مقالات

التحلي بالتقوى في زمن الفتن 

 

 

كتبت: نور عبد المنعم الحوفي

 

التقوى في زمن الفتن ، أصبحت كالشيء القوي الذي نريد أن نتمسك به ، في زمن أصبحت الفتن فيه هي سيدة الموقف وهي المسيطرة عليه ، فالتقوى على الرغم من أننا نعلم قدرها جيدًا ولكننا أصبحنا ننساق وراء الفتن التي كادت تؤدِ بنا إلى القاع ، في زمن الفتن أصبح الشخص المتمسك بالتقوى هو الخاطئ ، وهو صاحب الحجة الضعيفة ولكن المُنساق وراء الفتن هو صاحب الحجة الأكبر والأقوى ، لأن ببساطة كيف لزمن أصبحت الفتن هى المتحكمة فيه ؛ أن يجعل من التقوى سبيل النجاة له .

التحلي بالتقوى في زمن الفتن 
التحلي بالتقوى في زمن الفتن

تعريف التقوى : 

هى أن يجعل الفرد بينه وبين ربه طاعات متجددة ، أن يتقرب من ربه قرب المُحب لطاعته والمشتاق إليه ، لأن التقوى هي الأساس التي قامت عليه الشريعة الإسلامية وهي الأساس الذي وُكل به الرسل جميعًا ، فهي سبيل النجاة الوحيد للإنسان أن يموت وهو على تقاة وطريق الله حيث قال الله تعالى

 ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ”(102)

آل عمران.

 

فهذا دليل على قيمة التقوى في الإسلام فلابد أن يكتمل إسلام المؤمن بتقاه والخوف من عذابه وأن يتقي الله في السر والعلن .

 

الفتن لم يكن ظهورها اليوم أو أمس ولكن الفتن حاضرة من قديم الزمن ؛ لأن السبب فيها هو الشيطان الرجيم ، فهو سبب انسياق الإنسان وراء الفتن ، أيضًا ضعف إيمان المسلم تكون من ضمن الأسباب  التي تجعل الإنسان ينساق وراء الشيطان الرجيم، فدومًا يزين لنا الشيطان الشر ويجعلنا نقع فيه حتى ولو نهانا الله سبحانه وتعالى عنه ، فيزين لنا تلك النواهي والمُحرامات ويجعل من الذنب شيئًا بسيطًا حتى تقع في فتنته ويأتي بعد ذلك قائلاً إني أخاف الله رب العالمين حيث قال الله تعالى

 “كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)” 

 

فيكون هدف الشيطان هو إغواء الإنسان فقط ثم بعد ذلك يظهر وكأنه لا يعرفه .

 

ويحاول الشيطان بتصغير وتزين الذنب حتى يرتكبه الإنسان ويقع في الفتنة التي زينها له كما فعل من بداية الخلق مع سيدنا آدم عندما أدخلهم الله سبحانه وتعالى الجنة ، وحرم عليه الشجرة ولكن الشيطان فتنهم وزين له سوء عملهم حتى وقعوا في فتنة واخرجهما من الجنة. 

التحلي بالتقوى في زمن الفتن
التحلي بالتقوى في زمن الفتن

 

حيث قال الله تعالى

 ” وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36) فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)” 

 

“يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ(27)”

 

ولكننا اليوم أصبح الشيطان هو المتحكم في الحياة التي نعيشها، فأصبح لكل شيء نعيشه فتنة هناك من تحدث فتنته في الدين ، فأصبح الشخص المتمسك بدينه هو الغريب وسط ذلك المجتمع ، فهناك من يخفي طاعاته  لكي لا يسخر منه أحد بقوله ” ماشي يا شيخ” ، ” أنت يعني فاكر نفسك هتدخل الجنة” ، ” الله يرحم أيام زمان ” وكل هذا وأكثر من أشكال السخرية من الذين يتقون الله في زمن أصبحت  فيه الفتن سيدتهم .

التحلي بالتقوى في زمن الفتن 
التحلي بالتقوى في زمن الفتن

 

وأصبح التقليد الأعمى للغرب هو المسيطر عليه ، في العادات والتقاليد والدين أصبح من الأشياء التي يسخر منها أصحاب العقول المريضة ويظنون بأن طريقهم هو الصحيح ، مُنساقين وراء الطرق التي زينها لهم الشيطان ، تاركين باب التقوى بعيد عن احتمالاتهم ظنًا منهم بأن العمر أمامه أطول مما مضى ، ولكن لا يعرفون بأن من ماتوا أمس واليوم كانوا يظنون هكذا ، فأصبح الموت يدق الأبواب يوميًا فيجب علينا أن تصحو قلوبنا من تلك الغفلة حتى نقابل الله وإن كنا مقصرين ولكننا حقًا مُقصرين نكن على الأقل نقابله ونحن متمسكين بحبل تُقاه.

 

قال تعالى”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ {29} “

الأنفال .

 

“يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ(1 )”

الحج.

 

وفي النهاية نسأل الله رب العالمين أن يخرجنا منها سالمين آمنين غير مفتونين، اللهم لا تجعلنا من القاسية قلوبهم وأرنا الحق حقًا وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا