مقالات

فن ثقافة الاختلاف

كتبت: رويدا عبد الفتاح

 

الاختلاف كثقافة ونهج وسلوك، بغض النظر عن مصدره أو مستواه أو خطورته، هو حالة متقدمة جدًا من الرقي والوعي والمسؤولية لدى المجتمعات والشعوب والأمم، خاصة تلك التي آمنت بحتمية وضرورة الاختلاف كثقافة إنسانية وحضارية تستحق أن تتأصل في فكر ومزاج وقناعة البشر.

فن ثقافة الاختلاف
فن ثقافة الاختلاف

 

الإيمان بثقافة الاختلاف هو خطوة واسعة نحو ترسيخ وتثبيت هذه الثقافة الإيجابية التي نحتاجها في كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة في حياتنا، لكن الأمر يتطلب أكثر من ذلك بكثير؛ لأن ثقافة الاختلاف تعد من الركائز الأساسية للنهضة البشرية.

فن ثقافة الاختلاف
فن ثقافة الاختلاف

ما هي ثقافة الاختلاف؟

 

جميع المجتمعات اليوم متنوعة ومتعددة الثقافات، يجب على كل فرد دائمًا أن يتقبل اختلاف الآخرين واختلاف بيئته، وليس الرفض والنقد، فمن المرهق إخضاع نفسك والآخرين للتحيز ومحاولة الحد من إرادتك في عالم مليء بالاختلافات، ولكن السعي لتعلم قبول الاختلافات وتعلم ثقافتها يمكن أن يوسع الآفاق و يجلب أصدقاء جدد إلى حياتك، سواء في العمل أو في الجامعة أو في أي مكان تكون فيه. بالطبع، للتربية والمدرسة والجامعة دور لا يمكن إنكاره في كيفية تعلم ثقافة الاختلاف. قد يحتاج الأمر إلى مناهج دراسية، ولكن أيضًا لوقائع حقيقية. إن تعلم الحياة الواقعية يأتي من المواقف وليس فقط من تعلم الدروس، ويجب أن يسعى جاهداً لفهم أن أياً منا ليس على صواب أو خطأ، بينما يفضل البعض أسلوبي، والبعض الآخر يجده غير مقبول، وفي هذا العمل يوجد طاقم متنوع أي يمكن لكل شخص أن يجد شخصًا يتوافق مع اختلافه.

فن ثقافة الاختلاف
فن ثقافة الاختلاف

تنمية ثقافة الاختلاف

 

إن التعامل مع الأشخاص الذين لديهم نوع من القيم الثابتة والراسخة وخلفيات ثقافية معينة تعبر عن أنفسهم، هو نوع من الإرهاق الذاتي ويصل أحيانًا إلى نقطة السخط والغضب عند التعامل معهم، ولكن هناك العديد من الدراسات والأبحاث التي أكدت أنه كلما تم التعامل مع مجموعة كبيرة من الآراء والخلفيات الثقافية المتنوعة، كلما كنت شخصًا قادرًا على اتخاذ قرار بنفسك وإيجاد حلول للعديد من المشكلات الإبداعية، كلما كنت أكثر تقبلاً وتعاطفًا مع الآخرين.

فن ثقافة الاختلاف
فن ثقافة الاختلاف

مفهوم الاختلاف

 

الاختلاف هو سوء فهم في الآراء أو وجهات النظر، سواء بين شخصين أو عدة أشخاص، وهذا ما يؤدي إلى نوع من التصادم أو الاحتكاك بين أطراف الخلاف، ويمكن أن تشمل هذه الأطراف أفراداً أو مجموعات أو حتى دولاً. هناك دول عديدة تختلف في الرأي فقط، ولكن هناك دول تحتوي على اختلاف في ثقافاتها المتعددة، ولكن من خلال السفر والعيش مع أشخاص آخرين، يمكنك التعرف على العديد من وجهات النظر والأفكار المختلفة.

 

فالاختلاف بين أفراد المجتمع الواحد أمر طبيعي ومقبول، لكن من غير المقبول أن يتحول هذا الاختلاف إلى خلاف، بل يجب أن يكون هناك مجال لقبول الآخرين واختلافهم، وقبول الآخر لا يعني حتما أنك مقتنع برأيه. فـ للجميع الحق في اتخاذ التصور الذي يراه، بينما هو إبداء رأي آخر واحترامه (حتى لو كان مخالفًا لرأيك)، والاستماع إليه ومناقشته بكل موضوعية وحيادية وهدوء وانفتاح دون المساس برأيك الشخصي وفرضه على الطرف الآخر، ودون الحاجة إلى الذّوبان في الآخر وإلغاء الذات أو الهوية أو الثقافة أو العقيدة.

 

لم تعد المشكلة تكتفي بقبول الآراء عند اختلاف وجهات النظر، بل من يُخالف أصبح يتعرض للهجوم والاستبعاد، فضلاً عن شن وابل من الاتهامات الموجهة إليه، ويصل الأمر إلى تخوينه، والتنمر عليه، والاستخفاف به فضلاً عن إطلاق الأوصاف التي قد تؤثر عليه وعلى أسرته.

فن ثقافة الاختلاف
فن ثقافة الاختلاف

 

وجدير بالذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي فتحت المجال لانتشار هذه الظاهرة، وأصبحت مساحة لشن الحروب ضد من يُخالف رأي المجموعة أو يقرر إبداء رأيه ووجهة نظره كما يراها هو. يشعر كل شخص أن لديه منصة يستطيع من خلالها النظر دون أن يتقبل رأي الطرف الآخر، فضلاً عن ثقافة “الأنا” لديه وغروره وعدم إعطاء الفرصة للآخرين للتعبير عن آرائهم واحترامها. يعتقد الشخص أنه لا يحق لأحد غيره إبداء رأيه، فيغتال شخصية الآخر، ويسعى للسيطرة عليه في حالة مناقشته أو حواره معه، وقد يصبحون أعداء مطبقين مبدأ (إن لم تكن معي .. فأنت ضدي!) على الرغم من أن المطلوب هو فقط (أنت حر إن لم تتقبل رأيي، لكن لا تهاجمني!).

 

وهناك مقولة للفيلسوف الفرنسي “موليير” تُلخص – في رأيي – ثقافة الاختلاف: “قد أختلف معك في الرأي .. ولكني على استعداد أن أموت دفاعاً عن حقك في التعبير عن رأيك”.

 

خلاصة القول هي أننا جميعًا لدينا الحق في أن يكون لدينا آرائنا الخاصة وأن نكون قادرين على التعبير عنها دون التعرض للهجوم وإضفاء الطابع الشخصي على المحادثة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا