مقالات

حياة و طفولة ضائعة نتيجة لزواج القاصرات

✍ روان عبدالعزيز

 

الحياة ليست فردية ،الحياة علاقات مزدوجة مترابطة تتعدد وتختلف أنواعها ولكن ما يُجزَم به أنها هامة وضرورية ،فقيل في مثل شعبي قديم ” أيد لوحدها ما تسقفش”، فأحل الله -عز وجل- لنا العلاقات الشرعية التي تربط بين البشر بدون ذنوب ،فبعض العلاقات لسنا مخيرين فيها وإنما منذ نشأتنا وهي موجودة مثل الأسرة الأب والأم والإخوة وباقي الأهل ، ومن رحمة ربنا بنا أنه وضع لنا اختيار الأصدقاء ، والزوج أو الزوجة !

الزواج علاقة مقدسة فهي من سنن الحياة التي لا غنى عنها وقد وضعها الله لتعمير الأرض ،و لكن قد يجهل البعض أصول وأخلاقيات الزواج ويتم استخدامه بطريقة غير صائبة ،و له شروط حين تكتمل يعتبر بعدها الزواج صائبًا ،منها البلوغ والنضج والقدرة على التفكير الصائب وهذا ما قد يجهله أو يتجاهله البعض، ويلجأوا إلى تزويج بناتهم في عمر يتخطى البلوغ بسنون قليلة فيما يسمى بالزواج المبكر ، فينتج عنه علاقة زوجية فاشلة ، فكيف تنجح العلاقة وإحدى طرفيها صغير السن ،قليل العقل، ذو خبرة منعدمة تقريبًا، هذا إن لم يكُ طرفاها الاثنان هكذا..

 

توجد فكرة الزواج المبكر ويؤمن بها العديد من الأشخاص فالعديد من البلدان مختلفة الثقافة والدين، فيمكن اعتبار هذه المشكلة مشكلة عالمية ، و تنتشر الفكرة على الأغلب في البلدان النامية ، والذين تربطهم فكرة أن الزواج ستر للبنات وحماية لهن من قسوة الحياة ، وتصل أعلى نسبة في الزواج المبكر على حسب إحصائية الأمم المتحدة في أفريقيا بنسبة ٣٨% ،وجنوب آسيا ٣٠% ،وفي أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بنسبة ٢٥%، وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ١٧%، وفي أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى ١١%.

 

لا شيء يحدث هباءً أو يحدث لمجرد الحدوث وإنما توجد له أسباب تبرر حدوثه حتى إذا كانت هذه الأسباب غير منطقية أو مكروهة من قبل الآخرين ولكنها تظل أسباب تبرر الفعل ومن ضمن أسباب الزواج المبكر ما يلي:-

 

١– التفرقة بين الجنسين: البعض يبدي احترامًا وتقديرًا للذكور دونًا عن النساء ، فيتم النظر لهن على أنهن عبءً لابد من التخلص منه بالزواج وبالتالي تخفيف الحمل الاقتصادي عنهم بنقله إلى زوجها.

 

٢– العادات والتقاليد: يعتبر البعض أن الطقوس التي أتبعها الأجيال السابقة مقدسة ويتم السير عليها ،فهم كانوا يعتبرو أن البنات أصبحت نساء مجرد أن يبلغوا بل ويتم القطع من أعضائهن التناسلية حتى يتم نضوجهن فعليًا ،و يتم تزويجهن بعدها لتأخذ مكانتها كزوجة وأم وهذا ما يضرها وبل يحدث بها تشوهًا قد لا يفهمه بعض الجاهلين ولا يفقهوه.

 

٣- الفقر : الحالة الإقتصادية المتقهقرة التي بها بعض العائلات تجعلهم يلجأون لتزويج بناتهم لتخفيف العبء وتقليل المصروفات وأحيانًا ما يتم تزويجهن لسداد الديون أو تسوية للخلافات بأنواعها ، كما أنهم يحرمهن من التعليم على اعتقاد أن الذكور أحق بهذا فتعليم البنات ليس له فائدة فزواجهن أنفع للجميع.

 

٤- انعدام الأمان: خوف الأهل على بناتهم يجعلهم يتطرقون للزواج المبكر وبشكل أخص في المناطق التي بها زيادة في التحرش والاعتداءات الجنسية ، فأي مشكلة تواجه الأهل للأسف تجعلهم يزوجون بناتهم اعتقادًا أن الزواج هو الحل الأمثل للمشكلة.

 

أي فعل سيء خاطئ غير مدروس ،يأخذه أشخاصًا جاهلون ليس في التعليم وإنما في الشرع والمنطق ينتج عنه أخطار جسيمة من الممكن عدم إصلاحها أو إنقاذ ما تبقى منه فقد يكون الوقت قد فات ومن مخاطر الزواج المبكر :-

 

١- الحمل المفاجئ في وقت مبكر: فحين تكون الفتيات صغيرات قد تضيع حياتهن بسبب الحمل الذي من الممكن لا تستطيع تحمله أو ممكن أن يؤثر على حياتها الإنجابية فيما بعد.

 

٢– العنف والإساءة الزوجية : فرق العمر والثقافة وصغر سن الزوجة قد يجبرها على فعل ما لا تريده مثل العلاقة الزوجية التي تحدث بغير إرادتها وعدم فهمها من الأساس لما يحدث، فيتم انتهاكها أو ضربها أو التعدي عليها باختلاف الطرق .

 

٣- الموت العاجل : فتعرض طفلة صغيرة تحت سن ١٥ عامًا لا يمكن مقارنتها بامرأة في العشرين من عمرها ،وقد تفقد حياتها بما يقرب لخمس مرات عن المرأة الناضجة ، ومعرضة أيضًا لأمراض ما بعد الولادة كالناسور.

 

٤- نقص التعليم: يمنع الزواج المبكر الفتاة صغيرة السن من إكمال تعليمها في المدرسة على الرغم من إكمالها لتعليمها قد يمنع عنها وعن عائلتها الفقر بل ويمنحها فرصًا أفضل في حياتها القادمة.

 

نشر الوعي ومحاولة الحد منه أمرًا لابد من إجرائه ولا يمكن تجاهله حتى لو لم يلق الصدى المطلوب ، وهذه بعض المحاولات التي يتم فرضها على المجتمع:- 

 

١- دعم التعليم وإلزامه بعد المرحلة الإبتدائية : التفكير في التعليم وإلزامه للبنات يجعلهن أقل عرضة للزواج المبكر والموافقة عليه .

 

٢- وضع القوانين اللازمة للحد من الزواج المبكر : بالفعل توجد قوانين رادعة لزواج القاصرات إلا أن البعض لا يطبقها فأخذ هذا في الحسبان يجعل المسؤلين يفكروا بطريقة أخرى لوضع قوانين أكثر قوة والزامًا لا يمكن تخطيها.

 

٣- دعم الفقراء بحوافز مادية : مراعاة و أخذ أسباب الزواج المبكر في الاعتبار يأخذنا إلى كيفية معالجتها وهذا الدعم المادي للآخرين يساهم في تأخير الزواج قدر الإمكان.

زواج القاصرات نهاية لحياة أطفال لم تبدأ بعد ، محاولة ساذجة من الأهل لجعل حياة أطفالهم أكثر سعادة فيحولوها لجحيم من ما تلاقيه من زوجها هذا إن عاشت من الأساس ، فليس من حق أحد غصب الفتاة أو اختيار حياتها بهمجية فيتم زواجها وهتكها بدون فهمها لما يحدث ، الأطفال أمانة من الله للأهل ،تقدير المرأة من صغرها واحترامها والحفاظ على حقوقها واجب من راعيها ، وكما قال رسول الله صل الله عليه وسلم ” اتقوا الله في الضعيفين المرأة واليتيم” صدق رسول الله صل الله عليه وسلم ، و كما وصفهن رسولنا الكريم بالمؤنسات الغاليات .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا