مقالات

إدمان السوشيال ميديا

كتبت: رويدا عبد الفتاح

 

خلال العقد الماضي، احتلت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا كبيرًا من حياة الكثيرين، وكانت البداية من موقع فيسبوك، وتابع ظهوره العديد من المواقع، ولكل منها ميزة تميزها عن الأخرى.

أدى هذا الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي – خاصة مع ظهور أجيال من الهواتف الذكية وأجهزة الحاسب اللوحية – إلى سهولة الوصول إلى هذه المواقع، وهذه الأجهزة سهلة الحمل والتنقل مع صاحبها بشكل مستمر وشبه دائم.

 

فضل الكثيرون قضاء جزء من وقتهم على هذه المواقع، لكن بعض الأشخاص أفرطوا في استخدامها وبقوا عليها لفترات طويلة، مما أثر على حياتهم وسلوكياتهم الاجتماعية، ودفع البعض إلى إطلاق مسمى إدمان مواقع التواصل الاجتماعي على هذه الحالة.

 

ظهرت أجيال من الأطفال والشباب يقضون معظم يومهم على مواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني، لدرجة أنهم لا يستطيعون الابتعاد عنها والتخلي عن هذه المواقع لبضع دقائق، الأمر الذي كان له أثر سيء للغاية على هذه الأجيال، بل يمكن للأمر أن يدمر الحياة الواقعية للعديد من هؤلاء المدمنين.

 

نناقش في هذا الموضوع إدمان مواقع التواصل الاجتماعي بكافة تفاصيله، مع شرح العوامل والأسباب وأعراض هذا الإدمان، وطرق الوقاية والعلاج من هذه الظاهرة المدمرة للأجيال.

 

إدمان السوشيال ميديا
إدمان السوشيال ميديا

• السلوك القهري:

 

يُعرَّف الإدمان عمومًا بأنه سلوك قهري يتسبب في آثار سلبية على المدمن، وبالنسبة لإدمان وسائل التواصل الاجتماعي، فهو يعني استخدام الشخص لها بصورة قهرية، على سبيل المثال، يقضي معظم وقته في تصفح التحديثات ومتابعة حساباته المختلفة.

 

إضافة إلى ما سبق، فهو لا ينام قبل الرد على التدوينات والتغريدات والرسائل التي يتلقاها، وخاصة بالنسبة للمراهقين، وقد يصل الأمر لدى البعض إلى النقطة التي يستيقظ فيها من النوم مع كل تنبيه للهاتف الذكي، وقد يجيب على بعض الإشعارات وهو نصف نائم.

وقد حدد الأطباء بعض الأعراض التي تظهر على الشخص المصاب بهذا النوع من الإدمان، ومنها الإفراط في استخدام هذه المواقع، مما يؤدي إلى إصابته بالقلق، وقد يتطور في بعض الحالات إلى اكتئاب.

 

• إجهاد العين:

 

هناك العديد من الآثار السلبية التي تظهر بسبب إدمان شبكات التواصل الاجتماعي، ومنها آثار جسدية ونفسية واجتماعية.

تبدأ الآثار الجسدية بالتسبب في إصابة مدمن هذه المواقع بالسمنة، لأنه يظل جالسًا لفترة طويلة أمام شاشة هاتفه أو جهاز الكمبيوتر الخاص به.

 

يتسبب الجلوس المطول بإصابات في العمود الفقري، وإذا استخدم الشخص سماعات الأذن لفترات طويلة، فسيؤثر ذلك على حاسة السمع لديه.

 

كما يمتد إلى الإصابة بإجهاد العين، لأن الشاشات تصدر إشعاعات تؤثر على العين، كما أن الإمساك بالهاتف لفترة طويلة، كما أن استخدام لوحة المفاتيح أيضاً يسبب ألمًا شديدًا في اليد، نتيجة الضغط على أوتار الأصابع عند الكتابة على الهاتف أو لوحة المفاتيح، ويمكن أن تصل في بعض الحالات الشديدة للإصابة بمتلازمة النفق الرسغي.

 

إدمان السوشيال ميديا
إدمان السوشيال ميديا

• الانسحاب من الحياة:

 

الآثار النفسية والاجتماعية تشمل الانسحاب من الحياة الاجتماعية، وغياب الرقابة الأبوية، بسبب صعوبة مراقبة الأطفال طوال الوقت من خلال الشاشات التي يستخدمونها.

 

يعاني مدمن وسائل التواصل الاجتماعي من تدني احترام الذات، وانشغال عقله بأشياء لا فائدة لها، ولا يجد رغبة لديه في تفاعل اجتماعي حقيقي، مقابل ما يمكنه الحصول عليه بنقرة واحدة.

 

يتولد مشاعر من الحسد لديه بسبب متابعته لحياة الآخرين، وتغيب لغة الحوار بينه وبين الآخرين، وفي كثير من الأحيان يتطور الأمر إلى شجار بينه وبين أصدقائه المقربين وأفراد أسرته.

 

• السعادة الزائفة:

 

يرجع الباحثون حدوث إصابة بإدمان مواقع التواصل الاجتماعي إلى حقيقة أن دماغ المدمن تفرز كمية قليلة من الدوبامين، وهو الهرمون المسؤول عن السعادة والرضا، عندما يتلقى إشعارًا من أحد حساباته على هذه المواقع، ومع كل إشعار يصل المدمن يتحمس دماغه.

 

يتكرر الأمر بمرور الوقت، مما يؤدي إلى انتظار الشخص لهذه الإشعارات من أجل الحصول على الكثير من السعادة.

وبالتالي يقع الشخص في السلوك الإدماني، حيث يعتمد عليه بشكل قهري ليشعر بالسعادة، فعندما يرى صديقًا يعلق على منشور كتبه أو شاركه، أو حتى مجرد الاكتفاء بواحدة من علامات التفاعل، مثل الإعجاب أو الدعم، فإنه يشعر بسعادة كبيرة.

 

يؤدي الاستمرار على هذا النحو إلى فقدان الشخص الإحساس بنفس القدر من السعادة، بينما يستمر السلوك القهري في متابعة هذه المواقع بشعور بالعزلة والاكتئاب، لأنه يبتعد عن أي نشاط اجتماعي حقيقي، وبالتالي يقع في دائرة إدمانها.

 • ابدأ بتصفحها:

 

يعاني مدمن مواقع التواصل الاجتماعي من عدد من الأعراض، وأول هذه العلامات أنه يبدأ يومه بعد الاستيقاظ من خلال تصفح الحسابات المختلفة على جميع هذه المواقع.

كثير من الناس يفعلون ذلك فقط عن طريق إمساك الهاتف الذكي في الصباح، لكن المدمن يفعل ذلك بشكل إلزامي وقهري، لدرجة أنه يشعر أن هناك الكثير من الأخبار والتحديثات التي فاتته أثناء نومه.

 

يقضي المدمن وقتًا طويلاً على صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة، يتابع الأخبار والتحديثات أولاً بأول، لدرجة تؤثر على إنتاجيته في العمل، وأحيانًا تؤثر على أنشطته اليومية المختلفة.

 

يفقد المدمن الاتصال بأصدقائه الحقيقيين، ويكتفي بالأصدقاء الافتراضيين فقط، ولأنه يبقى محدقًا في شاشة هاتفه أو جهازه اللوحي لفترة طويلة، فإن الشعور بالوحدة والعزلة يسيطر عليه، الأمر الذي يؤدي إلى عدم رضاه عن نفسه وحياته وافتقاده للسعادة.

إدمان السوشيال ميديا
إدمان السوشيال ميديا

• الشعور بالكارثة:

 

يعاني مدمن وسائل التواصل الاجتماعي من القلق والاضطراب والشعور بكارثة شديدة عندما يتعذر عليه الدخول إلى أحد هذه المواقع، بسبب مشكلة في الجهاز أو الاتصال بالإنترنت.

 

يمكن أن يصاب بعض الأشخاص بالاكتئاب، إذا ابتعدوا عن مواقع التواصل الاجتماعي لفترة طويلة، وعلى العكس من ذلك، فإنهم يشعرون بالسعادة والراحة النفسية بمجرد إعادة الاتصال.

 

تظهر أعراض الانسحاب النفسي أحيانًا عندما يحاول المدمن تقليل الوقت الذي يقضيه في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، ويتصفح حساباته المختلفة عندما يخلد للنوم، مما يتسبب في إصابته بالأرق.

 

يتابع مدمن مواقع التواصل الاجتماعي حياة الآخرين، وكيف يقضون أوقاتهم في الوقت الذي يعيش فيه منعزلاً، ما يجعله يشعر بالغيرة من الآخرين.

 

• اعترف بالمشكلة:

 

في البداية، يُنصح بالاعتراف بوجود مشكلة. إن قضاء أكثر من 8 ساعات يوميًا أمام صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة، يؤكد أن الشخص قد دخل في دائرة الإدمان.

 

يعتمد علاج الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي على التركيز على جعل المدمن يتواصل فعلاً مع الآخرين، ويمكنه أن يتعلم من خلال جلسات العلاج كيفية التحكم في استخدام هذه المواقع، ويتم تحديد الوسائل العملية لذلك مثل تحديد سبب الاستخدام، والقراءة المنتظمة والتخطيط لأنشطة اليوم.

 

حدد الأطباء بعض الخطوات التي يمكن أن تساعد مدمن وسائل التواصل الاجتماعي في التخلص من هذه الحالة، ومن هذه الخطوات إغلاق إشعارات جميع الحسابات، يجب عليه تحديد وقت للمدة التي سيقضيها على مواقع التواصل، وتحديد مرة واحدة للدخول و تحديد الوقت للبقاء عليها، وذلك بعد إكمال المهام المختلفة كـ الدراسة أو العمل.

 

• حذف Facebook و Twitter:

 

كما يوصى بحذف بعض هذه التطبيقات من الهاتف مثل Facebook و Twitter بحيث لا يكون التواصل سهلاً أو مستمرًا، ولا تدخل الهاتف إلى غرفة النوم، ويوصى بمحاولة شغل نفسك بشيء آخر بخلاف الحياة الواقعية، مع مكافأتها بوسائل مختلفة بعيدًا عن هذه المواقع.

 

بالنسبة لمن يدخلون بشكل عشوائي، يجب أن يتوقف عن هذا الأمر، مع تحديد يوم أسبوعي بدون إنترنت، والهدف من ذلك هو تعلم ضبط النفس والتحكم فيها.

 

يوصى بحذف الأصدقاء الافتراضيين، الذين ليس لديهم حضور حقيقي في حياة الشخص، حيث أن وجود المزيد من الأصدقاء يعني المزيد من الأخبار، مما يؤدي إلى البقاء لفترة أطول عند تصفح هذه المواقع.

 

إدمان السوشيال ميديا
إدمان السوشيال ميديا

• شبكات التواصل الاجتماعي

 

انتشرت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، وبعد أن كان فيسبوك هو المسيطر على المشهد الإلكتروني لفترة من الزمن، أصبح الآن مزدحمًا بعدد من المواقع الأخرى المماثلة.

 

يعد الفيسبوك أكبر وأشهر شبكة إجتماعية، ويبلغ عدد مستخدميها أكثر من مليار مستخدم بحسب الشركة، ولديها العديد من التطبيقات.

 

يحتل موقع تويتر المرتبة الثانية، وهو عبارة عن شبكة تدوين قصير، ويبلغ عدد مستخدميه حوالي 500 مليون شخص، وميزته في التغريدات المكتوبة.

 

يتميز انستجرام بمشاركة الصور بجودة عالية، كما يمكن مشاركة هذه الصور عبر شبكات أخرى مثل فيسبوك وتويتر.

 

يمكن أيضًا تبادل الصور من خلال Snapchat، ويحتوي الموقع على ميزة التحكم في وقت مشاهدة الآخرين للصورة.

 

يوفر WhatsApp إمكانية إرسال رسائل نصية ومقاطع فيديو ورسائل صوتية، ويبلغ عدد مستخدميه 400 مليون مستخدم، وتصل الرسائل المرسلة من خلاله إلى أكثر من 25 مليون رسالة، وأخيراً يوتيوب متخصص في مشاركة مقاطع الفيديو، وعدد مستخدمي هذا الموقع يتجاوز مليار مستخدم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا