مقالات

ملوخية بالريحان

كتب..عبدالعزيز مصطفى محمد

 

لطالما كانت تصيبني حالة من النوستالجيا الجميلة عندما أسمع قصيدة الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش أحن إلى خبز أمي بصوت الفنان اللبناني مارسيل خليفه وقت دراستي بعيداً عن المنزل و دفء القلوب و العائلة كانت تلك الأغنية تعيد إلي كل ذكرياتي عن طعامي المحضر خصيصًا بكل حب و عناية من أمي و بالأخص طبقي الأقرب إلى قلبي الملوخية التي كانت تخلطها أمي بالنعناع و الريحان كما اعتدنا تحضيرها بوصفه جدتها المتوارثة قبل نحو 200 عام تقريباً و لكن تسائلت هل للاكلات تاريخ يشبه تاريخ الحضارات و الممالك و البشر أم كانت مبهمة حتى وقت قريب و للإجابة لنفسي عن سؤالي ذاك كان علي التعمق في أصل الملوخية بالتحديد بما أنها طبقي المفضل كما قلت سابقاً و أما عن المُلُوخِيَة ، فالملوخية تعد طبق شعبي عربي أصيل يعود تاريخه إلى الآلاف من السنين.

ملوخية بالريحان
ملوخية بالريحان

 

وهو أحد أشهر الأكلات في كل الموائد العربية حتى مع كثرة تنوعها و لقد عرفت الملوخية للمرة الأولى في مصر القديمة، ومنها انتشرت ولازالت حتى الآن متواجدة في مصر الحديثة وفي بلاد مثل السودان، و بلاد الشام ” الهلال الخصيب ” مثل سوريا وفلسطين والأردن ولبنان، و غيرهم من دول شمال أفريقيا في تونس والمغرب، والجزائر وبعض بلدان الخليج العربي .

الملوخية زهور أم طعام

و زهرة الملوخية أو نبات الملوخية هي أحد فصائل الوريقات والنباتات الزهرية و هذا غريب بالطبع عما يعتقده الناس. وهي تزرع طوال فترات العام، وأفضل وقت لذلك في موسم الصيف و تختلف طريقة إعداد الملوخية من بلد لآخر مع تغير العادات والتقاليد و حيث تختلف الإضافات و المكونات ونوع البهار المستخدم في كل بلد ..

تاريخ الملوخية

و قد تشير بعض المراجع التاريخية إلى أن وجبة الملوخية تعود لمطبخ مصر القديمة، حيث أعتقد المصريين القدماء في بادئ الأمر أنها قد تكون نبتة سامة و قاتلة ، وعند احتلال “الهسكوس” لمصر أجبروا المصريين على تناولها.

 

فعشقها المصريين وعلموا مع الوقت فوائدها. ومنها انتقلت إلى الحضارات السومارية و غيرها حتي وصلت إلى الحضارات الحالية و بعض البلدان العربية الأخرى عبر الفتوحات والرحلات والتجار بين أفريقيا و أسيا من الدول التي مر عليها طريق الحرير و تعد أوراق الملوخية غنية بالكثيرمن الأحماض العضوية المفيده لصحه القلب و الإنسان مثل حامض الفوليك، بيتا كاروتين، عنصر الحديدو الكالسيوم المفيد للعظام و فيتامين سي و غيره وأكثر من 32 فيتامين و معادن اخري وعناصر رائعه و يحتوي النبات على نشاط مضاد تأكسد قوي مع فيتامين إي مكافئ توكوفيرول ألفا و هو ما قد يكون مفيد جداً لصحة الإنسان وكل 100 جرام من الملوخية قد تحوي ما يقارب ال 26 من السعرات حرارية، وبهذا فهي و بحق تعد قليلة السعرات الحرارية وغنية جدآ بالالياف، ما يجعلها طعاماً ملائم و مميز لمن يبحثون عن وصفات قليلة السعرات تساعد في خسارة الوزن وكبح الشهية مثل المكملات الغذائيه و لكنها أكثر صحية عن العقاقير الطبية و الأدوية التي قد تضر أكثر ما قد تنفع و لكن و رغم فوائدها تلك لم تمنع الحاكم بأمر الله الفاطمي من منعها و وقف بيعها خلال عهده فقد رآها طعام سئ لم تعتاد عليه حواسة فحجبة دون التفكير حتي في محاولة تذوقة بلا أي تدخلات خارجية من مكونات هو يكرهها بالأساس و لعل ذلك هو تفسيري الوحيد لسبب تعسفه في المنع و الحجب طيلة عشرون عام من حكم الحاكم بأمر الله الفاطمي عاشها الشعب المصري بلا ملوخية و كان تناولها جريمة يعاقب عليها القانون و قد ذكر الواقع عدد من المؤرخين المصريين مثل إبن تغري بردي و غيرة من الذين بدأوا التوثيق في عهود المماليك و ما بعدهم .

ملوخية بالريحان
ملوخية بالريحان

 

فوائد الملوخية الصحية

أولا :

السيطرة و بشدة على ضغط الدم

ثانياً :

تعزيز صحة القلب بفعالية أكبر

ثالثاً :

تنظيم عمل الجهاز الهضمي و إصلاح الأضرار بالاثني عشر

رابعاً :

الوقاية من هشاشة العظام و المفاصل وضعف العضلات

خامساً :

الوقاية من فقر الدم المعروف بالأنيميا

سادساً :

الإحساس بالاسترخاء والتخلص من الأرق و تعزيز المناعة بالجسم.

 

و رغم تنوع إعداد وتقديم الملوخية عبر البلاد العربية فإن فوائدها الصحية هي الثابت في حب الشعوب لها قبل كل شئ و لكن و مع وضع كل شعب نكهته الخاصة بها جعلها طعام رائع و أشبه بالتوثيق الثقافي لكل بلد حتى مع اضافات مكونات مثل اللحوم بكافة انواعها إليها كأنها الحضن الدافئ لكل الوجبات تظل مع كل ذلك وصفة أمي التي ورثتها قبل قرنين من الزمان عن جداتها هي الأجمل الي قلبي فكما حن محمود درويش إلى خبز أمه حتي و أن كان مجرد خبز لكنه حن لذلك الطعام الذي يعيد اللحظات الجميلة لا الطعم المعتاد .

أقرأ أيضاً:-

أكلات التراث المصري وعالميتها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا