المصريون ورمضان

تقرير: ماجدة مسلم

 

لرمضان خصوصية لدى المسلمين بين شهور السنة، وتتجلى في شعائره وطقوسه التعبدية من صيام وقيام وتهجد.. لكن يظل لرمضان  في مصر تفرد؛ حيث اللمسة المصرية تبدو جلية واضحة على الشهر الفضيل.. إذ اعتاد المصريون منذ القدم إضفاء طابعهم على شعائرهم الدينية، وهو ما حدث بعد دخول الإسلام مصر، حيث يعم الابتهاج بقدوم الشهر الكريم: كفوانيس رمضان وتشارك الجيران في تزيين شارعهم، وحلويات مصرية كالكنافة والقطايف وعصائر تعتبر تراثًا مصريًا خالصًا مصاحبا للشهر.

“رمضان في مصر حاجة تانية والسر في التفاصيل”

تتردد أصداء هذه الأغنية للفنان “حسين الجسمي” الخليجي الأصل، في شوارع القاهرة الكبرى في الأماكن الشعبية كشارع المعز والحسين والسيدة زينب، حيث تعبر عن تفاصيل شهر رمضان في مصر.

المصريون المغتربون ورمضان

يعتصر قلب “محمد” أسم مستعار وهو شاب مقيم بالخارج للدراسة، معبرًا عن تأثره الشديد عند سماع هذه الأغنية، لما تستدعيه من ذكريات رمضان في مصر من تناول السحور وسط العائلة والزينة في الشوارع واللمة والبركة التي يستشعرها عندما ينعم بالدفء وسط أسرته.

 

موجة الغلاء تعصف بالجميع

فرح المصريون هذا العام بمجيء رمضان بلا وباء كورونا، حيث ستفتح المساجد للتراويح وتعود اللمة؛ لكن باغتتهم زيادة أسعار السلع الغذائية الرمضانية إلى جانب زيادات أخرى مما أدى لإحساس عدد كبير من الأسر بقلة الحيلة لضيق ذات اليد.

سيدات البيت المدبرات، ومعضلة الميزانية

و نظرًا لموجة الغلاء الحالية التي تجتاج العالم، وحالة التضخم الاقتصادي التي تشهدها معظم الدول ومصر واحدة منها، ومع الضغوط المتزايدة على ميزانية الأسرة المصرية؛ اعتادت نساء الطبقة المتوسطة على التفنن في ابتكار أطعمة تساهم في تدبير النفقات، بحيث توفر مائدة متزنة، وفي نفس الوقت لا تخل بباقي بنود الميزانية والتزاماتها. فتقوم بإعداد أطعمة طبيعية بالمنزل مع الابتكار في البدائل الرخيصة كنوع من التدبير مثل:
اللبن الطبيعي بدلاً من كريمة الطبخ.
الاستعانة بالعصائر الفريش والاستغناء عن العصائر المعلبة
الاستغناء عن شراء علب الزبادي الجاهزة ويتم عملها بالمنزل باللبن الطبيعي فتحقق عنصر التوفير، وأيضًا الابتعاد عن المواد الحافظة و الأطعمة والنكهات التي تضر بصحة الفرد.

 

الابتعاد تمامًا عن السمن المصنع والمهدرج واستبدالها بالسمن الطبيعي المصنع بالمنزل أو من السيدات التي تعمل بانتاج مشتقات اللبن من الزبد والسمن الطبيعي، أما عن البروتين الحيواني مثل اللحوم فيجب أن تنظم تعاملنا معها ويمكن استبدالها بالبروتين النباتي لتحقيق عنصر التوفير دون ضرر بعنصر التغذية فالبقوليات تحتوي عن نفس البروتين الحيواني كما أنها لا ترفع نسبة الكوليسترول لكل العناصر المتاحة لدينا حتى تحقق عنصر التوفير والتغذية السليمة.

 

تقول (أم محمد) – موظفة بالقطاع الحكومي – إنها بدأت بتقسيم الطعام والحلويات على يومين في رمضان؛ ترشيدًا للاستهلاك. وقامت بإستبدال أكلات معينة بأكلات أخرى طيلة الشهر الكريم، لكنها وجدت تهكمًا و استهجانًا  من أبنائها.

وتابعت: الإنفاق في شهر رمضان يفوق كل شهور السنة، إذ يمثل هذا الشهر عبئًا على أصحاب العمالة اليومية لتوفير احتياجات الأسرة من إفطار وسحور تناسب أشخاصًا صائمين طوال النهار.

دور الجمعيات الخيرية

تنشط عدد من الجمعيات الخيرية في شهر رمضان بتقديم المساعدات للتخفيف عن المحتاجين، وهو ما يكفل لهم الحد الأدنى من الالتزامات، بتقديم عدد من السلع الأساسية.

تقول سيدة أخرى (الحاجة فاطمة) – ربة منزل- إنها تنتظر العون والمؤونة من الجمعيات الخيرية؛ حيث تقوم بإعطائها (شنطة رمضان) ما يساعدها وبصعوبة على تحمل نفقات الشهر.

 

عادات النساء قبل قدوم شهر رمضان

يرى محلل اقتصادي أن النساء تتهافت على شراء المنتجات والسلع الغذائية كاللحوم والأسماك والسمن بهدف تخزينها لحين استخدامها في رمضان بمعدلات تفوق المعتاد. ما يساهم في رفع الأسعار بالأسواق المحلية نتيجة زيادة الطلب على المعروض.

ويرى خبراء الاقتصاد أن الأزمة المالية العالمية مستمرة لسنوات قادمة؛ ولا بد من حسم الجدال الحاصل على الأسعار، والعمل على تغيير عاداتنا الشرائية لمواجهة تبعات هذه الأزمات؛ بشراء الاحتياجات الضرورية فقط، وعدم التبذير والإسراف.

وهنالك إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري تقول إن 85٪ من الأسر تزيد من معدلات الاستهلاك في رمضان، مما يضاعف من الأعباء المالية على الأسرة المصرية، ويجب أن تقود الدولة حملات توعوية؛ تحث خلالها المواطنين على الاعتدال في الإنفاق في هذا الشهر، تشارك فيها وسائل الإعلام ودور العبادة. والتأكيد على روحانيات الشهر الفضيل، للعمل على تغيير ثقافة المجتمع الاستهلاكية.