مقالات

مظاهر الضعف في الأدب العربي

 

كتبت: إيمان قاسم

 

كان الأدب يحظى بمكانة بارزة في المجتمع، نظرًا لقدرته على التأثير والتغيير في وجهات النظر، ومخاطبة العقل والوجدان، وكما يقول يوسف إدريس: ” أن تؤلف كتاباً، أن يقتنيه غريب، في مدينة غريبة. أن يقرأه ليلاً. أن يختلج قلبه، لسطر يشبه حياته، ذلك هو مجد الكتابة”

وفي الوقت الحالي، مع التطور التكنولوجي والذي أعقبه انهزام حضاري، فقد خبا بريق الأدب واضمحل دوره في تنمية فكر وثقافة المجتمع، لهذا ستتناول في هذا المقال العوامل التي أدت إلى تدهور الأدب

 

من أين تأتي الأفكار؟

 

اختص الله الإنسان بنعمة العقل والفهم والإدراك، ميزه به عن سائر المخلوقات، وقد ورد ذلك في قوله تعالى: “ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات”

ومن الصور التي تتجلى فيها تميز الإنسان هي قدرته على توليد الأفكار، والتي تتم عن الطريق، وتعرف الأفكار أنها صورة ذهنية لأمر أو رأي عقب التأمل أو التدبر، والسؤال الذي يلوح في الأفق هو من أين تأتي الأفكار؟

 

إن الإجابة عن هذا السؤال يدفعنا إلى تتبع مصدر الأفكار.

 

ففي الحياة يمر الإنسان بمواقف وتجارب تتشكل من خلالها شخصيته، وتنتقل تلك الأحدث عند إهمالها إلى العقل الباطن، وقد تستدعى بصورة مغايرة عن طريق حدث معين أو بفكرة جديدة.

 

ويظل بإمكان الإنسان التعبير عن تلك الأفكار و ذلك عن طريق الكتابة، ويعد الأدب هو الوسيلة التي من خلالها يتمكن الإنسان من الإفصاح أو التعبير عن أفكاره وتجاربه وعواطفه، والقضايا التي تشغله، وصياغتها في قالب أدبي سواء كان شعر أو نثر أو قصة أو رواية.

أهمية الأدب في المجتمع:

 

تكمن أهمية الأدب في قدرته على تشكيل وعي الأفراد، كما بعد المرآه التي تعكس حال الأمة والناقل لواقع وقضايا المجتمع، فقديمًا استطاع الأدب تسليط الضوء ومناقشة قضايا اجتماعية آنذاك، من خلال إنتاجهم الأدبي والذي ساهم في تغيير المفاهيم والمعتقدات والتي كان يتبناها المجتمع في تلك الحقبة.

 

أسباب ضعف الأدب:

 

وبالمقارنة بين الأدب القديم والأدب المعاصر، فمن الملاحظ ركود الأدب في وقتنا هذا، وهناك عوامل أدت إلى تدهور الأدب منها:

إن الأدب متصل باللغة ولا يمكن لأحدهما أن ينفصل عن الآخر، وفي الوقت الحالي يتجلى ضعف اللغة وركاكة الأسلوب، والفارق بين أسلوب ولغة الأدباء قديمًا مثل الرافعي والعقاد، ويرجع السبب في ذلك إلى عدم الاهتمام باللغة. اختيار المرادفات المناسبة، فضلًا عن إدخال اللهجات المحلية إلى الكتابات الأدبية والتي شأنها إضعاف الأدب لا ازدهاره.

 

ومن جانب أخر يعود تردى الأدب إلي التشابه والتكرار والأفكار وندرتها، وافتقار الأدباء إلى روح التجديد والتنوع في تناول الفكرة وقضايا المجتمع، بالإضافة إلى عزوف البعض عن كتابة الرواية الاجتماعية، والاتجاه إلى الكتابة في أدب الرعب والفانتازيا بدلًا من الخوض في القضايا المجتمعية وإيجاد الحلول لها.

 

علاوة على ذلك، فإن جل اهتمام الأدباء المعاصرين ينصب حول المكسب المادي دون النظر لمحتوى الكتاب إن كان سيفيد البشرية أم لا، فضلًا عن احتوائها على معلومات خاطئة، على النقيض عن حال الأدباء في الزمن القديم وقضاءه وقت طويل وشاق في عملية البحث والكتابة؛ فكان الأهم لديهم هو تثقيف الشعب غير آبهين بما سيجنون من المال نظير الكتابة.

 

ولا ننكر أن التطور التكنولوجي والطفرة التي أحدثها والمتمثلة في سهولة تداول المعلومات، فضلًا عن إمكانية تحميل الكتب عبر المكتبات الإلكترونية، يضع الأدباء أما تحدي لا يمتلكون القدرة على مواجهته وهو السرقات الأدبية.

 

وفي الختام، فإن الأديب يحاكي قضايا مجتمعه وما يطرأ عليه من تغيرات؛ وبمقدار الرصيد المعرفي الذي يمكنه من إعادة تشكيل وعي المجتمع، وتصحيح المفاهيم الخاطئة وترسيخ المعتقدات الصحيحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا