مقالات

وما خفي كان أعظم

بقلم :نانسي طه

 

يشاهدونك من بعيد
فيحسبون أنك ملكت الدنيا وما فيها
وأنك دوماً سعيد
ولكنهم جميعاً لا يعلمون ما بداخلك
أو مما تعاني
أو فيما تفكر
لا أحد يرى ضعفك
تشتتك
انكسارك
معاركك مع الحياة
يأسك وإحباطك
انهزامك
وحدتك
لا أحد يرى ذلك الجانب المظلم منك
الجميع يرون الجانب المضيئ منك
يشاهدون ابتسامتك وفرحك وتألقك
ويحسدونك على كل ما تملك
لا يعلمون أن الفرح هو جزء يكاد لا يذكر في حياتك المخفية
لا أحد يبالي بغيابك
ولا بمرضك
ولا بهمومك
ولا بحزنك
ولا وحدتك
لأن الجميع في دوامة الحياة يركضون وتركض وراءهم الأيام
وتغريهم الحياة بشهواتها التي لا تقاوم
كم أصبحت الحياة صعبة وقاسية
وكم أصبح البشر معميين عن الحقائق
فقط يلتفتون للمظاهر الزائفة
والكلمات والصور المنشورة
ويحسدوك على ما تمتلك من نعم
لا يعرفون أنه ينقصك الكثير
وأنك مبتلى في أشياء أخرى
كم من مشاكل مررت بها وحدك ولم تجد الأقربون حولك
وكأنهم جميعاً أصبحوا غرباء
كم من أحزان ظلت مكتومة تنهش قلبك في عتمة الليل
كم من دموع اختبأت في أعينك لكي لا يشفق عليك أحد أو ينظر إليك نظره عطف
كم من صراع شتت جميع أفكارك وعواطفك فلم تعد تدري الصواب من الخطأ
كم من أيام ثقال مرت عليك وأنت وحيد تعافر على البقاء
كم من أناس انخدعت فيهم ورأيت ما وراء وجوههم المختبئة
كم من قلوب اكتشفت أنها كانت تكن لك الغيرة والحقد ويتخفون بكلامهم المعسول وافعالهم الجميلة تجاهك
كم من كلمات نقد سمعتها وتأذيت منها ولكنك اظهرت بأنك لا تبالي وأنك تقبل المزاح
كم من طرق سلكتها ووجدت نهاية لم تكن تتوقعها
وكم من مسارات خططت لها وتغيرت لسبب لا يعلمه سوى الله
وكم من أحلام وأمنيات تمنيتها ولم تتحقق
وكم من عزيز فقدت
وكم من قريب رحل
وكم من أناس عنو لك الكثير وأنت لم تكن تعني لهم شئ
وكم من حال تبدلت
كل هذه الضجة لم يراها أحد
ولم يعلمها أحد
حين كان يسألك الجميع عن حالك
كنت دوماً تبتسم وتخبرهم أنك بخير وأن كل شئ على ما يرام
ولكن الحقيقة ليست دائماً كذلك
ولكنك كنت دوماً تخشى أن تكون عبئاً على أحد
فكنت دوماً تخفي كل هذا بداخلك
ولكن حان الوقت أن تخبر الجميع أنك بخير حين تكون بخير
وأنك لست على ما يرام حين تكون لست بخير
فليست دوماً الأمور على ما يرام
ولو أنك تظهر اللحظات السعيدة والجميلة
فأنت تخفي الكثير من اللحظات التعيسه والكئيبة
فليس على الناس أن يحكموا من الظاهر
ويحسدون بعضهم البعض على ما يملكون
بل عليهم أن يعلموا أن هناك ظاهر سعيد وجميل
وهناك أيضاً باطن قاسي وصعب
فوالله أحياناً ما خفي كان أعظم.

وما خفي كان أعظم
وما خفي كان أعظم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا