رؤية وابداع

الرداء السحري

رؤية وطن

الرداء السحري

ريهام مجدي القاضي

جاءتني العجوز مرة أخرى ..
هذه المرة أتتني و معها رداء رث كى أرتديه..
فتعجبت منها و سألتها ما الذي قد يجعلني أضع ثياب الأميرات الذي أرتديه و يجعلني أبدو كأميرة قد جاءت من إحدى القصص الخيالية و أرتدي ذلك الرداء الردئ !!!
أخبرتني أن ذلك الرداء الذي لم يعجبني له أثر السحر ..
ابتسمت العجوز ثم قالت لي ‘ لما لا تجربيه أولا ؟!’
أى سحر يحمله رداء بهذه البشاعة !
و لكن ما الذي سأخسره إن ارتديته ..
فلأفعل و لو لقليل من الوقت …
خلعت ثيابي الزاهية و ارتديت ذلك الشئ الباهت الذي لا أستطيع أن أحدد له لون .. حتى أن نسيجه قد بات ضعيفا فتمزقت بعض أجزاءه ..
‘ها أنا قد ارتديت الرداء السحري .. ‘ باستهزاء أخبرتها !
‘ دع المنزل و انطلقي إلى الخارج’ قالت العجوز

‘ و لكن خارج منزلي لا يوجد سوى قبح ! أناس بقلوب ضريرة و أفعال دنيئة .. لا يوجد سوى نفاق بين البشر و شر و حروب و قتال .. حتى الطبيعة الجميلة لم تسلم من أذاهم !’

‘ الرداء سيغير كل شئ .. ثم إن الجمال بداخلك فلما تخافين !’ ابتسمت العجوز و رحلت كعادتها .. تجئ فجأة و ترحل دون مقدمات ..

كيف سأخرج من منزلي برداء بهذا السوء !

لم أجرؤ على أن أفتح باب منزلي و انطلق إلى الخارج كما أخبرتني العجوز ..

أبعدت ستائري المعتمة عن النافذة لأرى ما الذي يوجد بالخارج !
ما إن أبعدت الستائر عن النافذة حتى كاد النور أن يصيب عيني بالعمى من شدته ..

منذ متى لم أر النور ؟!
فتحت النافذة فشعرت بالهواء و كأنه ينبت لي أجنحة .. أنا أحلق .. أغمضت عيني .. شعرت بالامتنان لما أشعر به من راحة و هدوء ..
سمعت تغريد الطيور و رأيت العشب أخضرا رطبا ..
شعرت بقطرات الندى تلامس وجنتىّ ..
الأشياء تبدو مختلفة .. جميلة .. فوق قدرتي على التخيل أو الوصف ..
ركضت مسرعة إلى الباب لأفتحه على مصرعيه ..
لأنطلق !
كل شئ كان جميلا … أنا أحلق .. أحلق ..
رأيت أطفالا يضحكون .. يركضون ..
رأيت أناس وجوههم تشع خيرا و طيبة ..
كل شئ بدا لي كأنه مسحورا ..
أصارت مدينتنا المدينة الفاضلة ؟!
كأن عصا سحرية قد حولت القبح إلى جمال ..
سحر ؟! نعم .. تذكرت ! أنا أرتدي رداء سحري !
أعطتني إياه العجوز ..
و ليكن ! فلأستمتع بذلك الجمال !

جلست و ظهري متكئ على شجرة بينما أحدق في المكان و أبتسم للأطفال الذين يلعبون حولي ..
غلبني النوم ..
فآتتني العجوز بالمنام ..
أخبرتها أنني رأيت الجنة حين ارتديت ذلك الرداء !!
كان كل شئ جميلا .. سوى ردائي !
‘من أين أتى كل هذا الجمال ؟ ‘ سألت العجوز ..
فأخبرتني أن الجمال يكمن بكل شئ !!! و لكنني عجزت أن أبصره من قبل !

‘و لكن لما علىّ أن أرتدي رداء قبيح كهذا لأرى الجمال الكامن بكل شئ !’
لم تجبني العجوز .. و اكتفت بابتسامتها الغامضة !!
كعادتها !
ريهام مجدي القاضي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا