مقالاتأخبار مصرالتاريخ والآثار

أول شهيد فى مصر القديمة قاد أولى المعارك. لتحرير مصر من الهكسوس.


بقلم الأثرية: أمانى حمام زغلول

 

سقطت مصر للمرة الأولى في تاريخها أمام الغزو الأجنبى على يد عدو همجى وشرس عمل على إهانة المصريين في كبريائهم الوطنى ومشاعرهم الدينية. فما كان من الأمة المصرية أن تمتص هذه الصدمة المؤلمة حتى تجد طريقا للنصر والتحرر واستعادة التراب الوطنى والكرامة المصرية مرة أخرى .

فرض الهكسوس سيطرتهم على مصر فتكونت منهم الأسرتين الخامسة عشر ،والسادسة عشر فى تاريخ مصر القديمة وتمكنو من إنهاء حكم الأسرة الثالثة عشر والرابعة عشر .وفى هذة الأثناء بدأ يظهر فرع جديد في الجنوب من الأمراء الطيبين وبدأفى توطيد نفوذهم السياسى وإحياء القومية المصرية. ومناهضة تواجد المحتل الاسيوى شرق الدلتا، فبدأو فى استفزاز الهكسوس واعتبرو انفسهم حكاما في اقاليمهم ،وفعلو كما فعل ملوك مصر من قبلهم .

 

حيث وضعوا أسماءهم داخل خراطيش ملكية ،وحملوا الألقاب التقلدية التى تدل على أنهم ملوك الوجهين البحرى والقبلى ،وتشير الوثائق التقلدية أن حاكم طيبة الملك سقنن رع(تاعا الثانى)هو أول من عمل على جمع كلمة حكام الأقاليم المصرية فى الجنوب من أجل مواجهة الهكسوس ،وقد شاعت الأقدار أن يطلق هذا الملك شرارة حرب التحرير ضد الغزاة الاسيوين. ويبدو أن هذا التحرك الوطنى قد آثار غضب ملك الهكسوس أبو فيس (أبيبى)

والذى رأى أنه عليه رد فعل مضاد للطبيين فتشير بردية سالييه التى كتبت فى عهد الأسرة التاسعة عشر أى بعد خروج الهكسوس بعدة قرون. أن الملك أبيبى(أبو فيس) قد بدأ استفزاز الطيبين فى مشاعرهم الدينية حتى ينجر الملك الطيبى سقنن رع إلى حرب لم يستكمل عدته لها. فقد أرسل الملك الهكسوسى مبعوثيه إلى طيبة وقد حملوا رسالة للملك المصرى تحمل اتهاما سخيفا مؤداه أن افراس النهر في طيبة تزعجه. علما بأن طيبة تبعد أربعمائة ميل عن مقره في اواريس.

 

رسالة إيبي لسقنن رع

 

كانت تلك هى متن رسالة إيبى لسقنن رع
(دع أفراس النهر التى تملأ البحيرة شرقى طيبة ترحل وذلك لكونها تسبب لى الأرق نهارا وليلا ،بسبب أصواتها التى تصم آذان مدينته “أى حوت وعرت “. ومن المؤكد أن سقنن رع عنى المعنى الظاهرى للرسالة ،بل أدرك مغزاها السياسى على الفور .وأدرك مراد إيبى من ذكره أفراس النهر تلك لذا كان وقع هول الرسالة شديد على سقنن رع فعلى الفور أرسل إلى أمراء مصر واتفقو على إعلان الحرب ضد ملك الهكسوس.

 

مغامرة سقنن رع في ساحة القتال

أما المغامرة التي لاقى فيها الملك «سقنن رع» حتفه، فجعلته من أعظم الشخصيات المصرية بطولةً في التاريخ المصري، فتظهر من تصوير الأستاذ «إليوت سمث» (عالم التشريح البريطاني) قصة موته من الجروح التي في رأسه، فيقول: «إنه كان فريسة هجمة غادرة قام بها عدوان أو يزيد، فقد أُخِذ على غرة عندما كان نائمًا في فراشه، أو أنهم تسلَّلوا من خلفه وطعنوه بخنجر تحت أذنه اليسرى، فغاص الخنجر في عنقه، ولقد كانت الضربة مفاجئة فلم يَقْوَ على رفع يده ليدرأ عن نفسه ضرباتهم التي انهالت من «البلط» والسيوف والعصي على وجهه فهشمته وهو ملقًى طريحًا؛

الملك سقنن رع

وتدل شواهد الأحوال على أن تجهيز الجثة للدفن كان على عجل، وأن عملية التحنيط كانت بسرعةٍ فائقةٍ، فجاءت غايةً في الاختصار، ولم تعمل أية محاولة لوضع الجسم في وضعه المستقيم الطبعي؛ إذ قد تُرِك منكمشًا كما كان طريحًا وهو في حالة النزع، فكان الرأس مُلقًى إلى الخلف، ومنثنيًا نحو اليسار، ولسانه بارز من فمه يضغط عليه بأسنانه توجُّعًا وألمًا، ولم يمسح سائل مخه الذي كان يجري على جبينه بسبب الجروح التي أصابت رأسه، وكانت ساقاه منبسطتين بعض الشيء، ويداه وذراعاه منكمشتين كما كانتا عندما لفظ روحه، وقد أُزِيلت أحشاؤه من فتحةٍ عُمِلت في بطنه، وقد حُفِظ الجسم بوضع نشارة معطرة عليه وحسب، والواقع أن الجسم في حالته الراهنة يشبه مومية قبطية قد يبست وثقبها الدود.

سقنن رع محرر مصر من الهكسوس

 

وقد ظنَّ «ماسبرو» وتبعه في ظنه «إليوت سمث» أنه قد قُتِل بعيدًا عن «طيبة»، والمحتمل أنه مات في ساحة القتال، وأن تحنيطه في مكان القتال كان إجراءً مؤقتًا لعدم توفُّر المعدات للذين قاموا بهذه العملية في هذا المكان. أما «بتري» فيزعم أن الجسم كان قد تعفَّنَ في أثناء نقله إلى «طيبة»، ولم يعتنِ به في ساحة القتال، ثم حُووِل تحنيطُه ثانيةً بعد وصوله إلى «طيبة». وترتكز نظرية قتله في ساحة القتال على ما توحي به محتويات قصة «ورقة سالييه»، التي نقرأ فيها أن «سقنن رع» كان مناهضًا لملك الهكسوس «أبو فيس»، وليس هناك ما يدعو إلى تجريح هذه النظرية.

 

موميا الملك سقنن رع(تاعا الثانى )
وقد كانت موميا الملك «سقنن رع» هذا وتابوته الخشب ضمن الكشف المشهور الذي حدث عام ١٨٨٠ في الخبيئة القريبة من معبد الدير البحري،ومن المحتمل أن اللصوص كان قد أخطأهم نهب هذا القبر، كما قررت ذلك لجنة التحقيق، غير أنه في وقتٍ ما قد سطَا عليه الكهنة القائمون على حراسته.

 

وتابوت هذا الفرعون الخشبي الذي وُجِد جسمه فيه محلَّى برسم ريش عليه كما كان المتَّبَع في حلية توابيت هذا العصر؛ ولذلك أُطلِقَ على التوابيت التي من هذا الطراز «الريشية» وكانت تغطِّيه طبقةٌ سميكة من الذهب مما جعل السبيكة التي على ظاهره مغريةً للحراس، والواقع أنهم انتزعوها، غير أنهم قد اتخذوا حذرهم ألا يلمسوا الجزء الذي يغطي الصل الملكي، ورءوس الصقور التي على القلائد، والعقاب الذي على الصدر، وكذلك اسم الإله «بتاح سوكر»؛ وكل هذه رموز آلهة قد اعتقَدَ القومُ أنها تُرسِل الموتَ إلى كل مَن انتهك حرمتها، ولما كان اللصوص المحترفون لم يَعُقْهم على ما يظهر مثل هذه الشكوك والخرافات فلا نكون مخطئين إذا نسبنا مثل هذه السرقات الفنية للكهنة أنفسهم؛

 

ومع ذلك فيظهر أن وخز الضمير في ارتكاب مثل هذا العمل قد لعب دوره؛ إذ نجد الكهنة قد صبغوا بعض الأجزاء التي أزالوا من فوقها الذهب باللون الأصفر إخفاءً لجريمتهم، وبخاصة الوجه ولباس الرأس، ثم كتبوا النقوش بالمداد الأحمر ثانية، ثم رسموا قلادةً على صدره وخطوطًا زرقاء حول العينين اللتين نُزِع منهما إطارهما الذهبي، أما باقي الغطاء فقد تُرِك مغطًّى بالجص الأبيض الذي انتُزِع منه الطبقة الذهبية، وقد بقي آثار النقوش الأصلية على أية حال، ويمكننا أن نقرأ منها: «ملك الوجه القبلي والوجه البحري «سقنن رع» ابن الشمس «تاعا» الشجاع.» وهذا الاسم هو الذي أُطلِق عليه في قائمة أرباب الغرب في مقبرة «خع بخت»
وكان من الطبيعى أن يدفن هذا الملك دون أن يعمل له أي جهاز جنازي، ولكن لما كانت أكفانه قد فُكَّتْ عن آخِرها، ثم لُفَّتْ ثانيةً على عجل؛ فمن المحتمل أن السرقة لم تقتصر على غشاء الذهب الذي كان يحلي تابوته، بل قد امتدت كذلك أيدي الكهنة إلى مجوهراته وأسلحته. ومما هو جدير بالذكر هنا أنه لم يَبْقَ مع أي موميا ملكية أية قطعة من المتاع ممَّا لها قيمة حقيقية عندما أُودِعت في مخبئها بالدير البحري.

المصادر:

١-زكية يوسف طبوزادة ،تاريخ مصر القديم
٢- سليم حسن ،موسوعة مصر القديمة ،الجزء الرابع


إقرأ أيضا:-

“سنب كاي” محارب الهكسوس الاول

ملوك الهكسوس لغز لم يحل حتي الآن(الملك خيان)

الملك احمس طارد الهكسوس







مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا