رؤية وابداع

حب طفلة

بقلم : م/ إيمان الطاهر 

مدرسة السلام للغات، فصل من فصول الصف الخامس الابتدائي كان يضم مجموعة من الطلاب المتميزين، ومن بينهم محمد والذي هو أمين الفصل ويتصف بالشخصية القوية  بالاضافة إلى المرح واللعب وهذا كله لا يؤثر على مستواه الدراسي، يحب أن يتجمع الطلاب حوله ليشعر بالشعبية، والطالب الآخر يدعى محمود وهو مناقض لشخصية محمد حيث الخجل والهدوء، يصنف بغريب الأطوار حيث يرفض إجابة الأسئلة الموجهة إليه أثناء اليوم الدراسي فيظن الجميع قلةَ ذكاءه وانخفاض مستواه التعليمي رغم أنه يجتاز الاختبارات الورقية بتفوق ومن مواده المفضلة هي العلوم، وأخيرا الفتاة الجميلة الهادئة فائقة الذكاء مروة، لا تتحدث كثيرا وليس لها أصدقاء، تهتم كثيرا بالمواد الدراسية وتتمتع بمعمل العلوم حيث التجارب والاختراعات.
عادة، يبدأ اليوم الدراسي بالترام الطلاب بالتركيز والتدقيق لكلام المعلم، وفي منتصف اليوم يلهو ويلعب الجميع في فترة الراحة، ماعدا محمود كان تلزمه إحدى القصص والمجلات الكرتونية (ميكي ماوس)، أو مشغولا بكتاباته الشعرية الرومانسية اللطيفة، أما مروة فتنكب على كتبها لتراجع دروسها استعدادا لاستكمال اليوم الدراسي.
ومن الواضح أن جميع الشخصيات تتابع باقي يومها على هذا الرتم والأسلوب، حيث تعود مروة للبيت فتجد والديها كلا من الدكتور أحمد والدكتورة نادية المتخصصون في مجالات العلوم والذرة، يُشجعاها على دراستها للتفوق واستكمال الطريق للوصول إليهما، بالنسبة لمحمد فيعود مرحا إلى المنزل وينجز واجبه ومسؤولياته الدراسية ويكمل يومه بمشاهدة التلفاز واللعب مع إخوته، أما محمود فيدرس جيدا في هدوء وفي أوقات راحته يعود إلى مجلاتِه المفضلة.
يوم الأربعاء وهو اليوم المفضل لدى جميع الطلاب حيث زيارة معمل العلوم، والتعرف على الكثير من العناصر الكيميائية القلوية والحمضية واستخداماتها، يذهب جميع الطلاب إلى المعمل في فرح حاملين بأيديهم أدوات المعمل (الماسك الحراري – أنابيب الاختبار الكيميائي – البالطو وهو الزي الخاص بكل طالب وغيرهم من الأدوات).
بدأت الحصة الخاصة بالمعمل بتقسيم الطلاب إلى مجموعات، وكان الطلاب الثلاثة في مجموعة واحدة حيث أبجدية الاسماء حرف م، وهنا نتخيل المشهد المتوقع كل منهم يقوم بالتجارب بنفسه دون التعاون مع الآخرين، محمد يسرع بالنتائج إلى معلمه ولكنه يخطئ كثيرا لتسرعِه، مروة تتأنى وتتقن خطوات التجربة وتذهب بالنتائج وتحصل على أعلى العلامات، بينما محمود يقوم بالتجارب على أكمل وجه ولكنه لا يذهب لمعلمه وينتظر نهاية الوقت ويأتي المعلم للتأكد من خطواته ويتعجب من اتقانه ولكنه لا يحصل على العلامات التي يستحقها.
وفي أحد أيام الأربعاء، داخل معمل العلوم وهنا طلب المعلم أن يتعاون مروة ومحمود بإجراء تجربة وتحديد إذا كان العنصر الكيميائي حمضي ام قلوي. 
تشجعت مروة لإنجاز خطوات التجربة وبدأ محمود بالنظر إلى الخطوات دون التحرك أو التعاون،  وفجأة عجزت مروة عن إكمال الخطوات وتحديد العنصر وهنا نظر المعلم لتصرفها، حيث سألت محمود بكل احترام هل لك بطريقة لتحديد نوع العنصر، وهنا تعاونا على إتمام التجربة حيث تم تصنيف العنصر بأنه مركب متعادل، سعد المعلم  لذكائِهما وضمهما إلى الطلاب المتميزين داخل المعمل و شجعهُما بإعطائِهما أعلى العلامات في مادة العلوم. 
