مقالات

الاستعمار وتأثيره على الهوية الثقافية

 

كتبت: إيمان قاسم

إن صفحات التاريخ شاهدة على أطماع الغرب في ثروات الشرق الأوسط، وانتهاج سلوك استعماري يستنزف موارد البلدان، واتجهوا إلى طمس الهوية العربية الإسلامية معتقدين أنه مثلما مهدت هشاشة وضعف تلك البلاد العسكري الطريق للسيطرة على أراضيها والاستيلاء عليها، فبإمكانهم محو هويتهم.

وحينما احتلت فرنسا الجزائر وانتهجت سياسات قمعية بهدف محو الهوية الثقافية الجزائرية، فعملت على حظر اللغة العربية في المدارس وفرض اللغة الفرنسية بدلًا منها، وإبان الحرب الأهلية قامت السلطات الفرنسية بتجميع السكان الجزائريين في معسكرات الاعتقال والمخيمات القسرية والتي من نتائجها فقدان الهوية، أما عن تصدي الشعب الجزائري لتلك المحاولات فقد قامت الحكومة الجزائرية بتغيير المناهج التعليمية والتي تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية واللغة العربية، حيث تعتبر اللغة العربية جزءًا أساسيًا من الهوية الجزائرية.

ومن التجارب التي أجرتها فرنسا ضمن محاولات القضاء على الهوية الإسلامية، تم اختيار عشر فتيات والحاقهن بالمدارس وروت عقولهم بالثقافة الفرنسية. الزي والعادات التقاليد الفرنسية، وصلت لمدة أحد عشر عاما تهدم في هويتهن الأصلية وتبني محلها الهوية الفرنسية، وحين آن الأوان بإعلان الانتصار على الهوية الإسلامية ومحو الدين الإسلامي من صدورهم واستبداله بدين آخر، فخرجن الفتيات بلباسهن الجزائري غير كاشفات لرؤوسهن ولا أجسادهن وسط ذهول من الحضور كله.

وفي مصر أثناء الاحتلال البريطاني حاولت الحكومة البريطانية فرض نظام تعليمي وثقافي بما يتوافق مع مصالحها، فانصب جل اهتمامها على تعليم اللغة الإنجليزية وترويج الثقافة البريطانية، فضلًا عن تقييد حرية التعبير والنشاط السياسي، وقمع أي حركة مناهضة للاحتلال.

واحلى تصدي الشعب المصري لتلك الممارسات عن طريق الكتابة والنشر والمشاركة في الثورات المسلحة مثل ثورة ١٩١٩ خلال فترة الاحتلال، وعلى الرغم من كل تلك المحاولات لمحو الهوية والثقافة المصرية إلا أن الشعب المصري استطاع الحفاظ على هويته، وظلت اللغة العربية جزءًا أساسيًا من الهوية المصرية.

وتواجه الدولة المصرية إدعاءات وتزييف الحقائق التاريخية بأن الحضارة المصرية القديمة كانت حضارة زنجية وأن أول من سكن شمال أفريقيا الأصليين من الزنوج، وأن المصري ذو البشرة البيضاء ليس من أصول مصرية، وأنه جاء من دول عربية وأوروبية محتلًا لمصر، وأن المصري تعود أصوله إلى السودان والمصري الحالي لا علاقة له بالمصري القديم.

وأخيرًا، إن هذه المحاولات تعد جزءًا من الجهود المضنية المبذولة بهدف إعادة تشكيل التاريخ والهوية وتحقيق أهداف سياسية، وفي الوقت الحالي تشكل وسائل التواصل الاجتماعي تحديًا في تغيير الهوية وتبني مفاهيم مغايرة أو فرض أفكار وثقافات المجتمعات أخرى غير إسلامية، وكذلك تغيير قيمهم ومعتقداتهم، لذا يجب توعية الأفراد حول مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي على الهوية وكيفية الاستخدام الصحيح لها، بجانب تعزيز الهوية الثقافية والوطنية للأفراد عن طريق تعليم التاريخ والثقافة الخاصة بهم، وتعزيز انتمائهم إلى هويتهم الأصلية.

قد يهمك أيضاً…

مفهوم الجندر وتأثيره على المجتمع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا