المرأة والحياة

نزار قباني شاعر المرأة وأبرز قصائده إليها

 

 

✍️ منار السيد

 

الشاعر نزار قباني، الذي كُتب تاريخ النساء بقصائده، ومنح المرأة المساحة الكبيرة من الوقت ومن العمر ومن الدفاتر؛ لأنه يرى أن الكاتب يبقى وسيماً أنيقاً ما دام موجوداً في كنف المرأة، وفي حمايتها، وحين ترفع المرأة يدها عنه يشيخ عشرة آلاف عام في عام واحد، وينتحر كالفيل الأفريقي من الضجر والترهل والغلظة، فهو يعتبر نفسه مسؤولاً عن المرأة، فقد سُمي بشاعر المرأة؛ وذلك لفرط اهتمامه بقضايا المرأة، فقد قدم العديد من القصائد التي ما زالت يتغنى بها الكثير إلى الآن، فهو يؤمن بدور المرأة العظيم اجتماعياً وعاطفياً.

 

 

 

شاعر سوري ولد 21 مارس عام 1923، وهو من أسرة دمشقية عريقة، فجده من رواد المسرح العربي أبي خليل القباني وورث منه حب الفن، وورث من والده حبه للشعر، تخرج من كلية الحقوق عام 1945، عمل بالسلك الدبلوماسي، وفي عام 1966 قدم قباني استقالته.

 

“قالت لي السمراء” يعد أول دواوين نزار، أصدره عام 1944، قضى نزار آخر خمسة عشر عاماً من عمره في لندن حيث غادر لبنان بعد وفاة بلقيس، فقد كتب في رثاء زوجته العراقية بلقيس: “بلقيس يا عطراً بذاكرتي، يا زوجتي وحبيبتي وقصيدتي، نامي بحفظ الله أيتها الجميلة، فالشعر بعدك مستحيل والأنوثة مستحيلة”.

 

توفى قباني 30 أبريل 1988، وأوصى أن يُدفن بدمشق، فقد قال عنها: “الرحم الذي علمني الشعر، الذي علمني الإبداع والذي علمني أبجدية الياسمين”.

 

“صورة شقيقته وهي تموت فداء للحب حُفرت في ذهنه، وكانت شقيقته في ميتتها أجمل من رابعة العدوية.”، هكذا وصف قباني الحادث، فقد انتحرت شقيقته وهو في الخامسة عشرة من عمره بسبب إجبار الأهل على الزواج من رجل لم تكن تحبه، فرحيل شقيقته أثر في تكوين وجدانه وعاطفته، فركز في أشعاره على صراع المرأة ورغبتها في تحقيق ذاتها.

 

وقد ربط نزار في قصائده بين المرأة وملامح الازدهار والثقافة، فقال الحضارة أنثى، الثقافة أنثى، اللغة أنثى، القصيدة أنثى، الشجرة أنثى، الثورة أنثى، الحرية أنثى، وقال يا سيدتي: أنتِ خلاصة كل الشعر ووردة كل الحريات.

 

وأكد في كلماته على أن المرأة هي سبب الحياة، وأنها الحب الذي هو أساس الاستمرارية في الحياة، ودون المرأة لا توجد حياة، معبراً أن الحب والمرأة أساس استمرار الكون.

 

حزن المرأة لم يوقف قباني عن حبها ومدح ملامحها الحزينة قائلاً:

 

إني أُحبكِ عندما تبكينَ

وأحبُّ وجهكِ غائماً وحزيناً

الحزن يصهُرنا معاً ويذيبنا

من حيث لا أدري ولا تدرينا

تلك الدموع الهاميات أحبها

وأحب خلف سقوطها تشرينا

بعض النساء وجوههن جميلةٌ

وتصيرُ أجملَ عندما يبكين.

 

وعبر الشاعر عن رغبة المرأة في التحرر من القيود، فتخيل الشاعر مشهد فتاة في الحديقة مع حلول الربيع فترى الأرض في حالة جديدة بعد الشتاء فتحلم أن تعيش حرة بعيداً عن الظلام والخوف قائلاً:

 

أحب طيور تشرين، تسافر حيثما شاءت

وتأخذ في حقائبها بقايا الحقل من لوز وتين

أنا أيضاً أحب أكون مثل طيور تشرين

أحب أضيع مثل طيور تشرين

فحلو أن يضيع المرء بين الحين والحين

أريد البحث عن وطن جديد غير مسكون.

 

وقد عبر أيضاً عن وفاء وإخلاص المرأة قائلاً:

 

ماذا أقول له لو جاء يسألني

إن كنت أكرهه أم كنت أهواه؟

رباه أشياءه الصغيرة تعذبني

فكيف أنجو من الأشياء رباه

هنا جريدته في الركن مهملة

هنا كتاب معاً كنا قرأناه

مالي أحدق في المرأة أسألها

بأي ثوب من الأثواب ألقاه

أأدعي أني أصبحت أكرهه

وكيف أكره من في الجفن سكناه؟

 

وتطلع نزار إلى عفوية المرأة البسيطة التي ترفض التكلف؛ لتظهر بصورة لا تريدها قائلاً:

 

أحبني كما أنا

بلا مساحيق، ولا طلاء

أحبني بسيطة عفوية

كما تحب الزهر في الحقول، والنجوم في السماء.

 

لنزار قصائد تغنى بها الفنانون، فقد تمكن نزار من التمرد على الشعر القديم وفرض كلماته وعباراته الخاصة على التجربة الشعرية.

 

غنى عبد الحليم حافظ “العندليب الأسمر” قصيدة “رسالة من تحت الماء”، وقصيدة “قارئة الفنجان” التي كانت آخر قصيدة تغنى بها العندليب على المسرح، ويُقال عنها إنها قصيدة رمزية يُقصد “بولدي” الشعوب العربية “الشعب الفلسطيني تحديداً”.

 

غنت فيروز الفنانة اللبنانية ذات الإحساس المرهف من القصائد “موال دمشقي”، “وشاية”، و”لا تسألوني من اسمه حبيبي”.

 

نجاة الصغيرة غنت بصوتها العذب الرقيق “أسألك الرحيل”، “ماذا أقول له”، أيظن”، “متى ستعرف كم أهواك”.

 

فايزة أحمد الفنانة الكبيرة غنت قصيدة “رسالة من امرأة”.

 

وغيرهم الكثير من الفنانات والفنانين فاستطاع نزار تخليد قصائده بدقة الألفاظ، روعة المعاني، وعذوبة الكلمات.

 

المرأة دائماً مصدر للإلهام، للفن، للحب، للحياة، تعجز أجمل القصائد، وأرق أبيات الشعر عن وصف جمالها؛ فكوني أنتِ حتى لو لم تعجبي أحداً، إن كنتِ راضية عن نفسكِ ذلك يكفي، فأنتِ أجمل حين تمتلكين الثقة بنفسكِ، فالمرأة لم تُخلق للحب، بل الحب خُلق لها.

إقرأ أيضاً:-

شعراء برعوا في وصف المرأة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا