مقالات

الذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني

محمود خميس زيتون

 

يقول أحمد شوقي: “دَقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلة ٌ له: إنَّ الحياة َ دقائقٌ وثوانــي فارفع لنفسك بعدَ موتكَ ذكرها فالذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني، و اصبِرْ عَلى نُعْمَى الحَياةِ وبُؤسِها  نُعْمَى الحَياةِ وبُؤسُها سِيَّانِ” .

الذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني
الذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني

 

تمر الحياة مرور الكرام كما يقولون لا نلمح إلا طيفها ولا نستشعر خطواتها إلا بعد فوات الأوان، نتخبط فيها ونسعى وراء المجهول لسبب غير معلوم عنه شيء، إلا إنها الطبيعة البشرية هي التي ترمينا في هذا المضمار.

 

وفي نهاية المطاف تظهر الحقيقة الوحيدة المؤكدة  والمجتمع عليها جميعنا ألا وهي الموت، فطبيعة الحياة مهما طالت لابد فيها من الفراق، أناس تفارقنا كل يوم تاركة بصمة أصابعها في حياتنا، تلك البصمة التي قد تكون سبب لذكر الراحل بالخير أو ذكره بالسوء لينتهي الحديث بعد تقطيع الأوصال والأرحام بأنه لا يجوز على الميت إلا الرحمة.

 

فبرغم أن الموت حقيقة وسهمها سيصيبنا يومًا إلا أننا لا نعد له من الأعمال ما يخفف وطئته وقوته، فالموت سهمًا قد أطلق بالفعل منذ ميلادنا واعمارنا مرتبطة بقدر سفر هذا السهم ووصوله إلينا، ورغم  ذلك فحياتنا التي لا تساوي عند الله مثقال ذرة، فضرب المثل في الحديث بأنها لو كانت تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافر شربة ماء.

 

هذه الدنيا التي ننظر إليها على كونها النعيم والجنة اللاتي لا يجب على المرء أن يخسرهما، في الوقت الذي لا تساوي فيه عند الله مثقال ذرة،  الدنيا التي نخسر فيها بعضنا البعض،  الدنيا التي تفرقنا فيها الطرق ليسلك كل واحدا منا ما يراه مناسبًا له وليس لغيره متمسكًا بما يملي عليه الشيطان من أقوال وكأنه التلميذ الذي يحفظ ما يردده أستاذه دون تفكير ثقتًا به وحرصًا على ألا يغضبه.

 

وفي نهاية المطاف نجد أنفسنا في هول يوم الفراق إما فاقدين أو مفقودين، فما يكون لنا من بعد الرحيل سوي الأثر والفعل الطيب هذا لمن حسنت حياته، أما من كانت حياته مستقرها ومستودعها فكر الشيطان فسيكون ذكره بالإثم والعدوان لينتهي الحديث بأنه لا يجوز على الميت إلا الرحمة.

الذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني
الذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني

 

الموت هنا لا يعني فقط صعود الروح إلى بارئها ودفن الجسد في التراب، إنما قد يحمل معنى أنتهاء بعض أنواع العلاقات إلى الأبد، فهناك نوعًا من العلاقات يكون سامًا يؤذي أطرافها وهذا النوع الذي يندم صاحبه  وتكون ذكراه آثمة، والنوع الآخرتكون رغم انتهائها مثمرة.

 

حتى وإن متنا ستبقى ذكرانا نحن الذين صارعنا من أجلكم فما كان لنا منكم سوي الهوان، نحن الذين تغاضينا عن عيوبكم حتى ظننتم وظنوا أنكم الصواب، نحن الذين فضلناكم على أنفسنا حتى ذهب جهدنا هباء .

 

اقرا ايضا:-

فضل حب الله عز وجل 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا