مقالات

الحياء من الإيمان

كتبت بسمة أحمد

الحياء هو خلق أنبياء الله وإمامهم محمد صلى الله عليه و سلم ، والمؤمن يتصف بالحياء تأسياً بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي ضرب بأقواله وأفعاله المثل الأعلى في الحياء، ويكفي قول الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وهو يصف الرسول الكريم فيقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئاً يكرهه عرفناه في وجهه)، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خمس من سنن المرسلين: الحياء والحلم والحجامة والتعطر والنكاح).

فضل الحياء :

الحياء هو رأس مكارم الأخلاق، وزينة الإيمان، وشعار الإسلام، كما في الحديث: (إن لكل دين خلقًا، وخلق الإسلام الحياء)، ولم يعده النبي صلى الله عليه وسلم جزءً من الإيمان فحسب وإنما عده الدين كله، فحين قال الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الحياء من الدين) قال صلى الله عليه وسلم: (بل هو الدين كله).

فالحياء من الأخلاق التي يحبها الله، قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله حيي ستير يحب الستر والحياء).

أنواع الحياء :

إما فطري أو مكتسب

فأما الفطري، هو من أعظم النعم التي يجود بها الله سبحانه و تعالى على من يشاء من عباده.

ومنه ما هو مكتسب يكسبه المرء من معرفة الله والتعرف على صفاته العظيمة ، ومن اليقين بأنه سبحانه رقيب على عباده، وأنه لا تخفى عليه خافية، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وهذا الحياء المكتسب من معرفة الله هو من خصال الإيمان.

فإذا سلب العبد الحياء الفطري ولم يقدر على اكتسابه، لم يبق له ما يمنعه من الوقوع في القبائح والمعاصي، ويصبح العبد شيطاناً يمشي على الأرض. وأفضل الحياء ذلك الذي يكون من الله، حيث يستقر في قلب العبد أن الله يراه، وأنه معه في كل حين، فإنه يستحِ من أن يراه الله مقصرًا في فريضة، أو أن يراه مرتكبًا لمعصية، قال عز وجل: (ألم يعلم بأن الله يرى)، وقال: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد).

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (استحيوا من الله حق الحياء. فقالوا: يا رسول الله إنا نستحي، قال: ليس ذاكم، ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء).

حياء الملائكة :

ثم يأتي الحياء من الملائكة، هؤلاء الذين لا يفارقوننا، فحقهم أن نستحي منهم و لا يجب أن يروا منا ما نستحي أن يرانا عليه من هم مثلنا، لأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، فإذا كان ابن آدم يتأذى ممن يفجر ويعصي بين يديه، وإن كان يعمل مثل عمله، فما الظن بإيذاء الملائكة الكرام الكاتبين؟

غرس الحياء في نفس الطفل :

الحياء صفة من الصفات الجليلة التي يجب تنشئة الطفل من صغره عليها، والترغيب الكبير في التحلي بها من خلال كثرة التحدث عن فوائد تلك الصفة من علو المنزلة عند رب العالمين، تم الحديث في كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم عن أهمية الحياء من الله في الكثير من المواضع.

الحياء تاج المرأة :

عندما نتأمل موقف المرأتين مع نبي الله موسى يبرز لنا معنى الحياء و التعفف عند المرأة
حيث أنّ المرأتين حرصتا على أن يقفا بعيداً عن الرجال؛ لاجتناب الاختلاط.
أنّهما لم تتكلما بما لا داعي له، فتحدّثتا كلاماً يجيب عن جميع الأسئلة المُحتملة بجملةٍ عفيفةٍ. عفّة المرأتين كانت في قولهما، أمّا عفّة موسى عليه السّلام، فقد ظهرت في فعله؛ حين قام بالمساعدة دون طلبٍ منهما. عند انتهاء موسى -عليه السّلام- من المساعدة، لم ينتظر الشكر منهما على ما فعل، وإنّما ذهب مبتعداً إلى الظلّ.
بينما ظهرت العفّة في المشية، فقد وصف القرآن طريقة مشي إحداهما بأنّه كان على استحياء، ويخلو من التكسّر والتبرّج، يقول الله تعالى: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)،ولم تنسب الكلام لنفسها، بل نسبته إلى أبيها .

الحياء عند الرجل :

و من أبرز قصص الحياء عند الرجال ؛حياء عثمان بن عفان رضي الله عنه و أرضاه.
عُرِف عثمان رضي الله عنه بشدَّة الحَيَاء، حتى أنَّ الملائكة كانت تستحي منه، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن فخذيه، أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدَّث، ثمَّ استأذن عمر، فأذن له، وهو كذلك، فتحدَّث، ثمَّ استأذن عثمان، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوَّى ثيابه قال محمد: ولا أقول ذلك في يوم واحد فدخل فتحدَّث، فلمَّا خرج، قالت عائشة: دخل أبو بكر، فلم تهتش له ولم تباله، ثمَّ دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثمَّ دخل عثمان فجلست وسوَّيت ثيابك، فقال: ألا أستحِ مِن رجل تستحي منه الملائكة ).

ونظرًا لما للحياء من مزايا وفضائل؛ فقد أمر الشرع بالتخلق به وحث عليه، بل جعله من الإيمان، ففي الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان».

الحياء من الإيمان

إقرأ أيضًا:-

أجمل جسور العالم

أخطر عقارب الكون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا