الشتاء الطويل لعنه أوروبا القادمة
كتب/عبدالعزيز مصطفى محمد
أن كنت من متابعين الشأن الأوروبي أو الحرب الروسية على أوكرانيا فأنت على الأقل تعلم بالحجب الروسي للطاقة على أوروبا كلها و ذلك قبل أسابيع قليلة ونحن على أعتاب شتاء سيكون هو الشتاء الأقصى بلا شك على كل دول أوروبا التي ستفتقد و بتأكيد موارد الطاقة الروسية الرخيصة لذلك وعلى غرار ما تظهره الصورة القوية بأوروبا أنها قادرة على مجابهة روسيا لكنها الآن تخوض سباقًا مع الوقت الذي ليس في صالحهم محاولين تنويع إمدادات القارة و ملء خزاناتها المستدامة و الاحتياطية قبل حلول فصل الشتاء تفاديًا لنقص كارثي تتوقعه معظم دول العالم أن يتفاقم مع زيادة الطلب، خاصة أن سعر الغاز الطبيعي في دول أوروبا كلها يكاد يقترب من أعلى مستويات له في التاريخ ..
ولقد كان لعقوبات أوروبا على روسيا لخفض إمداداتها من الغاز الطبيعي لأوروبا نتائج عكسية فهي العقوبة التي كان من المفترض أن ترغم روسيا على وقف العمليات العسكرية و الغزو المباشر على أوكرانيا و لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقد تعثرت أوروبا في إيجاد بدائل حقيقة و جادة لإنقاذ اقتصادها فقد كان فصل الصيف الحالي هو الأشد منذ أربع عقود تقريباً وكانت محاولات توفير الطاقة الكهربائية يائسة بعد محاولاتهم ادخار طاقة لاستخدامها ك احتياطاتي للاستهلاك خلال ذروة موسم الشتاء القادم حيث أظهرت بيانات من “جمعية البنية التحتية للغاز في أوروبا” انخفاض مستويات التخزين هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ منتصف أبريل العام الماضي، وهو الوقت الذي يبدأ فيه التجار عادة تعبئة المرافق، في واحدة من أحدث العلامات على كيفية تصاعد أزمة الطاقة في المنطقة الأوروبية..
ووسط تصاعد الأزمة وعدم جدوى حلول معظم القادة الأوروبيين لحل أزمة الطاقة الراهنة التي عقّدتها العقوبات الغربية على روسيا لتزداد مع اقتراب فصل الشتاء المخاوف في القارة العجوز من “شتاء طويل كارثي” مما قد يثير مزيداً من التحركات الثورية التي قد تنعكس سلبًا على موقف الحكومات الأوروبية فيما بعد تجاه حرب أوكرانيا ودعم أوكرانيا الذي سيكبد الدول الأوروبية كلها كارثة اقتصادية وسياسية قد لا تنجو منها أي حكومة لن تضع مصلحة شعبها اولوية أمامها و علي سبيل المثال فقد انعكست تأثيرات حرب أوكرانيا على الحكومات الغربية ومنهم إيطاليا إلى ألمانيا مرورا بدولة فرنسا و دولة المجر وصولاً إلى بولندا وسلوفينيا فقد حملتها شعوبها بنتائج الإنتخابات و مسؤوليات أي تغيرات أو توجهات تقود البلاد إلى حافة أي خسارة في الاقتصاد الوطني لأي دولة منهم ، حيث خسر الرئيس الفرنسي أونيل مكرون الأغلبية البرلمانية وكذلك فقد مُني حزب المحافظين في بريطانيا هزيمتين في الانتخابات الفرعية في دوائرة المعتادة.
و لشرح أكبر بالأرقام لما تستهلكه دول الإتحاد الأوروبي من الطاقة الروسية فهي و بالمجمل تستخدم نحو 40 في المئة من وارداتها من النفط ومشتقاته من روسيا، والتي تصل إلى 6.5 مليون برميل يوميًا من النفط الخام ووقود الديزل و نفس النسبة أو أقل من الغاز الطبيعي ..
و قد أشارت بعض التقارير أهمية إلى أن “معظم الدول الأوروبية في السنوات الأخيرة حاولت دون جدوى تذكر خفض وارداتها من الغاز و النفط الروسي. لكن الحرب المشتعلة على أوكرانيا قد تؤدي دون وعي إلى قطع إمدادات الغاز الروسي نهائياً و الذي قد يكون من الأعمال الانتقامية الروسية ضد العقوبات الغربية ليكون الشتاء القادم عليهم هو الأكثر رعبًا منذ الشتاء الأخير بالحرب العالمية الثانية..
