مقالات

حرية المجرم في ارتكاب الجريمة

كتبت : مني النجار

عندما نتحدث عن مسئولية المجرم وحريته في ارتكاب جرائمه يقودنا الحديث إلي فكرة العقاب، فإذا كانت المسئولية هي تحمل الفرد نتيجة أفعاله فالعقاب هو النتيجة المباشرة عن تحمل تلك المسئولية.

لكن المشكلة التي تواجه عملية تنفيذ العقاب هي مشروعيته، بمعني أن كل إنسان يقوم بفعل يكون وحده المسئول عنه .

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هل إذا صدر من الإنسان فعلا لا أخلاقيا أو خارجا عن القانون نعتبره مجرما ونحمله وحده نتائج الفعل أم أن هناك ظروف وعوامل لها تأثير وأطراف أخري يجب أن تتحمل نتائج الفعل معه ؟

حرية المجرم في ارتكاب الجريمة
حرية المجرم في ارتكاب الجريمة

فإنه مهما كانت حرية الإنسان فلا يمكن إهمال ظروفه وأنه خاضع لحتميات ( عوامل بيئيه وتربوية ونفسيه ودينية واجتماعية ) لها دور وتأثير كبير في نشأة الفرد ودوافعه لارتكاب فعل لا أخلاقي أو خارج عن القانون.

فالمجرم ليس مسؤول وحده عن جرائمه!

ولقد أثبتت الدراسات الحديثه في علم النفس والاجتماع أن دوافع المجرم النفسية والاجتماعية قد تدفعه لارتكاب أفعال من الممكن عدم ارتكابها في ظروف أخري.

وأثرت تلك الدراسات علي المشرعين وغيرت نظرتهم إلي عقوبة المجرم ومدي حريته ومسؤليته لأفعاله ، والغاية من عقوبة المجرم وأيضا تطوير أساليب التعامل معه للتفكير في تقويمه وضبطه وإصلاحه وإعادة دمجه في المجتمع .

وهذا ما يتبناه أصحاب نظرية فيري العالم الإيطالي الذي يري أن المجرم لا يولد مجرما ولكن تصنعه ظروف بيئته الفاسدة.

لأن الجريمة نتيجة حتمية لمجموعة من العوامل والمؤثرات توافرات لوقوع الفعل اللا أخلاقي.

لكن الأخذ بهذا الموقف يلغي المسؤولية والعقاب علي المجرم

فيزداد عدد الخارجين عن القانون والمجرمين في المجتمع ، ومن ثم يجب أن يكون المجرم متحمل لجرائمه لأن لديه الحرية ولو محدودة في اختيار أفعاله خير أم شر!

وكذلك لأن العقاب يوقع علي المجرم كنظرية للثواب والعقاب عند بعض الفلاسفة ويحدد طبقا للجريمة الذي تم ارتكابها، فالعقاب هنا مشروع عادل حتي لا تشاع الجريمة والفحشاء في المجتمع ويكون العقاب رادع لمن تسول له نفسه بارتكاب أي جريمة مثيلة أخري .

حيث إن الشخص الشرير يختار بإرادته بعيدا عن كل العوامل فعل هذه الجريمة دون النظر للتوابع والنتائج المترتبه عليها .

وكون الإنسان حر وعاقل فهذا يحتم فرضية العقاب كنظرية حتمية لكل فعل ورد فعل .

لأنه في النهاية لديه عقل يميز به الخير أم الشر وهو مخير لا مجبر،

والغرض من العقاب هنا هو وضع ضوابط مجتمعية لضبط وتقويم وإصلاح المجتمع.

ونجد أن في هذين الاتجاهين تناقض لأن كل جانب يهتم بجانب علي حساب الآخر، فنجد الجانب العقلي الذي يهتم بالردع ومحاسبة المجرم علي مسئوليته لأنه حر أفعاله وبالاتجاه الإنساني والاجتماعي الذي يراعي عوامل وظروف خضع لها المجرم دفعته لارتكاب جريمته.

وعلى ذلك يجب أن تتحدد درجة العقوبة تبعا للظروف والدوافع.

وفي ذلك اعتراف ضمني بمدي مسئولية المجرم في ارتكاب الجريمة وذلك لأن مسئوليته في ارتكاب الجريمة تحمل نتائج اختياره وفعله بحرية.

مما يضمن ممارسة سيادة القانون وضبطه لفئات المجتمع باختلافها.

اقرأ أيضًا: 

الإبتزاز الإلكتروني والوقوع في الفخ

جرائم بين زوجين كيف

أسباب ازدياد معدل جرائم القتل بين الأفراد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا