مقالات

القومية الكروية لعنة الانتماء

 

بقلم: عبدالعزيز مصطفى محمد

 

القومية في حد ذاتها هي المفهوم الجامع لفئة بعينها تتغلغل بها روح الانتماء لفصيل معين مثل الانتماء لوطن أو لحزب أو لدين فالصهيونية على سبيل المثال لا الحصر ليست دين إنما قومية في ظاهرها طائفة دينية ذات مظهر حزبي لها أتباع من شتي الديانات رغم كونها فكرة أتت لفئة معينة و هي اليهود و لكن موضوعنا اليوم لا يتعلق بالسياسة قط إنما بقوميات ظهرت حديثًا على ساحة العالم كله إلا وهي القوميات الكروية …

 

نعم كما قرأت قوميات كروية تقوم على اتخاذ نصرة فريق كرة قدم قدوة جامعة لفئات متعددة من أعراق شتى ، تحت راية فريق كرة قدم لا يقدم أي توجهات حقيقية لهم سوى الركلات و استعراضات للاعبين و لكن رغم كون الموضوع غريب إلا أنه قد قامت حول العالم خلافات و معارك حقيقية كان السبب وراءها كلها و للعجب كرة القدم و ادعاءات الدفاع عن الانتماء لروح التيشيرت الخاص بالنادي المهزوم أو المنتصر ، لتتحول طوائف عديدة من البشر لا يعرفون بعضهم البعض ولا يتوافق أحدهم مع الآخر تحت هوى فريقهم أن فاز هللوا و كانت سعادتهم تكاد تلامس النجوم و أن خسر فريقهم ضاقت عليهم الدنيا و ما فيها و قد يقاتلون أو ينتهكون القوانين والتشريعات الخاصة بكل بلد تواجدوا فيها لأجل الوطن المتمثل بالفريق الخاص بهم .

 

و ما كانت تلك المجموعات المعروفة بالقوميات الكروية وليدة لحظة ظهورها فقط بل تدرج الأمر قبل وقت طويل بداية من التعصب الكروي الذي كانت أول تسجيلات وجوده خلال فترة ثمانينيات القرن التاسع عشر بإنجلترا و في فترة كان أنصار أحد الفرق يتعمدون تخويف المشجعين والحكام واللاعبين كذلك. ففي العام 1885، فاز نادي بريستون نورث إند الانجليزي على نادي أستون فيلا الإنجليزي أيضًا بنتيجة ثقيلة جدًا قوامها 5-0 في مباراة ودية بعد المباراة تعرض أعضاء الفريقين لبعضهم لهجوم بالعصى واللكم والركل والبصق بالإضافة إلى الرشق بالحجارة و لقد تعرض أحد لاعبي بريستون للضرب المبرح لدرجة أنه فقد وعيه جراء الضرب.

 

وقد وصفت التقارير الصحفية في حينها بذلك الوقت المعجبين بالفريقين ” بـعواء الخام ” إهانة لفعلتهم تلك و لكن و في السنة التي تلتها، تعرض مشجعو نادي بريستون نورث إند لمشجعي نادي كوينز بارك في داخل محطة للسكك الحديدية ، حيث حدثت مضايقات خارج نطاق المباراة.

 

كذلك و في عام 1905، حُوكِمَ عدد من مشجعي نادي بريستون نورث إند بتهمة الشغب، بما في ذلك امرأة في حالة سكر تبلغ من العمر 70 عامًا، بعد مباراتهم ضد نادي بلاكبيرن روفرز و كانت الأوضاع في كل مرة تكاد تتحول لقتال شعبوي بين مشجعين الفريقين و هو الأمر الذي تطور مع السنين لنصل لحالات حرب بين الدول بسبب مباريات كما حدث في بعض دول أمريكا اللاتينية ومع ذلك لم يحدث أي إرشاد حقيقي للمشجعين الذين تطورت لديهم العصبية إلى حالة نفور خالص من الفريق الخصم متخلين بذلك عن مفهوم الروح الرياضية و التي كانت وما تزال هي رمانة الميزان في صراع القوميات الكروية الصاعدة إلى مسرح الأحداث العالمية لتزيد من الانقسامات داخل المجتمعات المحلية والعالمية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا