جنون السوشيال ميديا
كتبت : مني النجار
أضافت السوشيال ميديا مفهومًا جديدًا للنجاح وغيرت وجهة نظر الكثيرين في رؤيتهم وتعريفهم عن النجاح ، حيث أصبح الكثير من رواد السوشيال ميديا يتداولون مدي نجاحهم وافتخارهم بإنجازاتهم بالأرقام .. كم عدد المتابعين وكم عدد المشاهدات وكم حققوا مبالغ وأرباح سنوية من وراء صناعتهم في محتوي ربما لن يكون مفيدًا أحيانًا من اجتماعي أو ترفيهي .
فأصبح الكثير من الناس يتساءل عن النجاح الحقيقي ، وهل يمكن للإنسان أن يحقق النجاح من خلال الأرقام بل ويسعى وراء ذلك .
الكل أصبح يسعي وراء الشهرة والنجاح ويسعي لتقديم محتوي حتي لو بشكل غير لائق طلبًا للشهرة والاهتمام من المتابعين علي السوشيال ميديا .
ولكن في اعتقادي الشخصي هذا ليس نجاحًا حقيقيًا، لأنها منصة لتداول المعلومات ومن الممكن استخدامها لإيصال بعض المواهب وإبراز موهبتهم للنور ولكن البعض للأسف أساء استخدامها وتحولت إلي هوس لدي الجميع .
فالكاتب أو المطرب لايمكن أن يحكم علي مدي نجاحهم وشعبيتهم في رأيي من خلال صفحات التواصل الاجتماعي فقط . ولكن يجب أن يلمس ذلك ويتعاملوا مباشرة مع الناس حتي يكونوا علي تواصل معهم ويعرف مدي تأثيره وآرائه علي المجتمع ومدي فاعليته في توجيه الناس سواء بالكتابة كأسلوب مباشر ، أ و بالأغاني التي تساهم في تشكيل ثقافة المجتمع والتي هي أيضًا انعكاس له ..
والحقيقة أنه في اعتقادي الشخصي أن النجاح الحقيقي ليس ما يصل إليه الإنسان من أرقام أو مناصب أو مقدار أرصدة في البنوك ، لأن كل هذا زائل مهما بذل الإنسان من جهد في الاستمرار .
إن مقياس النجاح الحقيقي في وجهة نظري يتوقف علي درجة استغلال الإنسان لموهبته ومدي استفادته من الفرص المتعددة في الحياة بالإضافة إلي إرادته وتغلبه علي ما يصادفه من عقبات وتحديات كثيرة في الحياة.
ولو كان النجاح بالأرقام فقط لكان أنجح الناس هم البلوجرز بما أحرزوه من أرقام وأرباح علي المستوي المادي والاجتماعي .
ولكن الحقيقة أن أغلبهم بعيدين كل البعد عن السعادة وراحة النفس ، ذلك لأن تركيز الجهد كله في جمع المال وزيادة الأرقام في أرباحهم ، فالسعي وراء الشهرة وجمع المال يفقد الإنسان الكثير من السلام النفسي ؛ وكل ذلك علي حساب حياتهم العائلية والأسرية .
والحقيقة أنه يندر أن تجد شخصية ناجحة علي جميع المستويات
كزوج وأب ومسئول وجميع ميادين الحياة الأخري .
وحتي تكون شخصية ناجحة سواء كنت رجلًا أو امرأة وتعزز من نجاحك في جميع نواحي حياتك ، يستلزم الأمر الكثير من الصفات حتي يستطيع الفرد النجاح في حياته الخاصه وفي عمله مع أسرته وزوجته ، فلابد أن يكون ناجحًا في فهم نفسه جيدًا وتنمية شخصيته والتحكم في سلوكه الشخصي وأخلاقه مع الجميع .
ولكي نكون ناجحين لايكفي أن نعيش لأنفسنا فقط ، وإنما هي حالة من التناغم والانسجام علي جميع المستويات حتي وإن قصرت أحيانًا في بعض الأمور .
ولكن احتراف السوشيال ميديا كوظيفة وجعلها هي الوسيلة الأهم وقد تكون الأوحد للنجاح ، هذا ماهو عاري عن الصحة .. لأنها وسيلة ضمن وسائل كثيرة !
ولكن استسهال الكثيرين واستعجالهم النجاح يجعلهم يلجأون إلي الوسيلة الأشهر والمتاحة الآن في كل بيت للوصول إلي حلم المال والشهرة والنجاح .
والتي هي المعادلة التي يحلم بها الكثيرين!
ولا أعرف كيف السبيل إلي فلترة كل هذا الكم الهائل من المحتوي المناسب والغير مناسب .. غير التوعية بأنه هناك أبواب أخري للنجاح .. ولا يجب الحصر في باب أو نموذج واحد .
ولا بد للاعتراف هنا أنها آفة العصر الذي نعيش فيه الآن وعلينا التعامل مع مجريات الأمور بشكل مختلف ..
وأعتقد أن بعد عدة سنوات من الآن لا أعرف عددها ، أن الزمن والوقت كفيل بإسقاط كل ما هو رديء ولن يستمر إلا كل ماهو جيد ونافع وحقيقي ونابع من موهبة حقيقية فعلا .
