السطحيون” .. ما تفعله شبكة الإنترنت بنـا

كتبت: رويدا عبد الفتاح

 

يعيش العالم في حقبة رقمية مُتسارعة، حيث تلعب شبكة الإنترنت دورًا حاسمًا في حياتنا اليومية. فقد أصبحت الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، ويعتمد عليها الكثيرون في مجالات متعددة مثل التواصل الاجتماعي، والتعليم، والتجارة الإلكترونية، والترفيه. ومع ذلك، يتمتع الإنترنت بالعديد من الفوائد، فإنها تأتي أيضًا بتحديات وتأثيرات سلبية تستحق الانتباه، وأحد التأثيرات السلبية الرئيسية التي تنجم عن الاعتماد المفرط على الإنترنت هو ظاهرة “السطحيون”.

• “السطحيون”:

السطحيون هم الأشخاص الذين يغرقون في عالم الإنترنت ويهملون التواصل الحقيقي والعلاقات الاجتماعية القائمة في العالم الحقيقي.

يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات الإلكترونية، مهملين اللقاءات الشخصية والنقاشات الملموسة، حيث يتحكم الإنترنت في حياتهم وتفاعلاتهم اليومية.

• تأثير الإنترنت على حياتنا اليومية:

لم يعد الإنترنت مجرد أداة اختيارية في حياتنا، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. نعتمد على الإنترنت للحصول على المعلومات، والتسوق، والترفيه، والتواصل مع الآخرين، وحتى لإدارة حياتنا المالية والصحية. يعني ذلك أننا نقضي وقتًا أكبر على الشاشات ونعتمد على التكنولوجيا بشكل متزايد في حياتنا اليومية.

• تأثير الانترنت على العلاقات الاجتماعية والتواصل الحقيقي:

أحد المجالات التي تتأثر بشدة بتصاعد ظاهرة السطحية هو “التواصل الاجتماعي“. فعلى الرغم من توفر وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، إلا أنها قد أدت في الوقت نفسه إلى تراجع الروابط الحقيقية بين الناس. بدلاً من اللقاءات الشخصية والمحادثات الحقيقية، أصبح الكثيرون يعتمدون على الدردشة النصية والتواصل عبر الشبكات الاجتماعية، وهذا يؤدي إلى فقدان القدرة على التواصل الفعّال وبناء العلاقات العميقة في العالم الحقيقي.

• التأثير النفسي للانترنت وتراجع الانخراط الاجتماعي:

تعتبر شبكة الإنترنت مصدرًا للتواصل والمعلومات، ولكنها تأتي أيضًا بعواقب نفسية، حيث يعاني الكثيرون من الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية المرتبطة بالاعتماد الزائد على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

إضافة إلى ذلك، فإن الانغماس العميق في عالم الإنترنت قد يؤدي إلى تأثير نفسي سلبي، حيث يعاني العديد من الأشخاص من الوحدة والعزلة الاجتماعية نتيجة لقضاء وقت طويل على الإنترنت، واتصالهم المستمر بالعالم الافتراضي، بدلاً من التفاعل الاجتماعي الحقيقي.

علاوة على ذلك، يؤدي الانعزال وتركيزنا الزائد على الشاشات إلى تراجع الانخراط الاجتماعي وقدرتنا على تطوير علاقات صحية ومستدامة في العالم الحقيقي، وتدهور الصحة العقلية والعاطفية للفرد.

• التداعيات الاقتصادية للتحول الرقمي وانعكاساتها على العمل والتوظيف:

يترتب على الاعتماد المتزايد على الإنترنت أيضًا تحديات اقتصادية:

في العصر الرقمي، حيث يتحول الكثير من الأعمال والتجارة إلى المنصات الإلكترونية. هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة التشغيل الآلي وتقليل الحاجة إلى العمالة البشرية. قد يفقد الأشخاص فرص التوظيف نتيجة لعدم امتلاكهم المهارات التكنولوجية اللازمة أو بسبب الانعزالية الاجتماعية التي تقلل من فرص التواصل والتعاون.

هناك آثار اقتصادية أيضًا ترتبط بتزايد استخدام الإنترنت. مع تحول الأعمال والتجارة إلى العالم الرقمي، يمكن أن يؤدي تراجع الانخراط الاجتماعي والتفاعل الحقيقي إلى زيادة مشكلة البطالة وتراجع فرص التوظيف. يتطلب العمل في العصر الرقمي مهارات تكنولوجية متقدمة، وقد يترك الأشخاص الذين يفتقرون لهذه المهارات والتفاعل الاجتماعي الحقيقي خلفًا في سوق العمل المتطورة.

• التحديات والتأثيرات السلبية لشبكة الإنترنت:

شبكة الإنترنت قد غيرت العالم بشكل جذري، حيث أصبحت مصدراً هائلاً للمعلومات والتواصل العالمي. ومع ذلك، فإنها تحمل معها تحديات وتأثيرات سلبية يجب أن نكون على دراية بها، أحد التحديات الرئيسية:

1- زيادة الانعزالية وتراجع التواصل الحقيقي:

يعتمد الكثيرون على الاتصال الافتراضي عبر الشبكات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة للتواصل مع الآخرين، مما يقلل من اللقاءات الشخصية والتفاعل المباشر. قد يكون من السهولة إرسال رسالة نصية أو تعليق عبر الإنترنت، ولكنها لا تستطيع أن تحل محل التواصل الحقيقي الذي يشمل لغة الجسد والتعابير الوجهية. هذا التراجع في التواصل الحقيقي يؤثر على العلاقات الاجتماعية وقد يؤدي إلى الشعور بالعزلة والوحدة.

2- يمكن أن يكون لشبكة الإنترنت تأثير نفسي سلبي على الأفراد:

يعاني البعض من إدمان الإنترنت، حيث يقضون ساعات طويلة يتصفحون الإنترنت أو يلعبون ألعاب الفيديو دون توقف. هذا الإدمان يمكن أن يؤثر على الصحة العقلية والعاطفية، ويؤدي إلى التشتت والقلق وانخفاض الرضا الذاتي. قد يجد الأشخاص أنفسهم يعيشون في عالم افتراضي مليء بالمثاليات والمرئيات المشوهة، مما يؤثر على تصورهم للواقع ويضعف ثقتهم في أنفسهم وفي الآخرين.

3- ازدياد مشكلة الخصوصية والأمان عبر الإنترنت:

حيث يتعرض الأفراد لانتهاكات وسرقة البيانات الشخصية. هناك أيضًا زيادة في انتشار المعلومات الزائفة والتضليل عبر الإنترنت، مما يؤثر على الثقة والمصداقية في المعلومات.

• فوائد الإنترنت:

على الرغم من هذه التحديات، يجب أن نتذكر أن الإنترنت لديها أيضًاالعديد من الفوائد الهامة، أهمها:

1- توفر وصولاً سهلاً وسريعًا إلى معلومات ضخمة في مختلف المجالات مثل العلوم والتاريخ والثقافة والتكنولوجيا وغيرها. يمكن لأي شخص البحث عن أي موضوع يهمه والاستفادة من الخبرات والمعرفة التي يتم تبادلها عبر الإنترنت.

2- تمكّننا شبكة الإنترنت من التواصل العالمي والتفاعل مع أشخاص من مختلف الثقافات والخلفيات. يمكن للأفراد تبادل الأفكار والآراء والتجارب، والتعرف على ثقافات جديدة وتوسيع آفاقهم. وبفضل وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح بإمكاننا البقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة في أنحاء العالم ومشاركة اللحظات والأحداث الهامة في حياتنا.

3- يُعد الإنترنت أيضًا مصدر رائع للترفيه والتسلية. يمكننا مشاهدة الأفلام والمسلسلات والاستماع إلى الموسيقى وممارسة الألعاب الإلكترونية وقراءة الكتب الإلكترونية وممارسة الهوايات المختلفة عبر الإنترنت.

بشكل عام، الإنترنت لها تأثير هائل على حياتنا اليومية والعالم بأسره. يجب أن نكون واعيين للتحديات التي تواجهنا ونسعى لاستخدام الإنترنت بطريقة صحية ومتوازنة، ونستفيد من فوائدها المتعددة في تعزيز المعرفة والتواصل والترفيه.

في النهاية، يتعين علينا أن نعي وندرك التأثير العميق الذي تحمله شبكة الإنترنت على حياتنا اليومية. يجب أن نسعى لتحقيق التوازن بين العالم الرقمي والعالم الحقيقي، وأن نعزز الروابط الاجتماعية والتواصل الحقيقي. ينبغي أن يكون للإنترنت دور في تسهيل الحياة وتوفير الفرص، لكنها لا ينبغي أن تحل محل تفاعلنا مع الآخرين والعالم من حولنا. إنها مسؤولية جماعية نتحملها جميعًا للحفاظ على الاتصال الإنساني والتواصل الحقيقي في عصر التكنولوجيا الرقمية.