انتهى اليوم الدراسي، عاد الجميع إلى منازلهم كالمعتاد، لكن الغريب أن محمود رسم صورة خيالية للفتاة الجميلة الذكية مروة، بدأ يرى هذه الصورة في نومه ويقظته، في مجلاتِه وأشعاره، وبدأ يرسل إحساسه في خطابات معلوم المرسل إليه ولكن دون استلام، وكان ينهي هذه الخطابات والقصائد برسم قلب صغير يرمز بالحب ويخرج منه سهمين كناية عن الحب كل سهم يشير إلى حرف م حيث محمود ومروة ، أهو حب الطفولة الجميل البرئ أم هو تخيلات طفل.
في أحد الأيام، أثناء وقت الراحة، كان محمد منشغلا باللعب مع أصدقائه، صدفة لاحظ محمود يرسم صورة لفتاة جميلة وتشبه كثيرا زميلتهما مروة، ملئ الفضول محمد وبدأ بالتركيز لما يفعله ويكتبه محمود، فوجد أنه يوميا يكتب خطابا يصحبه بوردة صغيرة يحضرها معه من حديقة منزله، فعلم بحبه لها.
قام محمد بتصرف غير سوي، بدأ يسرق الخطابات ويضعها في المكان المخصص لمروة، تعجبت مروة من هذه الخطابات، في البداية كانت لا تلقي لها بالا، ولكنها اعتادت عليها وقلبها تعلق بهذه الكلمات الساحرة وبوصف ملامحها الجميل، وأرادت أن تعرف من هو حبيبها المجهول، فأسرعت للذهاب إلى المدرسة واختبأت فوجدت أنه محمد.
أهو محمد الذي أحبه؟! أيُحبني محمد لهذه الدرجة؟! أتوق لاشتم رائحة وردتي اليومية .
وبدأت تنشغل مروة برسالات حبيبها اليومية عن دراستها، واستغرق الحال وقتا قصيرا، في أحد الأيام دخلت الدكتورة نادية على طفلتها لتطمئن عليها في غرفتها فجأة فارتبكت مروة كثيرا حتى أنها بدأت تعطي أعذار دون أي استفسار من والدتها، طلبت الأم من طفلتها أن ترتاح قليلا فقد يكون ضغوط الدراسة تؤثر عليها وترهقها ولكنها لا تعلم بأنها كانت تسرح وتتذكر كل كلمة من كلمات القصائد التي تصف جمالها وحسنها وجمال الوردات المقطوفة من أجل إسعادها.
دام حال الفتاة غير المعتاد لبضعة أيام، فقد كانت تحب الجلوس بمفردها، بدأت درجاتها الدراسية في النقصان الملحوظة، وبدأت الاهتمام الزايدِ بمظهرها، وهنا أحست الدكتورة نادية بأن فتاتها تعيش فترة مراهقة، وأرادت الاطمئنان عليها، فدخلت غرفتها وبدأت بتفقد كتبها وأغراضها الشخصية، وهنا كانت الصدمة حيث وجدت جميع الخطابات الرومانسية والورود الذابلة محتفظة بها بصندوقِ صغير تحت سريرها، جن جنون الأم وأخذت الصندوق وذهبت إلى الدكتور أحمد وغضب الوالدان من مروة، وعند عودتها من المدرسة جلسا معها لمناقشة الوضع، وانتهي الحوار بأنها ستعود إلى رشدها والاهتمام بدراستها فقط.
مرت أيام وأيام ساءت حالة مروة فهي لا ترغب في الذهاب إلى المدرسة ولا تريد أن تقرأ حرفا واحدا.
عمل الدكتور أحمد على أحد الأبحاث العلمية الهامة مما نقله إلى منصب مرموق في بلد أجنبية، وهنا ظن الوالدان بأنها فرصة مناسبة لكي تتحسن ابنتهما، وبلغ الأب مروة بالاستعداد للانتقال إلى البلد الأجنبية حيث عمله ومستقبل أفضل لها، انهارت مروة ورفضت السفر ولكن لا مفر من ذلك، وطلبت من أمها أن تذهب المدرسة لتوديع أصدقائها.
ذهبت مروة وتحمل بيدها أول خطاب لحبيبها، ووجدت مجلة ميكي ماوس ووردة حمراء جميلة على مكتبها الدراسي فأخذتْهما وتركت الخطاب لحبيبها ورحلت، الغريب أن محمد لم يبالي برحيلها أم محمود فقد أسودّ وجهه عندها أعلنت المعلمة تحية توديع الطالبة مروة، وأسرع محمود واختَطف الخطاب وقرأه وكان ينص على: أحببت كلماتك بل وحفظتها وتعمقت فى بحر شعرك وعشقت الورود التي تذبل في يدي وأنا أشتم فيها رائحة حبك، سوف أرحل ولكن قلبي معك، لن أحب غيرك وسأنتظر لقائنا القادم، دام حبي في قلبك ودامت أنفاسك في الحياة تدوي ليعيش قلبي، وأنهت خطابها بالقلب المرسوم بسهمين ورمزهما حرف م.
سافرت الأسرة لمكان إقامتهم الجديد، وبدأت حياة جديدة والتعرف على أشخاص جديدة .
وجدت الفتاة مشقة في تقبل الأمر حتى أنها لم تستطع اللحاق لإستكمال عامها الدراسي، ضغط الوالدان على مروة واتهموها بالتقصير، حاولت مروة التعايش والتأقلم ولكنها للمرة الثانية تفشل في تخطي الأمر، وعادت تسمع مرير الكلام المقذوف كالحجارة من الأب والأم، دخلت مروة في حالة من الاستسلام وكأنها في عالم خيالي، مرت أيام وأيام حتى أن هذه الكلمات المقذوفة أصبحت كأنها قطرات ماء في نفس مروة تسري في مجراها حتى تسكن في مستودع آلامها. 
وفي أحد الأيام، مرت أمام مرآتها فصدمت من رؤيتها لشخص مجهول لم تره من قبل، تظهر كأنها طفلة ولكن عمرها يتجاوز الستين ، ملامحها تشبهها بشكل ضعيف، جلست مروة لتتحدث إلى الطفلة العجوز وكان الحوار:
مروة: من أنت؟
الطفلة العجوز: ألم تتعرفي علي؟! أنا مروة المستسلمة البائسة، لدي ماضٍ جميل، وحاضر يائس، أما مستقبلي ف..
قاطعتها مروة سريعا عندما أحست بأن المستقبل قد يكون سيئ وتذكرت أحلامها وطموحاتها ، وقالت متحمسة
مروة: مستقبلي مشرق وحياتي ستعود لجمالها 
وفي لحظة اختفت الطفلة العجوز ونظرت مروة لعينيها في المرآة وتحدث بصوت عالٍ
مروة لنفسها: لن أستسلم وسأحارب للحصول على ما أتمناه. 
عادت مروة إلى عالم الواقع كأنها مقاتلة ومحاربة تريد التقاط نجوم السماء والصعود إلى القمر، عادت إلى نشاطها وحيويتها وتابعت دراستها.
توالت سنوات نجاح وتفوقت الفتاة، وأصبحت الشابة التي لم تكون صداقات، ولم تتعرف على شخص غريب، ولم تتحدث بلطف مع أي شاب، ولم تبتسم شفتاها بقصد أو دون قصد لأي شخص غريب، على الرغم من جمالها وتفوقها.
أنهت مروة المرحلة الثانوية بأعلى التقديرات، جاء وقت التنسيق الجامعي، وكان بإمكانها دخول كلية الطب ولكن مروة اختارت كلية العلوم لتحقيق حلمها وحلم والديها.
اعتادت مروة على الذهاب اليومي للكلية دون تغيب، وكانت تدير وقتها وتستغل فراغها في تنمية قدراتها الذهنية والدراسية، كانت مروة منطوية على نفسها، علاقتها سطحية بزميلاتها، ولكنها كانت محبوبة لإنها خدومة وتساعد زميلاتها في الدراسة.
وفي منتصف العام الدراسي الثاني، أعلنت الكلية عن قدوم وفد دراسي من بلد أخرى لتبادل الثقافات، وكان الوفد طلبة من الصف الرابع الجامعي حيث عامهم الأخير للتخرج، وكان مشروع التخرج للوفد هو التعاون مع الصف الثاني الجامعي للكلية القائمة، بهدف تبادل الخبرات والحصول على أفضل الأفكار.
وتم توزيع الطلبة كمجموعات، وتم توزيع مروة في مجموعة ثنائية مع طالب يدعى محمود، كان شخص خجول ومهذب، يتميز بالذكاء، كانا الطالبان يجتمعان في المعمل لبدء المشروع ولكن دون أي فائدة، فكلٌ منهما يخجل التحدث، حتى تشجع محمود وطلب منها تحديد ميعاد لمناقشة المشروع بمكتبة الكلية، وبالفعل تم الاتفاق على ميعاد.
ذهبت مروة فى الموعد المحدد ولم تجد محمود، وانتظرت مدة تصل إلى نصف ساعة وقد طفح بها الكيل، فخرجت مسرعة من المكتبة والغضب يملؤها، ومن شدة غيظها اصطدمت بشاب بقوة حتى أن جميع كتبها قد تناثرت وإذا بورق قديم متهالك يتطاير فى الهواء كأنه صقور تسرع لعدم اللحاق بها، اشتد غصب مروة حتى بدأت أن تصدر صوت وضجيج كأنها آلة توشك على الانفجار، ورفعت رأسها لتنظر إلى ذلك الشاب الغليظ الذي طاح بها، وكانت المفاجأة أنه محمود وكان مسرعا للحاق بها، وعندما شاهد محمود نظرات مروة التي كانت تشع شررا فلم يجد سوى النطق بجميع أساليب الأعتذار، واستجمعت مروة نفسها وذهبت مسرعة وهي تتحدث بكلام غير مفهوم للغير.
لم يجد محمود فعلا للقيام به سوى جمع الأوراق المتناثرة، وعاد حزينا لما حدث إلى موقع إقامته، وبدأ ينظر إلى الورق لمعرفة مصدرها وهنا كانت المفاجأة غير المتوقعة، وظهرت استفهامات وتعجبات داخل محمود وهي:

أهي مجلة ميكي ماوس ؟!

وأحضر قصة خاصة به أهي نفس الإصدار لنفس السنة؟!

أهي مروة ؟!

أهي حبيبتي؟!

أهي جميلتي ووردتي البعيدة عني لسنوات عادت إلي أخيرا؟!

تكونت علامات الاستفهام والتعجب لدى محمود، وفرح كثيرا حتى أحس أنه وجد قلبه الضائع، وبدأ يلتقط أنفاسه بعد عذاب البحث عن ما يفقده، وبدأ يقنع نفسه أنه حلم.
وذهب اليوم التالي ويحمل بيده نسخة مصورة من المجلة المتناثرة، وبدأ يبحث عن الفتاة الغاضبة، ولكن الغريب أنه لاحظ تغيبها، وانتظر عدة أيام ومع ذلك لم يظهر ظلها.
ذهب محمود إلى شئون الطلاب للحصول على رقم للتواصل مع زميلته بغرض خارجي وهو إتمام البحث، ونجح في الحصول على رقم التواصل، تواصل محمود مع مروة وبدأ كلامه بالاعتذار، وطلب منها العودة للدراسة ظنا بأنها تأبى الحضور غضبا لما حدث، ردت عليه وصوتها يبدو عليه التعب وأكدت عليه أن سبب تغيبها هو مرضها، وأكدت عليه العودة بداية الأسبوع التالي.
استعد محمود للقاء حبيبته، وعندما اجتمعا كرر اعتذاره لها وقدم لها نسخة المجلة، وحاول مصارحتها ولكن لم يستطع لسانه النطق بأي كلمة، وبدءا بالتفكير في المشروع، وبعد فترة قصيرة تم إنهاء المشروع بتفوق، وحان وقت عودة الوفد إلى وطنه، وهنا تشجع ودار حوار بينهما
محمود: أريد أن أصارحك بشئ 
مروة والقلق يملأها: تفضل
محمود: أشعر بالإعجاب تجاهك، وأريد الارتباط بك.
مروة والغضب يلون وجهها بالحمرة: كيف لك أن ترتبط وأنت بلا مستقبل، أنت لا شئ ، وهذا الرد المحفوظ والمتكرر لمروة للرد على أي شاب حاول التواصل معها.
شعر محمود بالخذلان وذهب مسرعا للعودة إلى وطنه.
عادت حياة مروة للمعتاد، ومرت ثلاث سنوات حيث تخرجت مروة وقد حصلت على المركز الأول، وقد تعينت في مركز مرموق في مركز العلوم والتكنولوجيا.
عادت مروة لتفقد صندوق ذكرياتها التي لم تشتق لها وتنتظر لقائها بحبيبها، وأرادت التواصل معه ليفيا بالعهد.
حاولت الوصول إلى محمد عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، ونجحت في الوصول إلى موقع الصراحة، ويتميز هذا الموقع بأنه يخفي هوية الشخص المتحدث، وبدأت ترسل له بعض الأسئلة لتتأكد من حبه لها، ومن هذه الأسئلة:
مجهول(مروة): هل أنت مرتبط؟
محمد: متزوج
مجهول: أتحبها؟
محمد : كثيرا
مجهول: هل أحببت في سن الطفولة؟
محمد: كلا، فقد أنشغلت بالدراسة بالإضافة إلى اللعب والمرح 
مجهول: أكان هنا فتاة تحبك في الطفولة؟
محمد: نعم
مجهول: أكنت تعلم بحبها لك؟
 يرد محمد بكل سذاجة ويعترف بما فعله قديما: كان هناك زميل يدعى محمود يحب زميلتنا مروة، وعلمت بذلك، وبدأت أسرق الخطابات وقصائده التي يكتبها وأرسلها بدلا عنه لمروة، فأحبتني 
انتهت هذه الأسئلة وكانت كل إجابة كأنها سكين تغرز في قلب مروة، أهذا حب عمري؟! أحب مجهول ولم أتعرف عليه؟! وبدأت تحاول تذكر ملامح زملائها من خمسة عشر عاما ولم تستطع.
انفطر قلبها لضياع حب طفولتها، وعادت تتذكر كلماته وأرادت أن تقرأ مجلة ميكي ماوس ووجدت أنها فقدت الكثير من أوراقها، وبدأت تبحث عن النسخة المصورة فوجدتها بعد تعب شديد، وبدأت تتصفحها وكانت المفاجأة :
حبيبتي مروة ، حبيبك محمود ورسمة قلب بسهمين حرف م
كانت هذه العبارة مكتوبة في ورقة داخل المجلة.
توقفت مروة عن التفكير لفترة قصيرة من الزمن تحاول أن تستعد لتفهم الأمر وبدأت تتساءل :
أذلك محمود نفسه محمود حبيب طفولتي؟! هل هذا ما حدث أنه جاء ليفي بوعده وأنا من خذلته؟! وهنا أحست مروة بتحطم قلبها، حيث أنها أهانت أهم شخص، خذلت الشخص الذي انتظرته طويلا.
عاشت مروة فترة صعبة جدا، وهنا شعرت أمها بضعف ابنتها والشدة التي تمر بها، وحاولت لأول مرة أن تعاملها كصديقة لها، وهنا شعرت الأم بكسرت قلب ابنتهما، حاولت الأم أن تساعدها في اختيار شريك حياة ولكنها ترفض.
وفي أحد الأيام، كانت الأم تشاهد التلفاز متابعة لقنوات العلوم والتكنولوجيا، فإذا بظهور عالِم جليل قام بعدة أبحاث في وقت قصير، مكانته العلمية تسابق عمره بأعوام، وعندما أنصتت  الدكتورة نادية لاسم هذا العالِم فإذا هو حبيب ابنتها، ولم تتردد للحظة في محاولة الوصول إليه، ونجحت في التواصل معه.
وفي يوم ما، طلبت الدكتورة نادية من ابنتها الاستعداد لمقابلة شخص يريد الارتباط بها، رفضت مروة رفضا تاما، ولكن بعد إلحاح شديد من أمها وافقت على اللقاء مع رفضها التام لإكمال الارتباط، ودق جرس الباب وأسرعت الأم لاستقبال الضيف، وهنا نظرة تعجب واندهاش وفرحة يمزجها حزن وابتسامة تتقاطر عليها دموع تمتلك مروة، فإنه محمود الحبيب المجهول ساكن القلب ودواء روحها المشتتة، الغريب أنها بدأت بمعاتبته بشدة، وإلقاء اللوم وتحمل مسئولية هذا البعد، وكيف أنه لم يصارحها بشخصيته.
رد محمود بكل إحترام أنتِ من أبعدتنى ورفضتِ الارتباط فكيف أصارحك؟!
أسرعت مروة لغرفتها ويتعالى صوت بكائها، لأنها السبب في كل هذا البعد، ودخلت عليها أمها تحمل خطابا، كان ينص على:
حبيبتي الغالية
أنا لم انسكِ ولم أبتعد عنكِ
بل رحلت لأصبح رجلا أفضل لكي أنال شرف حبك
وعدت أفي بوعدي ونجتمع بعد كل هذه السنوات القاسية
عهدتك أمام الله بأنكِ حبيبتي 
فهلا وافقتِ بالزواج مني
وكان هنا رسمة القلب المألوفة
وهنا زاد النواح والبكاء فرحة 
ودخل عليها الغرفة بعد أن استأذن من والديها
وهنا أفضل مشهد رومانسي في التاريخ
يجلس محمود على ركبتيه متمنيا موافقتها 
مقبلا يديها 
وافقت مروة بعد إلحاح شديد من الجميع 
وتزوجا الحبيبان وأنجبا أفضل عالِم في مركز العلوم والتكنولوجيا 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا