ما وراء التحرش الجنسي
كتبت: رحمة محمود
مما لا شك فيه أن التحرش من أقذر المواقف التي يتعرض لها بناتنا وأبناؤنا في حياتهم اليومية، ويعد التحرش من أخطر أنواع الأذي النفسي، فهو مرض عضال ينتشر أثره النفسي والمادي علي المجني عليه ، وكذلك علي جميع أفراد الأسرة والمجتمع، فهو من أشد إنتهاكات حقوق الإنسان صعوبة، لما يحمله من معاناة وحساسية خاصة علي المجتمع
.
المقصود بالتحرش الجنسي :
هو عبارة عن مضايقات لفظية أو جسدية لها طبيعة جنسية التي تسلب خصوصية أو جسد شخص ما وتجعله يشعر بالتهديد أو عدم الأمان أو عدم الإحترام أو الترويع أو الترهيب والإساءة.
أشكال التحرش :
النظر المتفحص للمتحرش : التحديق أو النظر غير لائق علي جسد شخص ما.
اللمس الغير مقبول به لأي جزء من الجسم أو الملابس أو الوجه أو الشعر.
التلميحات والتعليقات الجنسية:
التحرش عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإرسال فيديوهات غير لائقة والإتصالات المسيئة جنسيآ.
الترهيب النفسي والتهديد بالإعتداء الجنسي.
ومن أبرز أسباب التحرش الجنسي :
1- ضعف الوازع الديني :
عدم الإلتزام بالعقائد والشرائع الدينية التي نصت عليها الأديان السماوية وضعف الإيمان من الأسباب الرئيسية لإنتشار ظاهرة التحرش في المجتمعات العربية، والتجرد من الرادع الديني دفع البعض لإرتكاب المعاصي كزنا وشرب الخمر والتحرش والإغتصاب وغيرها من الممارسات الغير أخلاقية.
2- النشأة والتربية الخاطئة :
وهي من أهم العوامل في خلق مجتمع بلا تحرش أو العكس، حيث إذا نشأ الإنسان وتربي علي الفضيلة والإحترام والتربية الدينية الصحيحة منذ الصغر لوجدنا مجتمع بلا تحرش، أما إذا تربي الإنسان في أسرة لا تعاقب علي أفعال أولادها ولا تهتم بهم لنضج إنسان لديه اللامبالاة من أفعاله وأقواله، ومن المعروف أيضآ أن الطفل يقلد أبويه في كل شىء وعلي أساس ذلك إذا شاهد الطفل والديه يشاهدون البرامج التي تحتوي علي تلميحات جنسية سيعتقد أن هذا الأمر لا ضرر به ويقوم بتقلديهم، وهذا ما يتسبب في زرع أفكار خاطئة بعقلهم.
3- عدم القدرة علي الزواج في سن مبكر :
إن الصعوبات التي تعانيها بلدانا من الفقر والبطالة تدفع الشباب إلي البعد عن فكرة الزواج واللجوء إلي أفعال غير أخلاقية لتفريغ إحتياجاتهم الجنسية، مما أسهم بشكل كبير في إنتشار التحرش.
4- الملابس الكاشفة والفاضحة :
حيث إن الملابس التي ترتديها الفتيات ساهمت بشكل كبير في تفشي وظهور التحرش، لأن المتحرش يعاني من إضطراب نفسي وتفكيره غير سليم فهو يري أن الملابس الفاضحة والتبرج تعتبر دعوة مفتوحة من الفتاة للتحرش بها.
5- الفراغ الفكري والعاطفي ووجود وقت طويل لدي الفتاة والشاب، مما يجعلهم وسيلة للتحرش:
وبحسب إحصاء أجرته مؤسسة ” تومسون رويترز ” عام 2018،تقول إن نسبة إنتشار التحرش اللفظي تصل إلي 29٪، أما الجسدي تصل إلي 18٪، كما سجلت مصر أعلي معدلات التحرش في العالم العربي، حيث وصلت نسبة التحرش بالنساء إلي 90٪، وخاصة الفتيات التي تتراوح أعمارهم ما بين 17 إلي 28 عام، ونسبة التحرش بالرجال تصل إلي 27٪،
وأعتبر التقرير أن القاهرة أخطر مدينة علي النساء
ومن أشهر حوادث التحرش في 2021 :
1- تعرض الفنانة زينب غريب للتحرش من قبل طبيب بيطرى وذلك عن طريق تصوير أجزاء من جسدها بدون علمها، وحدث ذلك في منطقة وسط البلد.
2- المتحرش مايكل فهمي وزوجته، حيث قام بالإدعاء أنه طبيب نفسي وأستدرج الفتيات إلي عيادته وإقناعهم بأنهم مرضي نفسيين وأنهم بحاجة إلي علاج نفسي مستغلآ زوجته سالي التي كانت تحضر معه الجلسات وتطمئن الفتيات القصر إلي طريقته في العلاج بالجنس.
3- متحرش قطار الصعيد، حيث إستقطب طفل من الباعة الجائلين مستغلآ نوم الركاب وقام بإجباره علي فعل فاضح داخل عربة الصعيد.
4- المتحرش بطفلة المعادى، حيث قام فاقد الإنسانية ، بإستدرج طفلة طفلة لا تتجاوز السبعة سنوات تبيع مناديل إلي مدخل عمارة بالمعادي وقام بالتحرش بها.
5- المتحرش بطفلة مدينة بدر، حيث قام إحدي مندوبي الدعاية لشركة فانيش بالتحرش بطفلة في مدخل عمارة.
6- السائح البرازيلي المتحرش، حيث قام أثناء زيارته لمدينة الأقصر بالتحرش بأحد البائعات في مقطع فيديو ونشره علي الفيسبوك، وقد واجه ردة فعل عنيفة من نساء البرازيل.
7- عامل النظافة المتحرش، حيث حاول التحرش بطفلة عندها تسع سنوات في منطقة العلمين، عندما كانت تلعب مع أختها في منطقة ألعاب الأطفال.
بعض الآراء عن ظاهرة التحرش:
حيث قال الشيخ أ ح ” التحرش عبارة عن شاب لم يلتزم بكلام ربه لما كلمه وقاله
« وٌقُلَ لَلَمًؤمًنِيَنِ يَغُضوٌآ مًنِ أبًصّآرهّمً وٌيَحًفُظُوٌآ فُروٌجّهّمً»
ولم يلتزم بوصية النبى (ص) الذى قام فيها لمن لا يملك القدرة على الزواج، حيث قال في نهايتها فعليه بالصوم فإنه له وجاء”
وقال أيضآ” أن التحرش عبارة عن بنت لم تحترم كلام ربها لما قلها
«وٌلَآ يَبًدٍيَنِ زٍيَنِتٌهّنِ إلَآ مًآ ظُهّر مًنِهّآ» وأيضا رفضت كلام ربها الذى حين قال « فُلَآ تٌخِضعٌنِ بًآلَقُوٌلَ فُيَطِمًعٌ آلَذِى ڣى قُلَبًهّ مًرض» “.
وقال الشيخ ح م من كبار علماء الأوقاف” أن المجتمع المصرى يتميز من قديم الزمان برقي أخلاقه وتدينه ومحافظته علي أصوله ثابتة والرفض لكل ما يخرج عن الآداب العامة، لذلك لا بد من تعاون مشترك بين الأسرة ودورها فى التنشئة ودور العلم ( المدارس والجامعات) في التربية ودور العبادة ( المساجد والكنائس) في التوجيه وتهذيب السلوك، وكذلك جميع الهيئات والمؤسسات المعنية بالظواهر الإجتماعية وخاصة الأجهزة الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة التي لها تأثير كبير علي كل شرائح المجتمع والتحرش الجنسي يكاد أن يصبح ظاهرة خاصة في الشوارع العامة والمواصلات وربما أماكن العمل وبعض البيوت والمنازل فضلاً عن الشواطىء والمنتزهات والحدائق العامة الأمر الذي ينذر بالخطر علي أمن المجتمع حيث تحولت القضية إلي مشكلة ومازالت تتزايد يوماً بعد يوم، وأصبح التحرش ليس قاصرآ علي الألفاظ الخارجة ولا حتي الجارحة بل بدأ يأخذ أشكالا متعددة بجانب ما تلاقيه السيدات من مضايقات في جميع الجهات، ولقد تطور التحرش فلم يعد فرديآ بل أصبح جماعيآ وساعدهم علي ذلك سلبية الناس التي تخشي التدخل لحماية الفتيات حتي لا تتعرض لأي أذى أو تعطيل لأعمالهم بالإضافة إلي غياب النخوة والشجاعة في إغاثة الملهوف وتلك السمات التي كان يتحلي بها مجتمعنا في الماضي “.
وقال الدكتور أحمد هارون مستشار العلاج النفسي وعضو الجمعية العالمية للصحة النفسية” إن التحرش الجنسي لم يكن من ضمن معطيات الشخصية المصرية فيما مضي ، وكذلك التحرش بالأطفال، وربما قتلهم بعد ذلك، وهو يعرف بالجنس العدواني، ويوضح هارون ، أن المتحرش يتميز دائماً ببعض الصفات، مثل التهور الشديد والإندفاعية مع سرعة الإستثارة الجنسية والبدنية، ودائم البحث عن الملذات والشهوات، إضافة إلي العدوانية ، وغيرها من الصفات التي تكن من ضمن محكات الإضطرابات الشخصية السيكوباتية، موضحا أن المتحرش مريضا نفسيا “.
