رؤية وابداع

لسنا على مايرام

بقلم نانسي طه

وقد يأتي علينا وقت
نتمنى فيه أن ننام نومة لا نستيقظ بعدها مرة أخرى
نتمنى أن نترك العالم وجميع البشر ونرحل
لأن أحزاننا أصبحت تتغلغل في أعماق رئتينا
وتبتلع كل الأكسجين الموجود
فكل يوم يمر علينا أصبحنا نشعر فيه أننا نختنق
مهما تحدثنا لا نجد أحد يفهمنا
لا أحد يشعر كم المعاناة التي نعانيها
لا أحد يدرك كم التشتت الذي نعيشه كل يوم
لا أحد يدري كم نتألم
كم مرة كنا نصطنع فيها أننا بخير
ولكننا لسنا على ما يرام
أحياناً نود لو أننا نهرب من الجميع
أن لا نتعامل مع أحد
أن نجلس وحدنا في صمت
نعيد ترتيب حساباتنا
نعيد الطاقة لأجسادنا المهلكة
والروح لقلوبنا المحطمة
والإبتسامة لشفاتنا الذابلة
والإشراقة لوجوهنا الشاحبة
لعلنا نفهم أنفسنا ونعود بخير
قد تأتي علينا لحظات
نتمنى فيها الموت
ليس لأننا نريد الموت
ولا حتى لأننا مستعدون لمقابلة الله
ولكن لأننا يإسنا من الحياة
لم نعد نشعر بأننا سعداء
لم نعد نشعر بأي شئ
نفذت طاقتنا في المعافرة
نفذت أحاسيسنا في العطاء
نفذ كل شئ بداخلنا
فأصبحنا فارغين من الداخل
فقط الحزن هو المسيطر علينا
ينهش في أجسادنا كل يوم
فأصبحت أجسادنا هشة
وأصبحت وجوهنا شاحبة
وأصبحت عقولنا لا تتوقف عن التفكير
قد يأتي علينا الوقت الذي نتمنى فيه أن ينتهي كل هذا الضجيج الذي بداخلنا
حتى أننا قد نتمنى أن ينتهي العالم
كم هو شعور قاتل حين تصل إلى هذه الدرجة من الإرتباك والتعثر والتحطم النفسي
ولكنك تواجه الحياة بإبتسامة بلهاء يصدقها الجميع حتى أقرب الناس إليك
كم هو قاسي أن تضحك وتملئ الدنيا بالأمل وأنت حزين محطم مبعثر مشتت من الداخل
كم هو متعب أن ترتدي قناع لكي يرى الجميع أنك بخير
وأنت في أسوء حالاتك
تود حينها لو أن تصرخ بصوت عالي
وتبكي حتى تجف عيناك من كل الدموع
وتخبر الجميع بصوت يخترق السموات السبع
(أنا لست على ما يرام )!
قد يأتي علينا ذلك الوقت
ونتمنى لو أن لدينا أجنحة لنحلق في السماء بعيداً كالطيور ونتخلص من كل تلك الأحزان
أو نتمنى أن نختفي ولا يرانا أحد ولا يشعر أحد بغيابنا
لنخلو مع أنفسنا ونعيد ترتيب كل شئ
أو لو أننا نفقد الذاكرة في جميع المواقف التي أحزنتنا في الحياة
أو نتمنى أن ننام ونستيقظ لنجد كل شئ في أحسن حال
كم نتمنى وتمنينا ولكن الواقع غير ذلك تماماً
علينا مواجهة كل شئ في الحياة وحدنا
بروح مقاتل
لا يخاف ولا يتأثر ولا يهزم
علينا أن نكون أقوياء وقت ضعفنا
علينا أن نواجه العالم بصدر رحب حتى ونحن تعساء
علينا أن نتعامل مع البشر حتى وإن كنا محطمين
كم قاسية هذه الحياة
وكم نحن ضعفاء
ليس بأيدينا حيلة
فتباً
للحزن
وتباً لكل ما يعكر صفو مزاجنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا