مقالات

التسامح في حياة رسول الله أفعال لا أقوال

كتبت: ناهد السروجي

يتميز التسامح في حياة رسول الله أفعال لا أقوال، التسامح والعفو صفات لا يتمتع بها الكثيرون، ففي هذا الزمان القوي يستقوى بقوته على الضعيف، والضعيف يحقد على القوي، والغني يظلم الفقير، وأصبحت الدنيا مجرد مكان يملأه الصراعات، فالنفس الإنسانية تتأثر بالمغريات التي تقدم لها، فأحيانًا نختار الطريق الصحيح مهما كَثٌرت به الصعاب، وأحيانًا نختار الطريق الخاطئ لأنه الأسهل .

التسامح في حياة رسول الله

لقد خلق الله سيدنا ورسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بشرًا مثلنا، ولكنه رفعه وطهره عن مغريات الحياة، وعن طمع النفس البشرية، وشق قلبه وطهره من وساوس الشيطان
فلقد شق جبريل صدر سيدنا محمد أكثر من مرة، ليطهره بأمر من الله

حوادث شق صدر الرسول

المرة الأولى

عندما كان سيدنا محمد طفل الست سنوات، وكان مازال يعيش في بيت مرضعته حليمه، وفِي إحدى المرات خرج ليلعب مع الأطفال، فأخذه جِبْرِيل وشق صدره، وأخرج قلبه وغسله، وأخذ نصيب الشيطان من الرحمة من قلب سيدنا محمد.

المرة الثانية

وكانت قبل حادثة الإسراء والمعراج، حيث شق جبريل صدر سيدنا محمد في منطقة حجر إسماعيل، وفِي هذه المرة ملأ قلبه حكمةً وإيمانًا حتى لغده.

وقد ذكر في بعض الروايات الأخرى، لبعض الأئمة إن حادثة شق الصدر تكررت مرة أو مرتين أخرين، ولكن لا يوجد عنهم تفاصيل دقيقة .

وصايا الرسول لأصحابه في الغزوات

كان سيدنا محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام- يوصي الصحابة وجنود المسلمين، بعض الوصايا قبل أي غزوة
ومن هذه الوصايا :

١- تحريم قتل النساء، والأطفال.
٢- تحريم قتل الشيوخ، والعبيد إلا إذا اشتركوا في القتال.
٣- تحريم قطع أي غرس، أنبته الله إلا ما كان مؤذيًا.
٤- الجهاد لا يعني الحقد على الكافرين، فلا يجوز أن ندعو عليهم، وإنما الجهاد وسيلة للأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونشر الدعوة الإسلامية.

بعض المواقف التي تُظهر مدى تسامح وعفو ورحمة رسول الله

التسامح في حياة رسول الله أفعال لا أقوال
التسامح في حياة رسول الله أفعال لا أقوال

غزوة بدر

بعد غزوة بدر، تشاور رسول الله مع أصحابه، في كيفية التصرف والتعامل مع الأسرى، فأشار عليه أبوبكر أن يأخذ منهم فدية، ويتركهم عسى الله أن يهديهم، وقد مال الرسول لهذا الرأي، وكان من بين الأسرى أبو عزة عمرو بن عبيدالله بن عثمان بن أهيب بن حذافة، وكان فقيرًا فعندما قال لسيدنا محمد أنه لا يملك مالًا أخذ عليه عهد ألا يظاهر أحدًا وعفا عنه.

وأيضًا كان هناك أسرى آخرين، لم يدفع أحد عنهم الفدية، فاكتفى سيدنا محمد بأن يعلموا أولاد المسلمين الكتابة .

غزوة أُحُد

أثناء غزوة أُحُد، أوقع المشركين بالمسلمين، ونزلوا بهم قتالًا، حتى أن أحد الكفار رمى رسول الله بحجارة في رأسه، فسال الدم على وجهه، حيث ذكر أن من شدة الدماء، كانت تمسح له ابنته فاطمة الدم بالماء فكان يزيد، فأخذت قطعة حصير فأحرقته حتى أصبح رمادًا، ثم ألصقته بالجرح، ورغم ذلك لم يدعي عليهم رسول الله، بل دعا لهم قائلًا: اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون .

غزوة ذات الرقاع

كان سبب هذه الغزوة، غدر بعض القبائل بالمسلمين، وقتلهم ٧٠ من دعاة المسلمين، وقد روى أنه أثناء سير الرسول أدركه وقت الظهيرة، فصلى ومن معه، وكان هناك مكان ملئ بالأشجار، فأخرج الرسول سيفه وعلقه بإحدى الأشجار، ونام، وعندما فتح عينيه وجد أحد الأعراب وفِي يده صلتًا، يوجهه إلى وجه ويقول له: من يمنعك مني؟ فرد سيدنا محمد قائلًا: الله
فسقط السيف من يده، ومع ذلك لم يعاقبه سيدنا محمد وعفا عنه وتركه .

صلح الحديبية

قبل صلح الحديبية، أرسلت قريش ٥٠ رجلًا لقتل المسلمين في معسكرهم، ولكن استطاع جنود المسلمين الإمساك بهم، ورغم ذلك عفا عنهم رسول الله وتركهم .

فتح خَيْبَر

بعد فتح خَيْبَر، ظل حصن الوطيح، والسلالم لم يستطيعوا فتحهم، فقام الرسول بحصارهم، وعندما أحس أهلهم بالهلاك، طلبوا من الرسول أن يخرجوا ويتركوا أموالهم، فوافق، فرجعوا مرة أخرى وطلبوا منه، أن يبقوا ويزرعون الأرض، ويتقاسمون ما يخرج منها، فصالحهم رسول الله .

وأيضًا بعد فتح خبير، أهدت له زينب بنت الحارث سلام بن مشكم، شاة مشوية ووضعت له فيها السم، وكان معه بشر بن البراء، فأكل منها كثير، فأحس بالسم، وكان الرسول أكل قطعة صغيرة فلفظها، وعندما سألها رسول الله اعترفت أنها وضعت السم، لتتأكد أنه نبي، ورغم ذلك سامحها رسول الله .

فتح مكة

عند دخول رسول الله مكة، خرج لقومه وقال لهم، ماذا تعتقدون أني فاعل بكم؟
فردوا أخ كريم، وابن أخ كريم، فقال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء

العفو عند المقدرة

بعد فتح مكة ودخول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأثناء طوافه بالكعبة، كان وراءه رجلًا منافقًا يدعي الإسلام، اسمه فضالة بن عُمير، وكان يريد الغدر برسول الله فأحسه الرسول فقال له: أفضالة، فرد نعم، فقال له: ماذا كنت تحدث نفسك؟
فقال: كنت أذكر الله، فقال رسول الله له: فأستغفر الله

كما أن سيدنا محمد عفا عن كل من ظلمه، وظلم المسلمين، فعفا عن عكرمة بن أبي جهل بعد أن أباح دمه، ولكن عندما طلبت زوجته العفو أم حكيم، عفا عنه

وأيضًا عفا عن وحشي بن حرب، قاتل عمه حمزة بن عبد المطلب، بعد أن أتى إليه وأعلن إسلامه .

وهل بعد هذا كله يوجد من يُسئ إلى رسول الله، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم حاشا وكلا، اللهم أنعم علينا بلقائه يوم اللقاء العظيم، اللهم صلي عليك يا نبي الله، يا خاتم الأنبياء والمرسلين، يا رافع راية الاسلام للممات، وحامل هم العباد يوم الحساب، إن يوم ميلادك أعظم هدية للبشرية، أنعم علينا بها الله، فاللهم أعز الإسلام والمسلمين ليوم الدين .

مراجعة : حنان مرسي

إقرأ أيضا:

رسول الإسلام ومنبر السلام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا