مقالات

إلى أين ؟

 

بقلم: سليمان عوض

 

أعتدت أن أستيقظ مبكراً أخلو إلى نفسي وأستمتع ببرهة من الوقت قبل أن أخرج إلى عملي وأن أستمتع بتلك النسمات العليلة التي تصحبها قطرات الندى التي تتوج الورود في شرفة منزلي فهممت بصنع كوب من القهوة وودت أن أستمتع بذلك النقاء الجميل في لحظات هدوء الكون و استيقاظ الشمس ونوم القمر تلك هي أجمل اللحظات التي تجدد النشاط بداخلي وتدفع الطاقة دفعاً لاستقبال مشاق يوم جديد.

 

ولكنني استيقظت اليوم وقد وجدت الحرارة اشتدت في رأسي والضجيج يعلو في أذني والغبار يداعب أنفي فظننت أنني لم أستيقظ وأنني لازلت في حلم مزعج من تلك الأحلام التي نتمني أن تنقضي، فهممت بفتح عيني – ويا ليتني ما فتحتها – كانت المفاجأة التي أخرجتني من حلم مزعج إلي واقع أشد ألماً فلقد كان الصوت حقيقي ولم يكن حلماً ولا خيالاً وجدت شاشة التلفاز أمامي مقسمة إلي أقسام، كل قسم يعرض مشهداً غريباً على عيني أن تراه في تلك اللحظات.

إلى أين ؟
إلى أين ؟

 

لا فروق جوهرية بين أقسامها فالأولي صوت عويل وصراخ والثانية صمت ولكنه صمت ملطخ بالدماء وأما الثالثة فدخان وغبار متصاعد يكاد يبلغ عنان السماء
وعيني تنظر إلى التلفاز وعقلي يحاول أن يتفهم ما يحدث .

 

من هؤلاء؟! وكانت الكلمات المكتوبة علي جزء من أجزاء شاشة التلفاز صادمة بل أصابتني بالذهول حروب  قد اندلعت والآلاف يموتون وبلاد تهدد وبلاد تتوعد ودماء تسيل وأطفال تُيتم .

وألسنة اللهب تعلو إلى عنان السماء معلنة أنه لا نسيم اليوم ولا قطرات ندى ولا نقاء ولا صفاء إنما هو الهلاك والموت والدمار والخراب، لا هدوء ولا صوت يعلو على صوت القذائف والصورايخ والمدافع والدبابات ولن نسمع إلا أصوات العنف والغطرسة والتجبر.

إلى أين ؟
إلى أين ؟

 

يا كل دعاة الحروب أفيقوا يرحمكم الله، فما الحرب إلا خراب ودمار وسلطان متغطرس يريد إشباع هوايته المجنونة علي حساب أرواح الضحايا في الحروب في جملتها لاخير منها ولا فيها وما ينتظر العالم من ورائها الآن مجهول المستقبل فما يمتلكه المتنازعون الآن قادر على أن يجعل العالم يعيش في سلام، ولكنه سلام مكروه لا نتمناه سلام الموت الشامل فالحرب القادمة ليست حرب عالمية إنما هي الحرب العلمية القادرة على فناء كل حي على وجه الأرض .

 

فيا كل العقلاء حكموا عقولكم وانظروا للواقع بعين الحكمة ولا يأخذكم الغرور والكبرياء فالحرب الثالثة لا خاسر فيها ولا منتصر إنما هي حرب الفناء آجلاً أو عاجلاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا