ورود ورياحين من حياة الخلفاء الراشدين “أبو بكر الصديق”
بقلم: ياسمين خالد
أبو بكر الصديق هو عبد الله بن عثمان بن عامر، واسم عبد الله هو اسم أسماه الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعد أن كان يسمى في الجاهلية عبد الكعبة. أطلقت عليه أمه كنية أبي بكر؛ لأنه أول من بكّر في الحياة من أبنائها، حيث لم يعش لها أولادا قبله. عاش الصديق (رضي الله عنه) في رفاهية من العيش، ورغد من الحياة، وتعلم القراءة والكتابة، مما جعله عالما بأنساب العرب وتاريخهم.
للمزيد من المقالات أضغط هنا
الصديق مع خاتم النبيين (صلى الله عليه وسلم) :
كان الصديق (رضي الله عنه) يصغر النبي (صلى الله عليه وسلم) بسنتين وأشهر قليلة، فجمع بينهما التقارب في السن، واتفاقهما في حسن الخلق وصفاء الروح، مما جعلهما صديقين حميمين. عندما بُعث الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وأخبر صديقه ودعاه إلى الواحد الأحد، لم يتردد أبو بكر (رضي الله عنه) في إجابته، وصدقه، وكان أول الرجال إسلاما، كما شارك في الدعوة إلى الإسلام وأسلم على يديه الكثير من عظماء الإسلام.
ورود ورياحين من حياة الصديق قبل الخلافة :
أخذ أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) يدعو الناس إلى الإسلام، ويبذل أمواله في الدفاع عن الضعفاء الذين أسلموا، ويعتق رقاب الأرقاء، ومنهم بلال. كل هذا كان يزيد من أذى قريش له، فقد غالت قريش في العدوان على الصديق (رضي الله عنه) حتى سألت منه الدماء، كما كان يدافع (رضي الله عنه) عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ويفديه بحياته.
عندما خطب الرسول (صلى الله عليه وسلم) السيدة عائشة، الصديقة بنت الصديق (رضي الله عنها)، فرح أبو بكر فرحا شديدا، فقد زاد هذا النسب صلته بالرسول (صلى الله عليه وسلم). لم يأتِ لقب الصديق من فراغ، فقد كان مصدقا للرسول (صلى الله عليه وسلم) مهما كذبه قومه، وعندما سمع برحلة الإسراء والمعراج، قال أبو بكر الصديق (رضي الله عنه): لئن كان قد قال ذلك فقد صدق… ثم قال للرسول (صلى الله عليه وسلم): أشهد إنك لصادق.
بالإضافة إلى ذلك، رافق أبو بكر (رضي الله عنه) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الهجرة، وأعد رواحل السفر لهما، وكان معه في الغار يخشى عليه إيذاء الكفار. عندما هاجر الصديق (رضي الله عنه) إلى المدينة، اتخذ دار تجاور دار أبي أيوب الأنصاري التي كان بها الرسول (صلى الله عليه وسلم).
ظل رضي الله عنه بمثابة الوزير الأول لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) يستشيره في كل أمر، وشارك في الغزوات وصلح الحديبية، ولم يبخل بماله في سبيل الله، بل أنفق جميع ما يملكه، كما حج مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حجة الوداع. عندما اشتد المرض بالحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، أمر أن يصلي الصديق (رضي الله عنه) بالناس بدلا منه، كما أمر صلى الله عليه وسلم أن تُسد أبواب المسجد إلا باب أبي بكر.
ورود ورياحين من حياة أول الخلفاء الراشدين
ارتضى المسلمون بأبي بكر الصديق (رضي الله عنه) خليفة لهم؛ لما له من سابقة في الإسلام، ومحبة الرسول (صلى الله عليه وسلم) له، ودخول عدد من السابقين في الإسلام على يديه، وغير ذلك الكثير. واجه الصديق (رضي الله عنه) في خلافته كثير من الفتن التي طرأت على المجتمع الإسلامي، منها: حروب الردة وتأديب مانعي الزكاة.
أرسل الصديق (رضي الله عنه) جيش أسامة بن زيد (رضي الله عنه) الذي تم تجهيزه قبل وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وانطلق إلى حدود فلسطين، ثم عاد ظافرا منتصرا، كان ذلك رغم حروب الردة التي بدأت بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فكان لزاما تأمين حصانة للدعوة والدفاع عنها ورد الذين هاجموها. حقق المسلمون في حروب الردة انتصارا كبيرا، وقُتل مسيلمة الكذاب، واستُشهد عدد كبير من حفظة القرآن الكريم، مما أدى إلى تفكير الصديق (رضي الله عنه) بجمع القرآن الكريم، فأمر زيد بن ثابت بجمع القرآن الكريم، وكان هذا أول جمع للقرآن الكريم. لم يتوقف الصديق (رضي الله عنه)، بل أرسل جيوشه إلى الفرس والروم.
عُرف عن الصديق (رضي الله عنه) التواضع، حيث اندهش ملك حِميَر الذي كان يرتدي التاج الذهبي عندما ذهب إلى المدينة للقاء الخليفة، فوجده بلا حاشية ولا قصر يرتدي قميص متواضع، مما جعل الجاه يتضاءل في عينيه وخلع تاجه؛ ليقتدي بالصديق (رضي الله عنه) خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وفاة الصديق :
امتدت خلافة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) حوالي سنتين وثلاثة أشهر، لكنه أنجز فيهم أعمال جسام تستغرق عشرات السنين، وعندما شعر بدنو الأجل، استخلف الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على المسلمين، وتُوفيّ الصديق (رضي الله عنه) في الثالثة والستين من عمره، فرحم الله الصديق وجزاه عن الإسلام والمسلمين أوفى الجزاء.