وقال الدكتور جمال فرويز، إستشاري الطب النفسى” إن المتحرش جنسيآ هو بالقطع شخصية غير سوية، وهو ما نعرفه في علم الطب النفسي بالشخصية السيكوباتية، وسمات هذه الشخصية تتميز بالسلبية واللامبالاة وعدم الإهتمام بتبعية التصرفات، بل إنه يسير فوراً خلف أفكاره اللحظية دون التفكير النهائى في عواقب هذه الأفكار، وبالتالى فإن فقدان تبعية التصرفات يجعل من المتحرش شخصآ لا يملك مشاعر أو أحاسيس، وهو ما يفسر في كثير من الأحيان إبتسامة الإنتصار علي شفاه المتحرشين بعد إتيانهم بفعلهم المؤذى، وأضاف إستشارى الطب النفسي، أن كل شخص فى المجتمع عمومآ عنده بداخله هذه الشخصية ” السيكوباتية ” بنسبة ما، لكن هناك من يستطيع السيطرة علي شخصيته بعد تفكيره في التوابع الأخلاقية والإجتماعية، وهناك أيضآ من يخشي الردع القانونى فيكون لديه الرغبة في الفعل لكنه يخاف من العواقب وبالتالى يمتنع عن إتيان هذا الفعل، مؤكدا أن ما يزيد خطورة مسألة التحرش هو أن الشخص يعانى من حرمان أو كبت جنسي أو أنه غير قادر على الزواج “.
أما الدكتور حسن الخولى أستاذ علم الإجتماع بجامعة عين شمس” قال إن المتحرش هو بالقطع شخصية غير سوية نفسيآ، ويكون بداخله ميول للإنحراف من غير رادع داخلي أو ما يعرف ب “الضمير”، وهذا يعنى أن المسألة لا تقف فقط عند حدود التحرش، بل إنه يعني غياب هذا الرادع سيجعل منه شخصية من الممكن أن تقوم بأفعال شائنة في حال تأكده من عدم وجود عواقب أو عدم ضبطه”.
بعض الآراء لحل مشكلة التحرش :
قال الشيخ ح م أيضآ” أنه لعلاج التحرش يجب أولاً تفعيل الخطاب الديني المتوازن خاصة في وسائل الإعلام، ثانيآ ضرورة المرجعات الإعلامية، ثالثآ الإلتزام بالحجاب الشرعي، رابعآ قهر البطالة والسعي علي الرزق ونشر ثقافة قبول العمل الحرفي، خامسآ تفعيل دور الأسرة، سادسآ تيسير التعفف، سابعآ تشريع عقوبة ملائمة يردع منها المتحرش “.
وقد تم عقد برتوكول تعاون بين وزارة الشباب والرياضة والإتحاد المصري للكيك بوكسينج
وتم ترشيح كابتن” أيمن الحمصانى ” للقيام بمبادرة لا للتحرش من 18إلى2020/10/22 وكانت عبارة عن محاضرات نظرى وعملى، وكانت هدفها تعليم الفتيات طرق للدفاع عن نفسها، وتجنب التحرش بشكل عام سواء كان التحرش لفظي أو باللمس أو عن طريق العين،والتحلي بالثقة بالنفس ، بإستخدام الأدوات المحيطة بالبيئة مثل الحقائب والموبايلات والقلم، وإستخدام اليد المغلقة والقبضة المفتوحة والمرفق ( الكوع ) في الدفاع عن النفس، مع التوضيح لهم عن أماكن الضعف عند الرجل وأماكن القوة عند المرأة، وقد قال أيضآ أن التحرش سيء للغاية وبحاجة إلي توعية للشباب والبنات “.
عقوبة التحرش :
أقر مجلس النواب المصري تعديلآ تشريعيآ” ينص علي تشديد التحرش الجنسي، وبموجب هذا التعديل سيتحول التحرش من جنحة إلي جناية وسيصبح الحد الأدني للعقوبة الحبس خمس سنوات بعد أن كانت سنة ونصف، بالإضافة إلي غرامة مالية، وقد يحصل مرتكب التحرش الجنسي عقوبة بالسجن سبع سنوات كحد أدني ، إذا كان يحمل سلاح، أو إشترك أكثر من شخص واحد في العملية، أو إذا كان المتحرش يملك أى سلطة وظيفية أو غيرها علي المرأة، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز أربع سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد علي مئتي ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص، أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الإتصالات السلكية واللاسلكية أو الإلكترونية، أو أية وسيلة تقنية أخرى، وأضاف التعديل: ” تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد عن ثلاثمائة جنيها أو بإحدي هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه “، وفي حالة تكرار الفعل، تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصي”.
