مقالات

يا صبر أيوب

كتبت : منار بدر

إذا ذُكر لفظ الصبر في أي موقف وجدنا ذكر سيدنا أيوب معه من دون تفكير ، وقد ضُرِب بسيدنا أيوب المثل في الصبر فنقول كثيرًا في أمثالنا الشعبية ( يا صبر أيوب ) ، فعلى ماذا صبر سيدنا أيوب ،ليُضرب به المثل ؟

ذكر علماء التفسير أن أيوب كان رجلًا كثير المال ؛ فكان يملك من الأنعام والعبيد والمواشي والأراضي المتسعة، وكان له من الولد والأهل الكثير ، فسُلب منه جميعه ، وابتُلي في جسده بأنواع من البلاء ، ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه ، يذكر الله عز وجل بهما ، وقيل أنه كان أول من أصابه الجدري وهو في ذلك كله صابر محتسب ، فكان ذاكرًا لله عز وجل في ليله ونهاره وصباحه ومسائه.

وطال مرض أيوب عليه السلام حتى أوحش الناس منه ، وأخرجوه من بلده وأُلقي إلى خارج بلدته، وانقطع عنه الناس إلا امرأته ؛ فكانت تحنو عليه وترعى له حقه ، وتعرف قديم إحسانه وشفقته عليها ، فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه ، وتعينه على قضاء حاجته ، وتقوم بمصلحته، حتى ضعف حالها ، وقل مالها ، حتى كانت تخدم الناس بالأجر ؛ لتطعمه ، وصبرت معه على ما حل بهما من فراق المال والولد ، غير صبرها على مصيبة زوجها ، وضيق اليد وخدمة الناس بعد السعادة والنعمة التي كانت تعيش فيهما من قبل !

وقيل أنه كان يتساقط لحمه حتى لم يبق إلا العظم والعصب ، فكانت امرأته تأتيه بالرماد تفرشه تحته ، فلما طال عليها ، قالت : يا أيوب ، لو دعوت ربك لفرج عنك ، فقال : قد عشت سبعين سنة صحيحًا ، فهل قليل لله أن أصبر له سبعين سنة ؟

ثم إن الناس لم يكونوا يستخدمونها ؛ لعلمهم أنها امرأة أيوب ، خوفًا من أن تنقل لهم أمراضًا لمخالطتها له ، فلما لم تجد أحدًا يستخدمها، باعت لإحدى بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها مقابل طعام طيب كثير ، فأتت به أيوب ، فقال : من أين هذا الطعام ؟ ، فقالت : خدمت به أناسًا ، فلما كان الغد لم تجد أحدًا لتخدمه فباعت الضفيرة الأخرى فأتت بطعامِ له ، فحلف ألا يأكله حتى تخبره من أين هذا الطعام ؟ فكشفت عن خمارها ، فلما رأى رأسها في هذه الحالة قال في دعائه : ” ربي إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ”

ياصبر أيوب
ياصبر أيوب

وقال ابن أبي حاتم وابن جرير أن أيوب عليه السلام( كان يخرج في حاجته ، فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يرجع ، فلما كان ذات يوم أبطأت عليه ، فأوحى الله إلى أيوب في مكانه ، أن : ” اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ” ، فاستبطأته فتلقته تنظر ، وأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء ، وهو على أحسن ما كان ، فلما رأته قالت : أي بارك الله فيك! هل رأيت نبي الله هذا المبتلى ! فوالله القدير على ذلك ما رأيت رجلًا أشبه به منك إذ كان صحيحًا ، قال : فإني أنا هو .

وقوله تعالى ” اركض برجلك ” أي: اضرب الأرض برجلك ، فامتثل ما أُمر به ، فأنبع الله عينًا باردة الماء ، وأُمر أن يغتسل فيها ويشرب منها ، فأذهب الله عنه ما كان يجده من الألم والأذى ، والسقم والمرض ، الذي في جسده ظاهرًا وباطنًا ، وأبدله الله بعد ذلك كله صحة ظاهرة وباطنة، وجمالًا تامًا ومالًا كثيرًا ؛ حتى صب له من المال صبّا .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لما عافى الله أيوب عليه السلام أمطر عليه جرادًا من ذهب ، فجعل يأخذه بيده ويجعل في ثوبه، قال فقيل له : يا أيوب أما تشبع ؟ قال : يا رب ومن يشبع من رحمتك )

وروى الضحاك عن ابن عباس : أن الله ردّ لامرأته شبابها وزادها حتى ولدت له ست وعشرين ذكرًا .

وقال الله عن سيدنا أيوب ” إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب ” ؛ فكان نعم العبد الصابر المؤمن بربه إيمانًا شديدًا .

فكانت قصة أيوب بمثابة تذكرة من الله إلى عباده ؛ فيختبر الله عباده فيبتليهم في جسدهم أو مالهم أو أولادهم أو صحتهم ليعرف مدى صبرهم وإيمانهم به ، حتى يفرج الله عنهم ، فلنتخذ نبينا أيوب قدوة ونعم هو القدوة !

وما أعظم فضل زوجته وصبرها الشديد ومراعاتها لزوجها فرضي الله عنها وأرضاها ، ولنعلم أنه يُبتلى الرجل على حسب دينه.

اقرأ أيضًا: 

الشعر الأبيض والتخلص منه بطرق طبيعية

أسرار العلاج بالتدليك

فوائد المورينجا الطب البديل لأمراض عديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا