، ففي السيرة أن “زناتة” أو الزناتي خليفة وحلفائه قد طمعوا في أرض يحكمها الأمير “عزيز الدين بن الملك جبر القريشي”، واستولوا عليها بالخداع، فاستعان الشريف القريشي بأبناء عمومته من قبائل نجد، ليردوا الحق السليب لأصحابه الأشراف و لكنهم يظهرون كما ولو أن من يعاديهم هو الشر بعينه أو يؤيد الشر ضد الخير بني هلال الذين أتوا قاصدين فتح المغرب العربي يخضعوا ما كان لهم وذلك علي حسب روايتهم الخاصة في سيرتهم التي مازال الجميع يتغنى بها حتى مع اثبات التاريخ كذب السيرة بكل تفاصيلها ف حتي ذياب غانم لما قتل ابن عمه كان لانه اراد ان يثنيه و يجعله يعدل عن قراره بغزو المغرب العربي في تحالف مع أمراء تلك الدول ضد ابن عمه أبو زيد الذي كان يراه يبطش الجانب الخطأ من المعركة ..

و علي ذكر المعارك .. يذكر الأمير ابن تغري بردي في كتابه المنهل بأن بني هلال في أول معاركهم كاد الأمير المعز أن يطيح بهم بجيشة الذي كان يلبسه عتاد كبير يحميه من راسه لقدمه فأشار بعض فرسان بني هلال على زعماء القبائل بأن يضرب رامي السهام على الاعين فكان الأمر و سميت بمعركة العين و كانت سبب في ترك العز لمدينة القيروان و نقل عاصمة دولته لبلاد المغرب .. و بعد المعركة امعنت قبائل بني هلال القتل بأهل القيروان و الجنود الذين تخلفوا عن الترحال بسبب جراحهم او اهلهم فكانت المأساة التي لا تزال طي الكتمان حفاظا على سمعة السيرة من الحقيقة المؤلمة لأصحابها ..

 

 

إقرأ أيضًا:-

الفن والتذوق في العصور القديمة

كنيسة أبى سرجة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا