مقالات

ما هي القيم التي نكتسبها من الصيام ؟

 

مريم عمران

يمر الوقت و الأيام و الشهور و نحن ننتظر الشهر الكريم بشدة، لأننا بحاجة كبيرة إليه نطلب من الله المغفرة و الرحمة و الأماني المتعلقة بقلوبنا و أن يقدرنا على الصيام و أن نكون كما هو يحب و ليس كما نحب، فكنا قبل قليل نهنئ بعضنا البعض بحلول شهر رمضان الكريم لكن لم يتبق منه إلا القليل، فما هي الدروس المستفادة من هذا الشهر الكريم ما هي القيم التي سوف تُغرس في أنفسنا و كيف بدأ وكيف انتهى و ما هي الأشياء التي تم تغييرها في أرواحنا ؟

يوجد ثلاث قيم مستفاد منهم .

 

أولاً التقوي و هذه وصية الله عز وجل لجميع خلقه، حيث قال:
” وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواٍ اللَّهَ وَإن تَكْفرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيَّا حَمِيدَّا ”
[النساء:١٣١] .

و التقوى معناها هي تقوى المسلم لله أن يتجنب تمامًا المعاصي ويفعل ما يأمرهُ الله به حيث قال الله تعالى؛ ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ”
( البقرة ١٨٣ )

و الشيء الأساسي في الصوم هي التقوى.

في ذات السياق يمكننا أن نطبق مبدأ التقوى على مر حياتنا، فمفهوم التقوى لم يقتصر على رمضان فقط أو أيام وشهور محددة بل بالعكس هو جامع و شامل حياة المسلمين، ويتقِ الإنسان عذاب ربه بطاعته لله، و يتقِ الشرك بالتوحيد و إن الله واحد أحد، و يتقِ الكفر بإيمانه لربه، و يتقِ الله في عيناه حيث يغض بصره عن الحرام، و يتقِ الله في لسانه بحيث لا يقول الزور أو النميمة أو الكذب إنما يقول الحق فقط، و يتقِ الله في أذنيه بحيث أن لا يسمع بها إلا الصدق .

و يجب أن تكون شخص تقي مع نفسك بأن تمشي في طريق الحق و تبعد عن طريق الباطل قال الله تعالى:
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ”
( الحديد ٢٨ )

و أن تكون تقي أيضًا مع أطفالك تجعلهم يتجنبوا الرد قال الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ”
( التحريم:٦ )

و تكون تقي مع الناس و عاملهم معاملة حسنة ترضي الله عز وجل وعندما يتقِ المسلم ربه في كل شيء، يكون الله و ملائكته في رعايته أينما تواجد سواء في منزله أو عمله أو في خلوة مع نفسه أو مع زملائه أو زوجته و أطفاله حينما يوجد مع البشر و حينما يكون في كهفه الذي يراه فقط هو رب البشر.

ثانيًا الإرادة و هذه من الدروس المهمة التي لا يجب أن تكون كامنة عند الإنسان، المسلمون في رمضان يتجنبوا الأشياء التي اعتادوا عليها و يتخلصون من قيودها و تبدأ الأنا و الأنا الأعلى يقوموا بدورهم من التخلص تمامًا من اللهو أي ( الغرائز و الشهوات )، حتى أن المسلم لا يمتنع عن الشراب والطعام فقط بل يمتنع عن شهواته و عن المعصية لتنفيذ أوامر الله عز وجل، فنتيجة الصوم هي الابتعاد عن الأشياء التي تغضب الله عز وجل و عن الأشياء التي حرمها الله، فالإنسان بفضل ربه أولاً و إرادته و عزيمته القوية يستطيع أن يفعل هذا ثانيًا يوجد لديه قدرة المقاومة علي مثل هذه الأشياء، و هذا درس جيد للمدخنين أنهم يمكنهم الإقلاع عنها متى أرادوا.

ثالثًا الدوام على طاعة الله سبحانه و تعالى و هذا من الدروس القيمة والعظيمة التي يجب أن نتعلمها خلال شهر رمضان المبارك شهر الخير و الفضائل الكبيرة، يجب أن يكون الإنسان حريص على طاعة ربه دائمًا و أبدًا سواء في الشهر الكريم أو في جميع الأيام و الشهور الأخري، فأنه في رمضان يحافظ على صلواته كاملة لتصبح النتيجة أنه يكون مداوم على جميع الفروض و يكون خاشعًا لربه، و يقوم المسلم باختتامه للقرأن الكريم فتصبح النتيجة أن يكون له كل يوم وردًا يقرأه ويصبح صديقًا للقرأن و كما نعلم أن الله عز وجل أنزل القرآن في شهر رمضان الكريم، و يجب أن يحرص المسلم على إتمام جميع طاعات و عبادات ربه ليحصل على الأجر والثواب و المغفرة الواسعة.

و يبدأ المسلم بأنه يصلي صلاة التراويح التي يكون لها سحر مختلف على المسلمين جميعًا، و تلاوة الشيخ للقرأن و الدعاء في نهاية الصلاة له أثر كبير في قلوب المصليين، و يجب أن يحافظ على صلاة الشفع والوتر فأن لها ثواب و أجر عظيم، و أن يجعل لنفسه عدد من ساعات الليل لعبادة ربه.

شهر رمضان المبارك يزودنا بالإيمان و الطاعة و الفضائل و الخير و القيم والأخلاق الحميدة، فبالتالي الصيام ليس امتناع عن الأكل والشراب لفترة زمنية لكن هو امتناع عن أي شيء حرمهُ الله عز وجل عمومًا كالكذب و الشهوات و الغرائز و النميمة و الافتراء وغيرهم من الأشياء المكروهَ و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
” من لم يدع قول الزور و العمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه ” البخاري.

لنعطي مثالاً عن الأخلاق الحسنة حيث قال رسول الله صل الله عليه وسلم:
” فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني امرؤ صائم ”

و هذا المثال يبين لنا أن الشهر الكريم والصوم يؤثرون في روح المسلم الصائم، ومن أعلى منازل الجنة هي الأخلاق الحسنة و أعلي المنازل في قلب المسلم أيضًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا