المرأة والحياة

تخلصي الآن من ذكريات التحرش الجنسي

 

 

 

✍🏻 بسنت الغباري

 

يعتبر التحرش الجنسي من أسوء أنواع العنف تأثيراً على المرأة و أكثرها دماراً على المدى البعيد؛ نظراً لما يحدثه من مشاكل نفسية من خوف وعدم أمان وإهانة وترويع وانتهاك ومشاعر قد تستمر لسنين، فمن تتعرض للتحرش تصيبها صدمة نفسية تجعلها ترغب بالانفصال عن الحدث، وإبعاده عن ذاكرتها ومحاولة نسيانه تمامًا، وهناك العديد من آثار التحرش الجنسي النفسية التي تؤثر على كل إمرأة بشكل مختلف، علمًا أنه لا يوجد طريقة صحيحة أو خاطئة للشعور بعد التعرض للتحرش الجنسي.

 

الآثار النفسية للتحرش الجنسي:

 

١- الإنكار:

 

لا تتمكن الكثيرات من الناجين من التحرش الجنسي من الإعتراف بتأثير التعرض للتحرش الجنسي، وغالبًا ما تنكرين أنكِ تأثرتي بشكل سلبي بسبب التحرش.

 

٢- التقليل من الإساءة:

 

أحيانًا تتكيف المرأة مع تعرضها للتحرش الجنسي بالتقليل من الإساءة التي تعرضت لها؛ حيث تعتقد أن ما تعرضت له لم يكن سيئًا مقارنةً بتجربة إمرأة آخري، وفي هذه الحالة يجب التحقق جيدًا من أثر الإساءة عليها.

 

٣- الحدود:

 

التحرش الجنسي يُعتبر انتهاكًا للحدود، ومن آثاره النفسية هي مواجهة مشاكل في وضع الحدود من جديد، أو تحديد الحدود بشكل عام، وقد لا تعرف المرأة حقها في وضع الحدود وتعزيزها.

 

٤- الرغبة بالعزلة:

 

من أكثر آثار التحرش الجنسي النفسية المدمرة هي شعور الناجية من التحرش أنها لا تستحق الدعم، وأنها فاسدة، وأن الأشخاص من حولها لن يرغبوا في التواجد معها بعد الآن، ولذلك تبدأ في الانسحاب الاجتماعي، وفي بعض الأحيان الأشخاص المحيطون بها يبدأون بالابتعاد عنها ونبذها.

 

٥- فقدان الذاكرة:

 

في الكثير من الأحيان تنسى المرأة ما حصل معها على المدى الطويل، وبشكلٍ خاص إذا تعرضت للتحرش الجنسي قبل تطور اللغة.

 

٦- الانفصال عن الواقع:

 

قد تعانين من الانفصال عن الواقع عند تعرضكِ للتحرش الجنسي أو أثناء تعرضكِ له، كما قد تشعرين بالخدر لتجنب اختبار المشاعر الناتجة عن التحرش، ولكن يُمكنكِ لأي حدث أو ذكرى أن تثير نفس المشاعر لديكِ.

 

٧- فقدان القدرة على التركيز:

 

تواجه المرأة التي تعرضت للتحرش الجنسي من مشكلة في التركيز أثناء القيام بأي مهام مثل مهام العمل والدراسة، وذلك بسبب توجيه التركيز كله على التجربة المؤلمة التي تعرضت لها.

 

المشاعر التي تتعلق بالتحرش الجنسي:

 

١- الذنب:

 

الشعور بالذنب يتكون بسبب شعور المرأة أن تعرضها للتحرش الجنسي كان خطأها، ومن الصعب إلقاء اللوم على المعتدي؛ حيث غالبًا ما يكون المُعتدي شخصاً مقرباً ترغبين في حمايتكِ.

 

٢- قلة الثقة:

 

من الطبيعي أن تعانين من قلة الثقة بالآخرين بعد تعرضكِ للتحرش الجنسي؛ لأن التحرش بحد ذاته يُعتبر خيانة للثقة، وفي بعض الأحيان قد تفقدين ثقتك بنفسكِ.

 

٣- فقدان الأمان:

 

حيث يتغير شعور المرأة بالأمان، وقد تقيم المواقف الآمنة على أنها غير آمنة، أو العكس.

 

٤- الخجل والشك الذاتي:

 

حيث تجعل المرأة تشعر بالخجل من نفسها، ومن الشك في نفسها، وهي حلقة من ردود الفعل التي يصعب الخروج منها.

ويُمكن أن تؤدي إلى إصابة المرأة في:

 

صراعات حادة في الصحة النفسية.

مشاكل في صورة الجسد.

تدني احترام الذات.

التوتر.

 

ويؤدي التعرض للتحرش الجنسي لإصابتكِ في الكثير من القلق والتوتر، والتي تؤثر علي صحتكِ الجسدية بشكل مباشر؛ حيث تزيد من ضغط الدم الذي يؤدي بدوره للإصابة في أمراض القلب والأوعية الدموية.

 

طرق لتتخلصي من ذكريات التحرش:

 

يُمكن اتباع الطرق التالية لتتخلصين من ذكريات التحرش الجنسي:

 

١- التمتع بتجربة إيجابية:

 

من الأمور التي يمكنكِ فعلها وتساعدكِ في التخلص من ذكريات التحرش هي محاولة إعادة التجربة الجنسية بطريقة إيجابية أو مقبولة بالنسبة لكِ، وتكرار المحاولة أكثر من مرة؛ حتى تصبح الذكريات الموجودة عن الممارسات الجنسية ذكريات إيجابية.

 

٢- تعزيز الأفكار الإيجابية:

 

في أغلب الأحيان تقضي الضحية وقتها بالتفكير بأفكار سلبية، وهو ما يجعلها تعلق في الذكريات السلبية للتحرش، بينما يمكنكِ البحث عن أفكار أو ذكريات إيجابية والتفكير بها لتعزيزها، وزيادة الإيجابية.

 

٣- التصالح مع النفس:

 

من المهم للغاية أن تقومي بالاعتراف بأنكِ تعرضتِ للتحرش، وأن تتصالحي مع نفسكِ، دون إطلاق أي أحكام على النفس، أو الخوف من ردة فعل المجتمع والآخرين.

 

٤- التخلص من مشاعر الذنب والعار:

 

ليس عليكِ أن تشعرين أنكِ السبب في تعرضكِ للتحرش أبدًا، ولا يجب عليكِ الشعور بالذنب أو العار بسبب ما حصل لكِ.

وغالبًا ما يحصل ذلك لأحد الأسباب التالية:

 

عدم تمكنكِ من الدفاع عن نفسكِ أو منع التحرش بكِ.

الشعور بالمسؤولية تجاه التعرض للتحرش.

 

٤- عدم تجنب الذكريات:

 

يدخل الجهاز العصبي في حالة شديدة الحساسية بعد تعرضكِ للتحرش، وهو من الأسباب التي تجعلكِ تتجنبي التفكير به أو إنكار الذكريات، وينغلق على أفكارهكِ ومشاعركِ، ولكن ذلك يزيد الأمور سوءًا.

 

٥- الاسترخاء والهدوء:

 

تساعدكِ تقنيات الاسترخاء على الهدوء والشعور بشكل أفضل، وزيادة الثقة بالنفس، والشعور بالأمان، وذلك مثل:

 

الحركة الإيقاعية: التي تساعد أجزاء جسمكِ على التحرك معًا مثل الرقص والمشي.

تمارين اليقظة: يمكنكِ ممارسة تمارين اليقظة أو التأمل في أي وقت وأي مكان بمجرد أن تبدأ الذكريات في الظهور.

اليوجا: تساعدكِ على استرخاء جسمكِ وزيادة الوعي، وتخفيف الشعور بالصدمة.

 

نصائح تساعدكِ في التخلص من ذكريات التحرش:

 

١- طمأنة النفس:

 

رددي دائماً في كل مرة بأن الأمور ستكون بخير، ولا داعي لاختبار نفس المشاعر مرة أخرى؛ لأنها مشاعر مؤلمة ومؤذية للغاية.

 

٢- الصبر على مرحلة العلاج:

 

لن يكون من السهل التخلص من ذكريات التحرش، وفي بعض الأحيان قد تحتاجين للخضوع إلى علاج نفسي حسب توصيات الطبيب، ولذلك يجب التحلي بالصبر، والكثير من الصبر لتخطيها بشكل صحي.

 

٣- الاستمرار:

 

قد يكون لديكِ رغبة كبيرة في الانسحاب وتجنب التفكير في تعرضكِ للتحرش الجنسي، وتجنبًا للشعور بالحزن، أو الخوف، أو عدم الارتياح، ولكن سوف تكون انتكاسة كبيرة في علاج التحرش، فلا يجب الاستسلام، والاستمرار حتى التخلص من جميع الذكريات.

 

٤- المحافظة على العلاقات الاجتماعية:

 

ضروري جدًا أن تحافظين على العلاقات الاجتماعية؛ حتى تحصلين على الدعم أو الإلهاء الكافي الذي يساعدكِ في التخلص من ذكريات التحرش، وذلك من خلال:

 

التواصل باستمرار مع الأصدقاء أو المقربين.

قضاء الوقت الممتع مع المقربين والأصدقاء.

المشاركة في الأنشطة الاجتماعية وممارسة أمور ممتعة.

إعادة الاتصال مع الأصدقاء القدامى.

تكوين صداقات أو علاقات اجتماعية جديدة.

 

٥- الرعاية الذاتية:

 

التخلص من ذكريات التحرش يحدث تدريجيًا وليس بشكل مفاجئ، لذا من المهم للغاية رعاية النفس وذلك من خلال:

 

الحصول على قسط من الراحة: عند الشعور بالتعب الجسدي أو النفسي، لا بأس من أن تأخذين قسطاً من الراحة للاسترخاء والهدوء بعيدًا عن العلاج أو محاولات تخطي الذكريات.

 

اتباع نظام حياة صحية: العناية بالصحة الجسدية يساعدكِ في الهدوء وتقليل القلق، وذلك من خلال، تناول الطعام الصحي، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والنوم لأوقات كافية، والابتعاد عن تناول الكحول أو المخدرات.

 

٦- الحصول على العلاج المناسب:

 

أحيانًا تكون التجربة صادمة للغاية، وقد تسبب لكِ اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وعندها يجب الحصول على المساعدة الطبية من أحد الأطباء أو المعالجين، وغالبًا ما يتم التوصية بأحد العلاجات التالية:

 

العلاج المعرفي السلوكي (CBT): من خلال هذا النوع من العلاج تتمكني من مواجهة الذكريات المتعلقة بالاعتداء الجنسي، وتصحيح الأفكار غير القادرة على التأقلم؛ مما يقلل من احتمالية الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة.

علاج التعرض: قد يساعد في الحد من سلوكيات التجنب وإدراك أن القلق والخوف سيزولان بشكل تلقائي مع مرور الوقت.

إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة (EMDR): يتم معالجة الصدمات المتعلقة بالاعتداء الجنسي بهذا النوع من العلاج، وبالتالي التقليل من التأثيرات العاطفية للمواقف المؤلمة.

مجموعات الدعم: تكون الضحية من خلال هذه المجموعات علاقات صحية وداعمة مع أشخاص لديهم خبرة بالمواقف المماثلة.

 

لا يكون التخلص من ذكريات التحرش الجنسي أمرًا سهلًا أبدًا لأنها من الذكريات المؤلمة التي تبقى عالقة في ذاكرة المرأة، وقد تعود لها الذكريات في أي وقت وأي مكان، لذلك ننصح بتصديق النساء اللاتي تعرضن للتحرش مع تقديم الدعم لهن، ومنح الناجيات من التحرش الحرية في اتخاذ القرارات بنفسهن دون محاولة فرض أي فعل عليهن والابتعاد عن لوم الضحايا بأي شكل من الأشكال والاستماع جيدًا لهن ومساعدتهن على التعافي والحصول على المساعدة من أحد الأطباء أو الجهات المختصة.

 

إقرأ أيضاً:-

دور المجتمع العربي في مناهضة العنف ضد للمرأة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا