ابتعدنا كثيراً
بقلم أحمد غريب
ابتعدنا كثيراً عن بعضنا البعض، أصبح كلاً منا متفرداً بشأنه لا يعلم ما حال أخيه، اقتربنا من اللاشيء وفقدنا كل شيء، باتت مجتمعاتنا الصغيرة مفككة للدرجة التي أبقت رب الأسرة بعيدا عن ما يحدث لأفراد عائلته لانشغاله هو أيضا بتلك السخافات….
انشغلنا كثيراً هذه الأوقات بالتكنولوجيا التي يعلم جميعنا أنها سلاح ذو حدين كما يقولون عنها، فهي كما تحوي فوائد فهي تحتوي أيضاً علي الكثير من الأضرار، حيث بات معظمنا يتلذذ بهذه المساوئ وكأن الحياة لا تستمر إلا بوجودها، إلى أن حلت المصيبة الكبرى علينا وهي مصيبة التفكك الاجتماعي، فإن نظرنا إلى داخل البيت اليوم نري أن جميع من هم بداخله ينشغلون عن بعضهم البعض بما يسمونه وسائل تواصل الاجتماعي وما تحويه من وسائل تواصل زائفة لا تمت للواقع بصله، وترتب على ذلك ضياع الأخلاقيات والأصول التي رسخت منذ القدم قبل مجيء هذا الوباء الذي يُدعى بوسائل التواصل الإلكترونية…ولعل أبرز الخسائر التي سببها هذا الوباء المنتشر هو تخلي البعض عن حياتهم على أرض الواقع واندماجهم في عالم مصطنع لا يحمل سوى أكاذيب وخيال، فقط كل ذلك لأنهم وجدوا ما يريدون وهو قدرتهم على التواصل وتكوين صداقات، مما أدى إلى ضياع هويتهم الاجتماعية وقدرتهم على التواصل في أرض الواقع بشكل جيد، وكل ذلك حدث بسبب انشغال الأبوين عن أبنائهم دون رقابة أو نصيحة، لذلك أنا أريد من أولياء الأمور أن ينظروا نظرة ثاقبة إلى تلك المصيبة التي حلت على أبنائنا ولا يتركوها تنهي ما تبقي داخلهم من حياة.
