أخبار مصرالتاريخ والآثار

((الأدوات الجراحية فى مصر القديمة))

 

بقلم/أمانى حمام زغلول

قد سمح التحنيط للمصريين القدماء النظر عن قرب للأعضاء الداخلية للجسم الإنساني ومعرفة وظائفها وأمراضها، وكان له الفضل في أن يمارس القدماء طب الجراحة، بعد أن استطاعوا إعمال مشارطهم وسكاكينهم في الجثث لتفريغ محتوياتها، تمهيدًا لتحنيط الجثة، لم يكن صعبا عليهم بعد ذلك إعمال مشارطهم لاستئصال الأورام وإجراء العمليات الجراحية.


هذا ما ذكرته بردية (أدوين سميث) 1600 ق.م، والتي تعد أول وثيقة طبية في التاريخ، وصنفت الأطباء إلى ثلاثة أنواع من الأطباء في مصر القديمة:- الأطباء الباطنيين والجراحين والروحانيين مع ملاحظة أن الأطباء كانوا في الأصل كهنة، وسمى الجراحون كهنة سخمت، وهي إلهة القوة والحرب، ولعل في ذلك إشارة إلى وجوب تحلي الجراح بقوة الأعصاب والثبات لإجراء جراحة ناجحة.

 

يشير أيضاً المنظر الشهير بمعبد كوم أمبو، الذي يوضح بالدليل الواضح على سبق المصريين في مجال طب الجراحة، فذلك المنظر الذي صور الملك يقدم الأدوات الجراحية قربانا للآلهة، كشف عن أدوات شديدة الشبه بالأدوات المستخدمة حاليا مثل المشرط والجفت والمسبار والملقاط، واحتوت على بعض الأدوات غير المعروفة، وإن اعتقد أنها ربما تكون أدوات خاصة بالتحنيط .

وقسمت الأدوات الجراحية بالمنظر إلى أربع صفوف أفقية
فالنقش يحتوى أيضا على منظر يمثل الولادة، حيث توجد إلهتان فى وضع الولادة (على كرسى الولادة) وهما إيزيس (Isis) والإلهة مسخنت (Mskhnt) ربة الولادة، وخلفهما يوجد المعبود المقدم إليه هذه القرابين والتى جاءت على شكل أدوات جراحية، وإن اختلفت الآراء حول هوية هذا الإله خاصة أن رأسه مفقود، ما أعطى مساحة للجدل فى شأنه وتقول أغلب المراجع إنه الإله إيمحتب،

 

وهو المهندس والطبيب المصرى الذى عاش فى عهد الأسرة الثالثة عصر الملك زوسر، وأصبح إلها فيما بعد فى العصر اليونانى واتحد مع إله الطب عندهم «اسكليبيوس».

‏ وأشار إلى دلالة وجود نقش الأدوات الجراحية هذا فى معبد كوم امبو تعنى أهميته، فهو الوحيد الذى يعتبر معبدين فى معبد واحد، والنقش يدل على أهمية الطب لدى المصريين القدماء ومدى تقدمه فى هذه الفترة، خاصة أن هذا المنظر الوحيد من نوعه، ولم يتكرر فى اى مكان آخر فى مصر كلها،

خاصة أنه منقسم بالتساوى فى كل شئ بين الإلهين «سوبك وحورس» من البهو لصالات الاعمدة وقدس الاقداس، وتجد النصف الأيمن منه متطابق مع النصف الأيسر تماما، حيث أنشئ المعبد فى عهد بطليموس السادس لعبادة الإلهين سوبك وحورس.

‏ ‏ وقيل إن هناك مراجع أخرى تؤكد أنه الإله حورس لأنه من أحد الآلهة الذين أخذوا لقب طبيب، حيث ارتبط الإله حورس بالطب منذ البداية باعتباره أيضا ابنا لأوزير وإيزيس صاحبة القوى السحرية، وتقف خلفه الإله تاسنت نفرت أحد أعضاء ثالوث حورس فى المعبد (حورس، تاسنت نفرت، بانت تاوى)،

 

وهذا ما يؤيد أن هذا الإله المجهول الهوية هو الإله حورس، وتضمنت اللوحة عددا من الأدوات الجراحية نحو 37 أداة، ومنها السكاكين والمشرط والعقاقير وإبر وشفرات وغيرها، وقد رتبت فى 4 صفوف.


‏ ‏ وطبقا لما جاء فى اللوحة، فإن الأدوات فى الصف الأول هى قسطرة لسحب البول من المثانة وتميمة صغيرة على شكل (wd3t eye)، ومشرط أو شفرة ذات طبيعة حادة (hpt) يستخدمها الجراح فى استئصال الأورام الخارجية على اختلاف أنواعها، واثنتان من الإبر الطبية المعروفة حاليا باسم (ligature) كانت تستخدمان لخياطة الجروح، ومعلقة مكحتية تستخدم فى إزالة الأجزاء غير الصحيحة من جدار الرحم.

‏ ‏كما توجد فى الصف الأول أيضا اثنتان من المثاقب النارية d3 كانتا تستخدم لكى الجروح حتى يتوقف النزيف، ومنشار لنشر العظام dwc، والعلامة الهيروغليفية (ms) بمعنى تلد،حيث كانت توضع أمام السيدة المقبلة على الولادة كما هو مصور على جدران بيت الولادة «Mamisi» فى معبد إدفو، وقرنى حيوان استخدما كحقن شرجية.

‏ ‏ وفى الصف الثانى توجد ثلاثة صنانير على شكل خطاف «hooks» تستخدم لفصل الأوتار عن العضلات، وثلاثة ملاعق طبية تستخدم لتوسيع النهاية الخلفية للقناة المرارية، وحافظة كتانية محكمة الغلق كانت تحتوى على القبائل الكتانية، وإثنان من ماسك النوط «Towlclips» لوضع الفوط الكتانية المعقمة على الجدل حول المنطقة التى سيجرى فيها العملية الجراحية، وشعلة وإناء على شكل إبريق ومبخرة وتميمة وكلها أدوات للرقى
‏ ‏ والصف الثالث به كماشتان،

وحافظتان محكمتا الغلق واحدة أكبر من الأخرى لوضع الضمادات الكتانية المعقمة ذات المقاسات المختلفة فى السمك والعرض حسب استخدام الطبيب، وتميمتان على شكل wd3t (عين حورس) ووظيفتها للرؤية عن بعد، وعدم النقصان فى الجسد أو جرحه والنماء الدائم، وكانت تسمى عين الحسد لإبعاد السحر وشروره بتلاوة تعويذات مكتوبة عليها، وميزان لوزن العقاقير الطبية عند تحضيرها، وإناء يخرج من نبات اللوتس رمز الحبوب، البردى رمز الدلتا «t3,mhw».

‏ ‏ أما الصف الرابع يحتوى على إناءين لخلط الدهانات أو تحضير العقاقير أو أنهما كانتا تستخدما ككاسات للهواء (الحجامة) والتى نعرفها حتى يومنا هذا، ولفافة بردى ربما كانت تحتوى على تعاويذ سحرية مكتوبة مرتبطة بشفاء المرضى. وأسفنجة يقطر بها المخدر فى فم المريض قبل إجراء الجراحة، ومعلقتان مكحتيان ذات نهايات حادة تستخدم فى مجال أمراض النساء، وقنطرتان لتصريف البول .

‏ويعتقد الباحثون أن المصريين القدماء استخدموا نوعين من المخدر: المخدر الموضعي، والذي كان يحضر بطحن نوع من الحجر من الممكن أن يكون حجر الهامر لعمل بودرة، وهو نفس الحجر المستخدم حاليًا لتصنيع بودرة الأطفال للتسلخات، وهي نفس نوع البودرة التي كان يستخدمها حلاق الصحة بالقرى قبل الوحدات الصحية، ويستخدمها كمخدر أيضًا.

كما كانت تخلط مع الخل وتستخدم كمخدر موضعي للجراحات البسيطة، أما الجراحات الكبيرة فكان يستخدم فيها نوع من الخمور قوى التركيز، وعرف المصريين القدماء أيضا أنواع عديدة من المخدرات كالحشيش والأفيون وأيضا كانوا يستخدمونها كمخدر ومسكن

 

إقرأ أيضا:-

حياة المصري القديم

” كيف كان يعيش المصري القديم”

معبد أبوسمبل أسطورة حولها تعامد الشمس عليها إلي حقيقة

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا