مقالات

التسامح كنز المجتمع

كتبت: إيمان حامد

التسامح من أعظم وأهم الصفات التي يجب أن ينعم بها الفرد فهو يساعد على نهوض المجتمع وقوته وتطويره وثباته وأهم ما في التسامح والعفو عن الآخرين ونسيان أخطائهم وتجاوز عثراتهم وزلاتهم أنه يؤدي إلى الوحدة الاجتماعية، فيصبح المجتمع بأفراده كالبنيان المرصوص لا يمكن لأي قوة اختراقه أو الاعتداء عليه وعلى قيمة ومبادئه أو التلاعب بأخلاقه وثوابته وكلما ازدادت الوحدة كلما صار للمجتمع وللأمة قوة وصلابة تخيف الأعداء وتلقي الذعر في قلوبهم، فلا يتجرؤون على التفكير بمحاولة الاعتداء على المجتمع القوي أو التلاعب بأخلاقه واختراقها فما أعظم التسامح وهو يعزز أواصر الوحدة وروابطها بين أفراد المجتمع.

وكذلك العفو عن الإساءة فعل لا يتطلب من الإنسان إلا أن يلتمس العذر لأخيه أو صديقه أو قريبه ويحاول أن ينسى هذا الأذى ويرى جانبًا خيّرًا جميلًا يسلط الضوء عليه وينسيه ما تعرض له وعندها سيكون التسامح والعفو نابعَين من القلب صادقين بكل تفاصيلها وتتقارب القلوب وتتصافى النفوس، وتعطي الآخرين درسًا في أهمية التسامح ودوره في تمتين الأواصر والعلاقات إضافة إلى أن الإنسان المسيء سيعيد حساباته وطريقة تعامله مع الآخرين، وبذلك يكون التسامح قد أسهم في تعديل سلوك بعض الأشخاص ولفت انتباههم إلى ضرورة حسن التعامل مع الآخرين، فإنها قيمة عظيمة يحملها التسامح في طياته.

كما يعزز التسامح التعايش هو تقبل الآخرين والاعتراف بأهمية الاختلاف فلا يمكن أن يكون كل الناس متشابهين في صفاتهم وأخلاقهم ونمط حياتهم، وإلا لما تطورت المجتمعات ولما ارتقت لذلك فهو يُعزز ثقافة الاختلاف ودورها في بناء المجتمعات وتطوير ثقافات الأفراد وأخلاقهم وأنماط تفكيرهم وحتى سلوكهم مع من يحيطون بهم فالاختلاف لا يفسد للود قضية ولا يؤدي إلى الحقد والبغضاء، إذا ما كان التسامح هو سيد الموقف.

ينبغي علي الإنسان إدراك أن لكل بيئة في المجتمع نفسه ثقافة وعادات تختلف عن غيرها وهذا سيجعله يتسامح مع أي تصرف أو موقف مختلف عن بيئته وما ذلك إلا لأنه واعٍ ومتفهّم لأهمية احترام البيئة والثقافات المتنوعة والمختلفة، فليس بالضرورة أن يكون التسامح والعفو عن الإساءة والأذى المتعمد، بل من المهم أن يعزز المجتمع في أفراده ثقافة التسامح عن الأذى غير المتعمد ولعله هو الأعظم والأهم والأكثر ضرورة لتطور المجتمعات وتعايشها مع بعضها.

يعتبر التعايش الذي يعززه التسامح مفتاح لتمتين أواصر الترابط بين أبناء المجتمع، فتصير قوتهم أعظم وعقولهم منفتحة على الآخر ومتقبلة له وبالتالي فهي قادرة على استقبال أي جديد يأتي من مجتمعات أخرى، ومحاكمته بعقل ومنطق، والتفكير به بعيدًا عن الكره والأحقاد وأنما بالتسامح والعقل وهذا له دور كبير في تغيير نمط التفكير عند الناس جميعًا.

تعد التسامح علاج الكراهية عندما يسيء الإنسان لأخيه أو صديقه ويرفض الآخر المسامحة والعفو ويستمر الخلاف بينهما أمدًا بعيدًا، فهذا يؤدي لا محالة إلى ازدياد الكره وتراكم الضغائن والبغضاء في القلوب، أما إذا كان التسامح هو سيد الموقف وعفا الإنسان عن المسيء وغفر له إساءته، فإن هذا الموقف سيصبح طي النسيان لا يتذكره ولا يسترجعه، وتُزال الكراهية والبغضاء، ويحل مكانها الود والصفاء والنقاء، وتزدهر العلاقات الاجتماعية وتثمر بما فيها من صدق وتسامح وقلوب صافية لا تعرف الحقد والكره والمشاحنة.

كلما أبتعد الإنسان عن التسامح كلما ازدادت البغضاء في قلبه، وهذا يؤدي إلى قسوة القلب وجفائه لمن حوله ويصير الإنسان في نهاية المطاف وحيدًا لا أصحاب له أو معارف ومحيط اجتماعي يعيش معه، وما هذا إلا لأنه آثر الحقد والرفض على التسامح والتصافي ونسيان الأذى، وإن هذا لأمر صعب يضني القلب ويتعب الروح، بينما يعمل التسامح عملًا معاكسًا تمامًا، فهو ليس فقط علاجًا للكراهية، إنما هو مشجع ومحفز للحب والصفاء والتعامل بإيجابية وبنيّة طيبة مع الآخرين، وعدم تأويل كل تصرفاتهم وأقوالهم وأفعالهم على أنها تريد الأذية والإساءة، بل لا بد من إحسان الظن بالآخرين.

التسامح سمة الأنقياء كثيرة هي الصفات التي يمكن أن يتصف بها الإنسان، وعديدة هي الأخلاق التي يمكن أن يتحلى بها كل إنسان، وكلما ازدادت الأخلاق والصفات الحميدة في الإنسان كلما علا قدره ومكانته واحترامه بين الناس كما إن التسامح قيمة نبيلة وخلق عظيم نادى به الدين الإسلامي وحث عليه القرآن الكريم في كثير من آياته وقصصه، وما ذلك إلا لما له من دور جليل في المجتمعات وتعزيز أواصرها وزيادة صلابتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا