رؤية وابداع

كيان مبعثر

 

قلم : أمل المنشاوى

يدور القلم على الورقة البيضاء صانعًا دوائر متقاطعة وخطوطًا متعرجة بلا هدف، ويدي المرتعشة قابضةٌ عليه بقوة تريد أن تخفي ارتعاشها فلم تفلح.

_قلبي منقبض!

قلتها وعيناي مرتكزتان على نقطة سوداء بدت في عمق الصفحة الملطخة، لم أرفع عينيّ إليها، وكذلك هي؛ لم تغادر عيناها صفحة الكتاب العتيق الذي بين يديها.

_أعرف ذلك!

قالتها بحزن كأنما تنعي حقيقة ودت لو أنها لم تكن.

_هل سيطول الأمر؟

قالت : ربما!

ألقيت بالقلم على المنضدة وأخذت أنظر إليه، خائفة أنا وحائرة .. وكذلك جوفاء. ارتعاش يدي يؤلمني، يوهم المحيطين بأنّ مرضًا عضالًا أصابني فيرفقون بي.

قالت:

_ ما عدتِ تحلمين باللقاء.

_كيف أحلم به وقد شُد وثاقي إلى الأرض!

_ وقلبك!

_أضعفه رحِيلك، انتظرت طويلًا حتى كرهت الأنتظار، وسفينتي تائهة في يم غربتي، وضاعت البوصلة وتلبدت سمائي بالغيوم

_ تستطيعين الوصول!

_ كيف ؟

صمتت قليلا ثم صوبت عينيها إلى هذين القابعين في ركن ناء في ثيابهما البيضاء وقالت:

_ كما وصلا!

نظرتُ إلى الجانب الآخر من الغرفة خافتة الضوء؛ فوجدتهما جالسين، كلٌ منهمك في قراءة كتابه العتيق، يبتسمان تارة ويحزنان أخرى، والورقة أمامي ملبدة بالخطوط العرجاء.

قلت:

_ لماذا لا تحضنينني؟!

_ تفلتِّ من بين أحضاني وبحثت عن الحب في مكان آخر.

_ لم أجده!

_ لا .. بل وجدته .. لكنه ليس كما تريدين!

_وماذا أريد

_ تريدين اللقاء !

دمعة حائرة شقت طريقها بين أخاديد وجهي المتهالك وأطرقت هنيهة ثم قلت 

_ طال الانتظار!

قالت بحنان:

_ فاستعدي للقاء!

في طرف الورقة بقعة بيضاء، قبضت بيدي المرتعشة على القلم وثبت سنه على الورقة ورسمت خطًا مستقيمًا من الأسفل إلى الأعلى، يدي ما عادت ترتعش، رفعت عينيها إلي فأضاءت ابتسامتها الغرفة وقالت:  الآن! 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا